المملكة المفقودة من خرائط العالم ورحلة من رحلات رحال الخبر لهذه المملكة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله على تسهيله وامتنانه ببلوغ بلاد العالم باليسر والسلامة، واشكره على كريم عطائه وتقديره وعلينا بعد بلوغها نشر ما بلغناه ، وبسط ما رأيناه وشاهدناه ، وها أنا اليوم أسدد العهد بنشر ما يسّر لنا الميسّر من رحلة في طرف العالم ربما لم يسمع بها أحد من قبل ...

ومن خلال هذا الكتاب وددت أن اتكلّم عن رحلة من رحلاتي الجميلة والغريبة في ملكوت الرحمن ، ولاأخفي عن قرائي الاعزاء إن ماشدني كثير في سفرتي لهذا البلد البعيد والصعب في إجراءات الدخول وكأنك في منطقة معزولة عن العالم هو عدم السماح للسياح بالتمشية على كيف ما أرادو ، ولابد أن يكون معهم مرافق من أهل المملكة مثل الكفيل ، وهي تمثل شركة سياحية تاخذهم من المطار وتستلمهم وتدور بهم في الدولة ، وكل ما يشاهدونه إنما هو برقابة المرشد والسائق فما لك حق في التجول بحريّة الا معهم ، بل لايتركونك مطلقاً إلا إذا دخلت الفندق لحالك ...

بصراحة الدولة من أجمل ماشفت من الدول وهي مملكة من ممالك العالم القديم بقى كل شي على شكله التاريخي من ديانتهم ومعتقداتهم وملابسهم وابنيتهم ...

حتى الآداب العامة والعلاقة مع الناس ظلت قائمة وبصرامة مثل لباسهم وطريقة بنائهم بل حتى نوع الطعام ووصل الأمر لمنع الذبح للحيوانات في أرضهم كونهم بوذيين متمسكين بدينهم وكل اللحوم المذبوحة تأتي مبرّدة من الهند.

 ورغم هذا القوة في الإلتزام بتعاليم دينهم وقوة تمسكهم بقرارات الدولة من الملك ذو التسع زوجات والذي سلّم الحكم لأبنه الشاب بعد أن وصل الملك الأب للخمسين عام إلا أن الدولة والمملكة مستحلة استحلال كامل من الهند بعد أن أستلمت الهند ميراث الإستعمار من بريطانيا على هذا البلد الفقير ، والجيش هندي بالكامل وهو يتحكم بالسياسة الخارجية للمملكة، ومع أنهم أقرب للصين بدينهم وأشكالهم لكن هذا قدرهم بعد خروج بريطانيا التي حكمت السياسة الخارجية وأبقت لهم الحكم الذاتي وورثت حكومة الهند المملكة التي ظلت مفقودة ومنزوية عن العالم لاتسمع عنها الا همسا ولاتعرف لها طريقا وهو ماجعلها مكسباً للرحّالة والمستكشفين يخرجون مايرونه للعالم ولعلنا نوفق في عرضها لكم ..

فمن هي هذه المملكة المفقودة وكيف هي ولنميط اللثام عنها بهذا التقرير الترحالي البسيط نأخذكم في جولة عبر جبال الهملايا مرورا بكشمير والنيبال والتبت ومرتفعات الهند في دارجيلنج لنصل اليها في مكنون تاريخي طبيعي نادر نستكشفه سويا..

إنها مملكة بوتان والتي تقع على سفوح جبال الهملايا من الجهة الشرقية 

ومن ما يحزن اكتشافي لهذه المملكة ، كونها من الأراضي التي لم يرفع فيها آذان بمساجد ولا ذكر لله إلا نسبة قليلة تقدر ب 4% فقط من نسبة سكان بوتان ويسكنون محاذاة الجنوب الهندي ، أو ممن جاءها يسعى مثلي وأمثالي من السياح والمرتحلين المسلمين وأما أهلها فهم 60% من البوذيين المنقطعين عن العالم و35% من الهندوس ،وحتى الديانات الأخرى نادرة ولا يوجد فيها مسجد ولاكنيسة حسب تجوالي في اكبر مدنها ومناطقها فلايوجد غير معابدهم البوذية التي تنتشر في كل جبل ووادي .

ولعل أجمل وقت لزيارة مملكة بوتان هو في مابين شهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر لكون الجو متوسط الحرارة وقليل الأمطار وتنوع الخضرة البهيجة .

رحال الخبر يحييكم من وادي بارو بمملكة بوتان

مملكة البوتان سياسيا وتاريخيا:


مملكة بوتان من الممالك والأراضي التي لم تتعرض للغزو على مر عصورها نتيجة تواجدها الصعب في حضن جبال الهملايا العسيرة المسالك وطبيعة أهلها المقاتلون وفي نفس الوقت مسالمون فلايتعرضون لغيرهم ، ولكن في نهايات التواجد الغربي بمنطقة أسيا كان لها مع بريطانيا أحتكاك وليس استعمار، وفي حروب مستمرة للتنازع في حدودها الجنوبية السهلة مع الهند وكانت الحروب استنزافية بين كر وفر، وفي عام 1865م وقعت مملكة بريطانيا مع مملكة بوتان معاهدة يطلق عليها اسم (Sinchulu) وبموجبها تتحصل بوتان على إعانة سنوية مقابل التنازل عن بعض الأراضي الحدودية لشركة الهند الشرقية وهي التي تحتل الهند كاملة ، وتحت النفوذ البريطاني ، وتم الاتفاق بهذا حتى عام 1907م وهي سنة مفصلية حيث قام الملك المختار من الرهبان البوتانييين وهو الملك  يوغيين انغشوك وتم اختياره بالاجماع ، وتم عام 1910م الاعتراف بهذا الاختيار من قبل بريطانيا وبعد ثلاث سنوات تم التوقيع على معاهدة أخرى وافقت بموجبها مملكة بوتان للسماح ببريطانيا بإدارة السياسة الخارجية مقابل عدم التدخل بالشؤون الداخلية لبوتان.
ومن المفترض أن ينتقل هذا الإتفاق بين بوتان وبريطانيا للهند بعد استقلال الهند عام 1947م حيث أن بوتان أول دولة تعترف باستقلال الهند ، واستمرت الهند بما كان من اتفاق بين بريطانيا وبوتان شمل هذا التحكم بسياسة بوتان الخارجية وأمور الدفاع والتحكم ببعض الأراضي الداخلية وذلك بعد توقيع معاهدة مع دولة الهند المستقلة عام 1949م .

علم مملكة بوتان

يمثل علم بوتان برمزية النصفين للسلطتين فالنصف الأعلى والذي باللون الأصفر يمثل علمانية الملك والنصف البرتقالي الاسفل يمثل الدين البوذي والتنين يمثل دولة بوتان ومايحمله في مخالبه من اربع جواهر تمثل الثروة والكمال للبلاد.



في عام 2005 تم تغيير جذري بسياسة بوتان بعد أن أعلن الملك البوتاني (جيغمي سينغي وانجتشوك) مشروع الدستور للحكومة وبموجبة تم ادخال اصلاحات ديموقراطية للبلاد وتم استفتاء شعبي للموافقة عليه في ديسمبر عام 2006م .
وفي عام 2007م تم تنازل الملك الاب لأبنه ( جيغمي خيسار نامجيل ) وفي ذات السنة تم التباحث مع الهند لأخذ مزيدا من الحكم الذاتي وفي تسيير سياستها الخارجية ، وواصل الملك الابن مع نيودلهي ذلك الامر ، وخلال عام 2008م تم انشاء أول برلمان منتخب بالبلاد وصدق على أول دستور .
وهناك مازالت مشكلة 43 الف لاجئ بوتاني في دولة النيبال المجاورة ضمن مخيم الامم المتحدة للاجئين دونما حل .
مملكة بوتان لها علاقة دبلوماسية مع 52 دولة ولكن لاتوجد الا سفارتين في البوتان وهي سفارة الهند وبنغلاديش وأما تايلند فلها قنصلية .
كما أنه لعلاقات بوتان مع الهند القوية فإنه يسمح لمواطني البلدين من التجول والدخول بدون أي إذن مسبق أو فيزا .
ويعمل بموجب هذا العرف جميع مواطني البوتان في الاراضي الهندية بلا اي عائق وايضا الدراسة والتدريب وكذلك للهنود.
ومع ماتملك البوتان من علاقات متينة مع جارتها الجنوبية الهند فعلى العكس مع جارتها الشمالية الصين فهي على غير ذلك فما زالت الحدود غير منتهية فهناك 269 كلم يدور حولها النقاش 

شعار مملكة بوتان

يمثل الشعار البوتاني لرمزية الدين والوطن فالصواعق المزدوجة وضعت فوق زهرة اللوتس وفي القمة جوهرة ويحرسها تنينين ، فالصواعق تمثل الانسجام بين السلطة العلمانية والدينية وتمثل زهرة اللوتس النقاء ، كما تمثل الجوهرة بالأعلى السلطة السيادية وحيواني التنين يمثلان دراك-يول وهو مايطلق على بوتان (أرض رعد التنين)


مملكة بوتان الطقس والجغرافيا:

تتميز مملكة بوتان بتواجدها في ثلاث تضاريس متباينة ونادرة فمن المنطقة شبه الاستوائية بالجنوب إلى المعتدلة في الوسط إلى المتطرفة كالمناطق القطبية بالشمال والتي تكسوها الثلوج طوال العام ...

كما ان لمملكة بوتان خمسة فصول نتيجة تواجد تلك المناطق المتباينة والنادرة فمن الصيف ودرجات الحرارة المرتفعة جنوبا إلى المعتدلة بالوسط وثم الرياح الموسمية التي تسبق الخريف ثم الخريف والشتاء القارس وبعده الربيع المعتدل .

وتتركز الأمطار الموسمية في غرب بوتان مع الهند ومقابل النيبال ، كما يتميز الجنوب بطقس حار رطب صيفا وهو المقابل لبنغلاديش وبينهما شريط للهند ، وأما الوسط فهو المرتفعات المتوسطة فمعتدل عموما ولكنه يميل للحرارة صيفا والبرودة القارسة شتاء وهي المنطقة التي يسكنها أغلب الشعب البوتاني تقع فيها العاصمة وأكبر المدن .

حدود مملكة بوتان من جهتين شمالية مع الصين بطول 470 كلم ومن الجنوب مع الهند بطول 605 كلم ولايوجد لها منفذ بحري
مملكة بوتان أغلبها جبلية وعرة ولكن يتخللها الوديان والسهول البسيطة التي يستغلها السكان للزراعة والسكن .

فالأراضي الصالحة للزراعة: 2.49٪ فقط ، وأما المحاصيل الدائمة: 0.46٪ وهي التي تستخدم سفوح الجبال ، وأما بقية المناطق الاخرى وهي الجبلية والوعرة والغير صالحة للزراعة والسكن فتشكل مانسبته: 97.06٪ وهي نسبة كبيرة وهو مايحد من عد السكان الذي لم يصل لما فوق المليون فهو فقط 700 الف نسمة .

وتعتبر أخفض نقطة بمستوى 97 متر للجنوب وهي منطقة درانجم Drangeme وأما أعلى نقطة في البوتان فهي قمة جبل جانقار Gangkar Puensum ومستواها عن سطح البحر يقدر بـ 7570 متر وهي من ضمن سلسلة جبال الهملايا .
وهنا موقع مملكة بوتان من العالم 

ترى نقطة مملكة بوتان الصغيرة شمال شرق الهند وجنوب الصين 

 السكان في مملكة بوتان :

يعتبر تعداد سكان مملكة بوتان ضئيل ولكن تحكمه الرقعة الصالحة للسكن فهي لاتتعدى مانسبته 2.5% فقط لذلك تعدادهم سبع مائة الف نسمة .

أحد المناسبات البوذية في قصر تيمبو العاصمة

ومن الملاحظ أن السكان مرتبطين بتقاليدهم بقوة فهم لايزالون يعتمدون ارتداء الملابس التقليدية للتعبير عن فخرهم بوطنهم ، فترتدي النساء مايطلق عليه أسم (كيرا) وهو عبارة عن قميص حريري مع تنورة طويلة ، فيما يرتدي الرجال مايسمى بـ (غو)  وهو ثوب كأنه بالطو بأكمم طويلة مع حزام أوسطه ويصل للركبة فقط ومع جوارب صوفية طويلة تصل للركبة أيضا ، ويتم وضح وشاح بالوان تعتبر ذات مغزى طبقي ورسمي لطبقات المجتمع البوتاني للرجال.
ويعتمد لون الأكمام للرجال على الحالة الاجتماعية وللنساء كثافة الحلي وخاصة الحمراء منها ، فالمجتمع البوتاني يعتمد الطبقية الاجتماعية ، كما أن اللباس الوطني واجب لكل من يدخل للمقرات الحكومية والمدارس والدوائر الحكومية عموما وحتى مجال السياحة ايضا ويندرج هذا الحكم أيضا على تصميم المباني فستوجب على من يبني أو يرمم أن يراعي التصميم البوتاني الأصيل ولايجاز الا بموافقة البلدية .

لعبة الكيرم من الالعاب المستوردة من الهند وتعتبر لعبة اهل المدن

السعادة القومية هي مؤشر للناتج القومي وهي الدولة الوحيدة التي تعمل لأجل ذلك:

ليس غريبا أن  تفخر مملكة بوتان ذات الديانة البوذية بما يسمى بـ (السعادة القومية الإجمالية) كمؤشر اقتصادي بديلا عن الناتج القومي الإجمالي لتقييم رفاه سكان المملكة وعلى احتفاظها بتقاليدها بالرغم من ظاهرة العولمة . وهي الدولة الوحيدة بالعالم تنتهج هذا المبدأ ولديها لجنة وطنية لقياس مكونات السعادة القومية والمتمثلة في ثلاث أمور أولها الصحة ثم حيوية المجتمع ثم حماية الارض والمحميات الطبيعية والتي تشكل 70% من اراضي مملكة بوتان  كما يعتز السكان بهذا المبدأ في رفع الرفاه والتعليم وخاصة من قيم الأجداد والاباء ، فمملكة بوتان تعتبر كعائلة صغيرة في عالمنا اليوم تجاهد في البقاء بعيدا عن العولمة التي افسدت كل من دخلت عليه .


وبالطبع كان لتأخر التطوير فيها سببا في ذلك الاحتفاظ بالتقاليد نضرب مثلا عدم وجود طرق حديثة معبدة الا في ستينات القرن الماضي وكذلك الهاتف والعملة الوطنية.
ولم تنفتح مملكة بوتان على العالم الخارجي الا في سبعينيات القرن المنصرم ، كذلك لم يجاز التلفزيون بالمملكة الا في عام 1999م فقط ، كما أنها حريصة على منفذ السياحة التي تؤثر سلبا بما تحافظ عليه من قيم قديمة ، ومن ذلك عم السماح للسياح بالدخول الا عبر مؤسسات مرخصة تقدم دعوة لدخول السائح وعبرها تمكنه من الدخول للبلاد بشرط السكن والمواصلات المحددة مسبقا .

الحالة الاجتماعية والدينية في مملكة بوتان:

من الاشياء التي يتمسك بها البوذيين في بوتان هو الرقم 108 وهو مرتبط بعدة أمور منها الأعلام ال108 التي توضع بعد دفن الميت في قمم الجبال ومنها الـ 108 معبد بوذي في محيط جبال الهملايا ومنها الـ 108 جسر من السلاسل الفولاذية الممتدة على  أنهر جبال الهملايا ، وهذا الرقم له أسطورة تحيكها الترانيم البوذية وبخاصة في معابدهم ومهرجاناتهم وتتمثل في وصية المعلم البوذي الرنبوشي والذي أمر الملك التبتي ترايسونج ديتسين ببناء معابد بعدد 108 في كل نواحي منطقة التبت ومحيط جبال الهملايا وهو من شأنه أن يدحر الشيطان ويقوي مملكة التبت ، ويقع إثنان من المعابد الـ 108 في نواحي التبت في مملكة بوتان وهما الاول في مدينة بارو ومازال والآخر في بومثانج وبني عام 637م .

من الحالات الغريبة هو حرية الزواج فالملك جيغمي قد تزوج الكثير من النساء ،والاغرب من ذلك الاربع الحالية كلهن أخوات وهذه من الحالات الغريبة ، كما أن النظام الملكي البوتاني والذي يدين به كل البوتانيين يقوم على أن الإرث يكون للنساء فقط دون الرجال ، ولذا فالمنزل يرجع للنساء وكذلك الاملاك والاموال .
كما أن الرجل إذا اراد الزواج ينتقل لمنزل الزوجة ، وعلى الرغم من تغير بعض القيم الاجتماعية نظرا للانفتاح الغربي لكن مازال الزواج في بوتان وخاصة بالمناطق القروية يكون ضمن علاقة الاسر مع بعضها ويتم الاختيار من قبل الام والاب في علاقة عائلية مقفلة وبطقوس محافظة .
ومن الامور الغريبة في عادات وقيم البوتانيين هو مراسيم الموت فبعد وفاة أحدهم وبعد عدة طقوس من الصلاة والترانيم يذهبون بجثته على سفوح الجبال وبعد الدفن يوضع مائة وثمانية عمود من الخشب معلق بها رايات من القماش بها ترانيم بوذية ، ويتوجب أن تكون الجهة لغرس تلك الأعمدة أن تشرف على مياه كالأنهار أو البحيرات وهو نوع من اكرام الميت وجعل روحه تسبح في طبيعة بوتان المميزة .
ولغرابة بعض الطقوس لديهم فالاطفال دون الثالثة لايتم دفنهم بل يتم القائهم بالأنهار الجارية ليتم التهام جثثهم النسور والمفترسات ...
 ومن الأمور الجيدة هو منع التدخين بالمملكة منعا باتا وهو من سلطة الملك الذي يرفض أن تكون هذه العادة الدخيلة والمسببة للأمراض والتلوث بأن تكون ضمن عادات بلاده ومواطنيه .
كما ان التلفزيون كان الى وقت قريب ممنوع ولم يسمح به الا في عام 1999م حيث كان يوصف بإنه اداة للإفساد بما يعرض من صور لاتليق بعادات البوتانيين .

كما انني رأيت أثناء تجوالي الكثير من صور الجهاز التاسلي للرجل مرسومة بالجدران او منحوتة بالشكل الطبيعي له ومعلقة على ابواب البيوت أو المحال التجارية ، مما حدا بي السؤال لغرابة الوضع فعرفت انهم يضعون الذكر وصورته وشكله المنحوت من الخشب ليمنع الشياطين والارواح الشريرة عنهم فياعجبي.

الالعاب الشعبية المرتبطة بمورثهم التاريخي:

ومن الألعاب الشعبية التي مازال البوتانيين يلعبونها في كل عطلة ومناسبة وطنية هي لعبتي القوس ورمي السهام الصغيرة .

الشباب يمارسون هوايتهم الشعبية المتمثلة بالسهام ورميها لمسافة مائة متر تقريبا

فالاقواس والاسهم معروفة وهي تمارس بشكل فني وتمثل قوة ومهارة المقاتل البوتاني، وكذلك لعبة رمي السهام وهي خاصة بالبوتانيين والسهم عبارة عن خشبة مدببه بسهم حديدي ولها ذيل يوجهها حين يرميها اللاعب لمسافة تصل لمائة متر ويقوم الفريق المقابل بتشتيت الرامي بالاغاني والصيحات ،ولكل فريق عدد مكون من خمسة الى ستة لاعبين وبعد أن يقوم الفريق أو أحدهم بالفوز يقوم بترانيم ورقصات تعبر عن فوزه ويشاركه البقية في تلك الاغاني .
كما أن كرة القدم لها شعبيتها حيث تشكلت بالسبعينات ولكن دخلت البوتان للفيفا في عام 2000م وسبق أن شاركت في نصف النهائيات لأسيا بعد خسارتها من الهند 2/1 ، وقد كان هناك فوز لمنخب البوتان عام 2002م ضد فريق مونتسرات بنتيجة 4/0 وسميت بالاسم (ذا أذر فاينال ) (The Other Final) ولفرحهم بهذا الفوز الكبير عمل فلم كبير يجسد تلك النتيجة والفوز الساحق .

الزواج وعادات غريبة في بوتان:

لعل من الغريب والنادر أن نجد مثل تقاليد البوتانيين في الزواج وهو ذو طابع اقرب مايكون للصيد والقنص ، فالعادة ولو أنها تلاشت تقريبا تقوم على مبدا القنص والصيد ليلا ، وطبعا تبدأ الاشارات في علاقة الولد بالبنت عن طريق الرؤية في الحقل أو في المناسبات وغيرها وثم تبدأ العلاقة تتطور ولايتم إخبار الاباء والامهات بل يقوم الابن ليلا بعد أن ينام الناس بالنهوض والخروج ليتجه لفريسته في بيت أهلها ويدخل متخفيا مستعينا بظلام الليل ليقع في فراش البنت فيقضي وطره ويعاشرها ويجلس حتى الصباح ليراه والدي البنت على هذا الحال ليباركو له الزواج بعدها وتتم طقوس الزواج بكل يسر وسهولة .
ومن أمور الزواج أيضا زواج الاخوات جملة واحدة فالملك جيغمي أب الملك الحالي متزوج من اربع نساء كلهن أخوات .



بعض الشيء عن مملكة بوتان:

تعد مساحة مملكة بوتان كبيرة نوعا ما فتقدر بـ 38 الف متر مربع وعاصمتها تيمفو وتنطق (تهيمبهو) بلغتهم ، وكما أن اسم بلادهم بلغتهم الاصلية يطلق عليها ( دويو) ومعناها بلاد التنين.
وللعلم فإن الهند تحيط مملكة بوتان من ثلاث جهات الشرق والغرب والجنوب وأما الشمال فتوجد الصين التي ليست على علاقة جيدة مع بوتان .
لغتهم الرسمية هي الدوزونغا الخاصة بهم وهناك لغات تستعمل بكثرة كالنيبالية بنسبة 40% نتيجة المهاجرين وأيضا الاسامية الهندية تقارب 17% في الاستعمال وهناك لغة تبتية قديمة تستعمل في الشمال ولكنها أقل اللغات انتشارا .
اسم العملة البوتانية نغولترم (BTN) وتعادل الروبية الهندية ، وتستعمل الروبية الهندية بشكل كبير ايضا.

من داخل أحد الأديرة البوذية المنتشرة بالبلاد

من ناحية الدين في مملكة بوتان ينص النظام أن دين الدولة البوذية (Vajrayana Buddhism)  ولكن في نفس الحال فحرية الدين مكفولة للجميع ضمن الحريات الشخصية.
مع بعض التعصب في عدم انشاء أي مبنى يخالف الديانة البوذية والتي تشكل ثلثي الدولة والثلث الباقي للديانة الهندوسية مع بعض الديانة كالاسلامية التي تشكل مابين 2الى 4% فقط من سكان بوتان والتي يقدرها بعض الخبراء بنحو 7000 مسلم ، ولكنها غير ظاهرة على حد علمي وزيارتي لبوتان ولعلهم في الجنوب على الحدود مع الهند والله أعلم .

الثقافة في بوتان مرتبطة ارتباطا وثيقا بالديانة البوذية وتأصله الدولة بشكل رسمي ، ولكن هناك تواجد للسينما يقدر بأربع في الدولة وهو غزو فكري لاشك فيه ويسيطر عليه الإعلام الهندي بلامنازع، كما تصدر للعلم فقد كان تعداد مملكة بوتان عام 1969م مايقارب 900 الف نسمة وفي عام 1980 وصل العدد الى مليون و165 الف نسمة نظرا للجوء التبتيين وبعض النيباليين بعد الحروب بالمنطقة ، ولكن في نهاية عام 1980م تم طرد 180 الف من المهاجرين خارج بوتان وتم سكن أغلبهم في مخيمات للاجئين في النيبال .
وتعد نسبة الامية في بوتان كبيرة فنسبة من يقرأ ويكتب 59% فقط ونسبة العمال الهنود الكبيرة تشكل مؤشرا ليس جيدا لاقتصاد البلاد .
وفي الناحية العسكرية لمملكة بوتان فالنظام العسكري يقدر بعدد 16 الف ويشغل غالبيته الحرس الملكي والشرطة المدنية والطيران العسكري والجيش الملكي الذي يتدرب تحت القيادة العسكرية الهندية ، والهند هي الجهة المخولة لحماية بوتان والتصرف بالأمور الخارجية حسب الاتفاق المبرم معها منذ الاتفاق مع بريطانيا .
والامراض المعدية في مملكة بوتان بناء على الاحصائيات العالمية هي حمى التفوئيد والملاريا وحمى الضنك والاسهال البكتيري والالتهاب الكبديA.

الاسلام في مملكة بوتان :

لعل من المفارقات الجميلة أن المسلمون الاوائل ومنهم العرب قد وصلوا لهذه المنطقة من العالم منذ القرن الثاني الهجري ، كما استقرت جاليات مسلمة من الهند والصين وبنغلاديش والنيبال وأسسوا العديد من المؤسسات الاسلامية التي تعني بشؤنهم ومن خلالها نشرو الدين الاسلامي بين سكان مملكة بوتان .
ولعل من الملاحظ ولست متأكدا من هذا الرقم أن وجود 50 الف نسمة من ابناء الدول العربية والاسلامية والذين يعملون بمختلف أوجة تطوير بوتان في مختلف القطاعات وأغلبهم مسلمون يشكلون عددا لايستهان به في التغيير الاجتماعي والديني بالدولة.

وهناك مصادر تاريخية لمنطقة التبت والتي تتشكل بوتان جزء منها دينيا وارضا - أن ملك التبت قد أشهر اسلامه وأرسل للخليفة عمر بن عبد العزيز رسالة يطلب فيها تواجد الدعاة والمعلمين لتبصير السكان بأمور الدين الاسلامي وقد استجاب الخليفة عمر لهم وارسل لهم وفدا .
وتقول نفس المصادر أن هناك تزاوج ومصاهرة بين العرب ودعاةالاسلام من الدول المجاورة لبوتان ومع أهل المنطقة وكان تبعا لذلك تواجد قوي للاسلام في القرن العاشر الهجري.
وتحتاج تلك المصادر للتوثيق والله اعلم لكن إن كان كذلك فهي علامة تحتاج للتوثيق وخاصة إن بعض المصادر تقول إن المسلمون في مملكة بوتان وصل عددهم لنحو 50 الف نسمة .
والتعايش السلمي الظاهر في مملكة بوتان واضح والتعايش بين الاديان ايضا بيّن ولتواجد المسلمون احترام متبادل بين حكام البلد وأهله ايضا ، ويرجع هذا لخلو المجتمع البوتاني من الصراعات العقائدية ولايعرف الجرائم ايضا لإنه شعب متدين بالفطرة .

المدن الرئيسية في مملكة بوتان :

تندرج منطقة بوتان الى20 مقاطعة موزعة على التقسيمات الصالحة للزراعة والسكن وأما مدنها الرئيسية فهي أولا العاصمة تيمفو (Thimphu) وهي اكبر مدينة وتعداد سكانها 62500 نسمة 
المدينة الثانية فينتشولينغ (phuentsholing) وهي المركز التجاري لبوتان وتعدادها 60 الف نسمة 
مدينة بوناخا (Punakha) العاصمة القديمة لبوتان والثالثة من حيث التعداد عدد سكانها 21500 نسمة
مدينة جاكر (Jakar) وهي مقر منطقة بومتانغ وهي المكان التي دخلت البوذية لبوتام 
مدينة بارو (Paro) وهي مقر المطار الدولي الوحيد وتعداد سكانها 20 الف نسمة .

الإقتصاد في بوتان:

ويقتصر اقتصاد مملكة بوتان على الزراعة والغابات والسياحة وبيع الطاقة الكهرومائية المنتجة من انهارها الكثيرة.

دخول البضائع برا عبر منافذ بوتان المفتوحة بلا قيود تقريبا مع الهند

وهناك تعاون قوي جدا بين الهند وبوتان بكل مجالات الاقتصاد وتنميته وبحكم الحماية التي تنتهجها الهند وارتباط مصير بوتان بالهند فقد أحكمت الهند كل مسالك ومنافذ التجارة من خلالها ، كما أنها تقيم المعارض التجارية والصناعية المستمرة بينها وبين بوتان لفرض الصبغة الهندية ، ومع ازدهار النمو الاقتصادي بالبلد بدأ التحول تدرجيا في تنوع التجارة ربما مع دخول البضائع الصينية الآن .

مدخل المعرض الدولي الثالث وفيه وضوح سيطرة الهند والمقام بالعاصمة ثيمبو

وتعتبر بوتان من أسرع الاقتصاديات نموا بين دول العالم إذ يصل معدل النمو 22,4% سنويا ويرجع هذا الأمر لإنشاء مشروع تالا (Tala) العملاق والذي ينتج الطاقة الكهرومائية الأكبر في البلاد مما ساهم في رفع دخل المواطن البوتاني والذي ارتفع معدل دخله المتوسط بالسنة إلى 1400 دولار أمريكي ، وهذا يجعل من بوتان بالمرتبة 124 اقتصاديا بين دول العالم .
وتنتج بعض الصناعات الحديثة كانتاج الخشب وصناعة الاسمنت والجبس ، وتعتبر الصادرات الرئيسية لمملكة بوتان هي الكهرباء والخشب والجبس والاسمنت وبعض محاصيل الزراعة كالهيل والفواكه والتوابل وايضا الاحجار الكريمة 
كما أن بوتان تتميز بكونها على سفوح جبال الهملايا وعلى بعض قممه التي تحوي على الغابات الكثيفة والحيوانات البرية ، ومن أغرب الحيوانات في مملكة بوتان التاكين وهو من فصيلة البقر والمواشي البرية وهويعتبر الحيوان الوطني وتصل عقوبة اصطيادة للاعدام 

 

حيوان التاكين النادر

كما أن هناك العديد من الحيوانات البرية والتي تحافظ الآن بوتان بشكل صارم لها مما جعلها تخصص المناطق العالية كمناطق محرمة للصيد والسكن والمزارع ، بل وجعلت من تلك الأماكن محميات بعضها مجهز بأجهزة مراقبة تعمل بالطاقة الشمسية ، ووضع القوالب الملحية وبعض الاعلاف لبعض الحيوانات التي تقصد السهول بحثا عن الغذاء ، ولا نبالغ إن قلنا أن نصف الدولة محمية طبيعية .

ولو تتبعنا الاسباب لهذا الفعل لعرفنا أن البوذية كدين يهتم بكل ماله روح حيث يعتبر تلك الحيوانات هي اسلافه واجداده الذين نسخت ارواحهم بعد مماتهم ، وهو بهذا العمل يصون روحهم ويحافظ عليها.

رحلتي إلى بوتان:

كان سفري لمملكة بوتان مخطط له مسبقا حسب الترتيب التالي:

أولا: التقدم قبل شهرين من بداية الرحلة من قبل إحدى شركات المفوّض لها من قبل المملكة البوتانية للحصول على موافقة الفيزا وإتمام إجراءات الدخول ، والتي لابد من أتمامه عبر مكاتب السياحة واعطائهم الوقت والتعريفات اللازمة قبل شهر من الرحلة.

 ثانيا: بعد أن تتم الموافقة يتم حجز من قبل مكتب السياحة في بوتان وذلك بواقع 200 الى 250 دولار يوميا مدى مكوثي في بوتان ، ويتم ارسال الحجز لي من إحدى محطتين فقط وهي إما من دلهي بالهند أو من بانكوك بتايلند وعلي الحصول وترتيب حجوزاتي من بلدي الى تلك المحطتين .

ثالثا: يتم ومن قبلي الحجز وترتيب الرحلات والاستعداد للسفرمن الدمام لنيودلهي بالهند وذلك لركوب طيارتي عبر طيران الملكية البوتانية .

رابعا: بعد تأكيد الفيزا البوتانية وترتيب الرحلات الجوية وأخذ فيزة الهند أيضا لدخولي لها أولا ، درست المزيد من المعلومات حول مملكة بوتان والتي تفيدني في تعرفي واستكشافي لها .

فمملكة بوتان من الدول المغلقة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وليس لها حدود بحرية فهي محبوسة بين دولتين كبيرتين بالمساحة والسكان بل أنهما يعدان أكثر من نصف العالم فالصين شمالها والهند جنوبها.

ولعل الهند هي المتحكمة باقتصادها وحدودها بل انها تعتبر كمقاطعة هندية بحكم ذاتي لما وجدت من سيطرة هندية على الجيش والحدود والتبادل الاقتصادي المفتوح من جهة الهند فقط .

ولا تتواجد في بوتان سفارات للعديد من الدول والسفارة الوحيدة هنا هي الهندية بالطبع وبنغلادش وبقية الدول التي لها علاقة فتحت قناصل أو قائم بالأعمال كسويسرا والمانيا وبريطانيا ـ ولذلك لم أجد تأشيرة الدخول إلا عبر مراسلة أحد المكاتب السياحية والتي وجدتها في النت ، وعبر الأيملات تم تحديد موعد السفر وذلك عبر نقطتين إما من دلهي الهندية أو بانكوك التايلندية وقد اخترت دلهي لقربها أولا ورخص ثمن السفر من السعودية للهند وتم تدبير أمر التأشيرة من قبل مكتب (لتل بوتان) للسياحة وبسعر ثمانية آلاف شاملة التذاكر من دلهي إلى بارو البوتانية والعودة لدلهي والسكن لخمسة أيام مع المواصلات الداخلية بين مدن دولة بوتان ( بارو وتيمفو وبوناخا)  مع الوجبات كاملة .

بداية رحلة الطيران للمملكة المفقودة وتعد رحلتي هي الأخطر بين كل رحلاتي :

بدأت الرحلة عبر مطار الدمام الى دلهي ، ومن دلهي عبر المطار الدولي (مطار انديرا غاندي) الحديث والكبير وجدت الرحلة المناسبة بحيث انتظرت ساعتين فقط لأركب عبر طيران بوتان الرسمي وهو طيران (درك أير Drekair )، أنتهينا من ترتيب أمر الركوب ودخلنا الى قاعة الصعود للطائرة الصغيرة نسبيا والتي أمتلأت بالأوربيين وبعض من سكان بوتان فالموسم الذي سافرت فيه يعد من المواسم المميزة لزيارة بوتان وهو مابين سبتمبر ونوفمبر وكذلك شهري مارس وابريل، لقلة الامطار وللجو المناسب حيث لابرودة ولاحرارة ، وعبر طيران ساعتين تقريبا حاذينا جبال الهملايا الشرقية والتي بدت قممها فوق السحاب بمنظر تتجلى فيه قدرة الله العظيمة عبر خلقه البديع والذي يتجلى بعظمة تلك  الجبال الراسيات العظيمات والتي تعد من أعلى وأعظم جبالالعالم قاطبة وهي تشق عباب الحاب بإرتفاع يتجاوز الثمانية الاف وثمان مائة ونيف من الأمتار فوق سطح البحر ولايسعني برؤية تلك القمم الا أن أسبّح الله وأعظمه وأذكره جلالاً لما خلق وصوّر فأبدع وكوّن جل في علاه وتقدست أسماؤه العظيم البديع المصور الخالق المحيي المميت المعطي المانع العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يصفون والمنزّه عن كل نقص...
 ما أجمل التدبر في ملكوت الرحمن وما أجمل تلك اللحظات التي تتجلى فيها قدرته سبحانه وتنفتح من تلك النوافذ بصائر للناس وقليل من يتفكر ويتدبر ويتعظ ..
لحظات إيمانية تسري في نفسي عند كل لحظة تتجسد أمامي عظمة الخالق بمخلوقاته العظيمة فكما هو هنا في أعظم جبال الدنيا فهناك في أعظم أوديتها في وادي جبل شمس في سلطنة عمان وفي جراند كانيون في كولارادو وفي أعظم شلالات الكون من إغواتسوبين الأرجنتين والبرازيل وهو الأكبر عالميا الى شلالات فكتوريا الأفرقية بين زيمبابوي وزامبيا وهي ثاني أكبر شلالات الكرة الأرضية وبين مدن في سقف العالم بين لاسا بالتبت كأعلى عاصمة ارتفاعا بالعالم وفي البيرو ومدينة لارينكو نادا كأعلى مدينة في العالم قاطبة على إرتفاع 5099متر فوق سطح البحر، وتتوالى بكل رحلة من رحلاتي عظمة خلق الرحمن في كل ما أراه وأشاهده بالإضافة لكل ماأشاهد وأعيش تجاربي مع الناس وإختلاف معيشتهم وكيف دبر الله لكل نفس رزقها ومعيشتها فسبحانك يا الله ما اعظم شأنك  ...

 وبدأت الطائرة بالنزول التدريجي بعد أن بلغنا الطيار بذلك وقرب وصولنا لمطار مملكة بوتان ، ووصلت طائرتنا الى مدينه بارو البوتانية، ورويدا رويدا بدأنا نرى الأرض وأخضرارها الجميل ورؤية الأنهار المتعددة في هذه الارض الخصبة والممتعة وهي تنذرنا بأيام رائعة سنقضيها في تجوالنا .
ولعل أجمل الطرق للوصول الى بوتان عبر مطاري دلهي بالهند أو كاتماندو بالنيبال لحصول المسافر إطلالة رائعة لجبال وقمم الهملايا التي تكون مابين البوتان والهند والنيبال .
وبوصولنا للمطار الوحيد الدولي في هذه المملكه الصغيره والوعره والغريبه التي حملت في ذكراي اشياء كثيره وعديدة سأذكرأرعب لحظة طيران مرت علي هنا في هذه الرحلة  التي لن أنساها ماحييت...

أغرب وأخطر هبوط لطيران مدني في كل رحلاتي:

ووصلنا لمطار بارو الذي يرتفع عن سطح البحر بنحو 2220 متر ويقع المطار في وادي بارو والذي تحيطه الجبال والتب ترتفع لنحو 4850 متر وهي سلسلة جبال متفرعة من قمم الهملايا الشاهقة والتي تحيط بمملكة بوتان من الجهة الشمالية.
نزلت طائرتنا في بارو نزولا عجيبا وكان هذا النزول يعد الاغرب في كل رحلاتي بالطيران عبر دول العالم !!!
بسبب ان هذا المطار في هذه المدينة (بارو)  يقع في وادي سحيق من اوديه جبال الهملايا والنزول اليه يتطلب طيارا ملماً بارعا حكيما قد برع بمثل عمق المطار بين أودية الهملايا السحيقة ومع صغر المدرج فكانت هذه التجربة التي لاتنسى...

هبوط بهلواني:

كثيرة هي سفراتي وركوبي للطيران عبر مناطق العالم المختلفة خلال رحلاتي للاربعين سنة الماضية ، بل أنني في رحلة واحدة من رحلاتي ركبت الطائرة أكثر من عشرين مرة خلال شهر واحد وهذا يجعلني عارفا ولو بالقليل من أشكال الطيران ومهارة الطيارين لكن هنا في بوتان وفي الهبوط بمطار بوتان الدولي الوحيد في الدولة الذي يوجد في مدينة بارو وجدت مالم أجده في أي مطار بالعالم ، ولو قلت لكم أنني بمدينة الملاهي ووصفت لكم قطار الموت على حد تسميتهم له لشدة دورانه وشبهته بالطائرة لما صدقتم ما أقول ولكنها الحقيقة....

بداية النزول الملتوي لتفادي القمم القريبة من بارو

 الطائرة التي اقلتنا وهي رابضة سالمة بحمدالله في مطار بارو

ارض مطار بارو والجبال محيطة به من كل جانب 

سأصف ما وجدت ولكم الحكم...

عند وصولنا لأرض بوتان وتحديدا مدينة بارو، بدأنا بالنزول التدريجي وبدأنا نهبط حتى أخترقنا الغيوم حينها بدأت الطائرة بالأهتزاز العنيف نظرا للإنحراف الشديد ومقاومة الرياح في محاولة من الطيار تلافي ان تلامس الطائرة الجبال المحيطة ، وصاحب النزول دوران حادّ ، وليته كان بأتجاه واحد لكنه دوران يمينا ويسارا حتى كأننا فوق طائر الصقر وهو يحاور ويناور لأصطياد فريسته .

ومما زاد الأمر رهبة هو رؤيتنا عبر النوافذ تلك الجبال التي تحيط بالمدينة (بارو) ومطارها الضيق والمتواجد عبر الاودية السحيقة، ولا أجد شبه في مثل هذه المناورات الا في لعبة الطيران التفاعلي الذي تقوم به بعض مدن الألعاب بدخول الناس وسط غرفة شبيهة بالطائرة وثم تقوم باللف والدوران وتوحي للجالس وكأنه سيسقط أو يرتطم بالجبال والعوائق الطبيعية ، لكنني في تلكم الطائرة وجدت الأمر حقيقة ، بل أننا نكاد نحاذي بأجنحة الطائرة الجبال وقد يخونني الوصف في ما وجدت وما كان واقعاً فوق الخيال ومن الصعب تخيّله لكنني سأحاول جاهدا في وصف حالتي حينها والتي لا أتمناها لأحد ...
كنا جميع من بالطائرة قد أخذ أنفاسه وبدأ كل يتذكر ماضيه ويستغفر ربه إن كان مسلماً أو على حسب ديانته وإعتقاده ولا أظن بالطائرة مسلم غيري والله العالم.
كنا نرى الارض من خلال نوافذ الطائرة، مرة من الناحيه اليسرى ومرة من نوافذ الناحيه اليمنى ، وكاننا في مدينه العاب… 
كان الوضع عجيبا وغريبا و كان بعض الركاب معتادين على ذلك، لكنني لم اعتد على مثل هذه الحركات البهلوانية… 

صبرت وتحملت بعد الاستغفار وذكر الرحمن خوفا من ان الطيارة تعرضت لسوء وأن الطيار يحاول تثبينها ولكن ماكان يطمأنني هو أن بعض الركاب والذين لم يبدو اي استغراب وكأن الامر عادي… 

ولو كنت مديرا للطيران لأعطيت هذا الكابتن ميدالية ذهبية لمهارته وطيرانه المميز كطيرانه بين هذه العوائق الجبلية التي لابد من أن يمر من خلالها للوصول للمطار الصغير، كانت لحظات لا تنسى ولم ينتهي الفلم بعد ، فالمناورة الخطرة التي قام بها ليست نهاية المطاف بل في إنزاله للطائرة بدرجة النزول الحاد لترتطم بالمدرج وأظنها بعد الارتطام أصبحت كالكرة المطاطية وكالارنب وهو يهرب من الكلب السلوقي في القفزفي أول المدرّج وقفزات حتى هدأت وحينها بلعنا العافية وبلغنا السلامة ظناً منّا أن الأمر انتهى ، لكن بقي الذي لم نتخيله وهو الفرامل القوية والتي لولا ربطنا لحزام الأمان لأرتطمنا بالكرسي المقابل ، وكانت فرامل لم نعهدها بهذا الشكل الكبير ولكن عرفنا السبب بعد التوقف السريع وبعد النزول حيث توقفت الطائرة بالوقت المناسب جداً ....لماذا ؟.... لأنه الوقت المناسب جدا هو (وصول الطائرة لنهاية المدرج)!!!

والمدرج طوله من بداية الإسفلت لنقطة الهبوط وحتى النهاية  أقل من 1900متر، وقد رأيت ذلك عبر النافذة وكان أمرا مرعباً ولكن الحمدلله على السلامة وليست هذه مشكلتنا لأن الأمر أنتهى على خير لكن العودة وهي لم أجربها بعد لأنني أكتب هذه الأسطر وأنا في بوتان وسأكمل لكم ماشاء الله لي أن أكتب عن هذه الرحلة .

ويعود غرابة قيادة الطائرة بهذا الشكل ربما للتضاريس الصعبة لمنطقة بوتان فهي ذات مطار دولي واحد وهو الذي نزلنا فيه وإحاطته بالجبال وصغر المدرج كل ذلك هو ما يجعل من الإقلاع والهبوط بهذا الشكل المخيف ولكنها الطريقة الوحيدة للنزول .

مطار بارو من أصغر المطارات الدولية بالعالم:

وصلنا بالطائرة عبر المدرج الصغير لنقف أمام مبنى جميل مزين بزخارف تمثل التراث البوتاني المشابه للتراث التبتي والذي يزين البناء بنوافذ ذات أقواس متعددة من الخشب البني والملون بألوان خمسة رئيسية في أغلب بناء بوتان وهي اللون الأزرق والأصفر والأحمر والأخضر والأبيض وهي ألوان تستمد من البوذية معاني دينية تتعلق بالماء والتراب والسماء والهواء والنار ، ويطلى بقية المبنى باللون الأبيض وثم يتوج البناء بتاج من الخشب المزخرف زخرفة متكلّفة جدا ومعقدة التصاميم، وهو يشبة إلى حدّ ما البناء الصيني في أطراف منه.

صور لمبنى مطار بارو التراثي من الخارج والداخل

مبنى المطار في وسط وادي بارو ويرى ضيق المساحة للمطار

 ممر ومدخل الاستقبال للمسافرين وصالة القدوم الرئيسية

 وعند الخروج من مبنى المطار 

 صورة لصالتي القدوم والاقلاع بالتصميم البوتاني التراثي

صورة لاتجاه القادمين لصالة القدوم الصغيرة 

ومبنى المطار مكون من ثلاث مباني الأكبر في المنتصف وهو قاعة المغادرة عبارة عن صالة كبيرة نوعا ما 40 متر طول في عرض 30 متر وقاعة على اليسار للقادمين وهي أصغر 20متر في عرض 15متر فقط وهي بالطول.

 وحين دخولنا لقاعة الوصول والتي يفتح بابها مباشرة من المدرج لمكاتب التدقيق وقد صفت في أعلاها صور لخمسة من الملوك الذين حكموا بوتان وهم المؤسس وثم أثنين من أبنائه وأحد الأحفاد ثم ابن الحفيد الأخير وهو الملك الحالي وقد سلمه أبوه الحكم ومازال الأب موجودا والأب متزوجا لأربع من النساء كلهن أخوات!!.
ووضع في آخر غرفة الوصول مقصف لبيع الخمور والسجاير وقبله ثلاث مناضد عليها موظفين قد لبسوا اللباس الشعبي المكون من رداء بأكمام طويلة ومتصل بإيزار من نفس اللون وقصير يصل للركبة فقط مع جوارب طويلة تمتد للركبة وقد استقبلوا المسافرين وعبر الكمبيوتر وجدوا الاسم ورقم الفيزا للدخول فالدولة شديدة بإجراءات الدخول ولاتسمح بالدخول إلا بعد الحصول على فيزا مسبقة وشرط أن يكون عبر أحد المكاتب السياحية التي تتكفل بالسائح منذ قدومه للمطار وحتى سفره .

تم ختم الدخول لنصل لقاعة الشنط والحقائب وثم بوابة الخروج ليستقبلنا عشرات المندوبين لشركات السياحة وهم يضعون اللافتات التي فيها أسم المسافر وشركة السياحة، وجدت رفيقي وقد وضع اسمي واضحا باللغة الإنجليزية وتعارفنا وثم ركبنا السيارة من نوع هونداي وهي السيارات الأكثر انتشارا هنا ، ويتلوها سيارات السوزوكي وثم سيارات من الهند وهي الأكثر والتي تعتبر من سيارات النقل والشاحنات الثقيلة .

 سور المطار من الخارج وسط وادي بارو

الاتجاه لفندق المبيت :

واصلنا المسير عبر طرق غير نظيفة فالحفر قد ملأت الشارع وطرق ضيقة تنبئ بحالة اقتصادية للبلد سيئة أو هناك فساد ما ولكن لعل الضعف الاقتصادي هو السبب ولصعوبة إنشاء الطرق في أرض وعرة.
 وتتسبب مياه الأمطار بتخريب ما تبذله الدولة من إصلاح .

نزولي في فندق بارو:

وصلنا للفندق وهو على شكل منتجع وأسمه (Namsay Chholing Resort
Paro) حيث كان الفندق خارج حدود المدينة الصغيرة (بارو) وتديرة واحدة من التايلنديات التي تستثمر في بوتان وهي تشرف على الفندق حسب مارأيت اشرافا مستمرا وتهتم بالضيوف وطلباتهم ، خاصة لي لاشتراطي نوع الأكل وعدم اختلاطه بالخنزير .
 وبعد أن خرج بنا سائق السيارة شمال المدينة ونحن بمحاذاة النهر الذي يعتبر هو وسط وادي بارو ، وثم صعدنا تلة صغيرة حتى وصلنا لمبنى من دور واحد وعلى نفس طريقة البناء التقليدي المتكرر في جميع مباني مدن بوتان التي مررنا فيها ، ويعتبر الفندق ذو ثلاث نجمات وهو فندق مريح ونظيف وهادئ ، وقد وجدت الحجز بأسمي جاهزا بعد أن تعرفت على المكان وموقع المطعم ومواعيد الوجبات والترتيب لنوع الطعام فهنا لايهتمون بمسألة الوجبات الحلال وخاصة منع تقديم لحم الخنزير ومشتقاته ، لكن ولله الحمد أن الخيارات النباتية الكثيرة في بوتان متوفرة نظراً للديانة البوذية المتشددة هنا في عدم أكل اللحوم بجميع أشكالها وأنواعها مما شكل لي جانبا مهما من الأختيارات للطعام من الأطباق النباتية اللذيذة التي يوفرها المطبخ البوتاني .

صور للفندق 

والفندق يعتبر من الدرجة الثالثة وهو هنا يعد الأفضل في بارو 

 صورة لما حول الفندق وبدائية التنظيم للبلد والتي مازالت تحبو في طريق السياحة

بعد استلام الغرفة وترتيب الأغراض وثم أخذت دوش وتغيير ملابسي وأصلي الظهر والعصر جمع تقديم ، لأنطلق بعدها في جولة حول مدينة بارو التي تعتبر من المدن الرئيسية في بوتان بصحبة السائق والمرشد السياحي الذي رافقني في جولاتي كلها وهو شرط في هذا البلد ونوع من التحكم بالسياح بالإضافة لتقديم الخدمات وإعطاء صورة لكل زائر بمظاهر البلد الجميلة والاعتناء بأمن وسلامة السائح أيضا والذي يشكل عنصر مهم من عناصر الموارد الاقتصادية بالبلد.

جولة بمدينة بارو:

تعتبر بارو مدينة صغيرة ويسكنها نحو عشرون ألف نسمة من أجمالي عدد سكان بوتان الذين لايتعدون السبع مائة الف نسمة فقط في مساحة بوتان التي تقدر بخمسة وثلاثون ألف كيلومتر مربع وهي دولة جبلية صعبة المسالك والسكن وأغلبها مناطق نائية وبارو تمثل الشكل التضاريسي الصعب في إتخاذ البوتانيين مبانيهم في الوديان والسهول الممكنة وهي تحت رحمة السيول والامطار والزلازل التي تصيب المنطقة وأخرها الذي حدث قبل ثلاث سنوات مع العلم أن نقطة الزلزال كانت بالأراضي الهندية  ولكن وصل تأثيره لوسط بوتان .

معالم منطقة وادي بارو وزيارتها :

من المعالم المهمة والتي خططت لزيارتها والاعداد لتوثيقها ووضعها لكم لتتضح الصورة وبالصور ، لكي تكتمل النظرة لمملكة بوتان بتفاصيلها المتعددة ، والتي ستكون كالتالي:
- وسط مدينة بارو والسوق والمباني والحياة اليومية
- معبد دوزنغ الأهم في مملكة بوتان بعد معبد بوناخا وتصوير الحياة الدينية
- معلم عش النمر Tiger's Nest Monastryوهو المعبد الاشهر في بوتان
- متحف بوتان الوطني 
- وادي ونهر بارو والمناظر الخلابة المحيطة
- وطبعا مطار بارو الدولي الوحيد بالبلاد

جولة داخل وحول مدينة بارو 

وأول زيارة للمدينة كان للسوق الصغير وسط المدينة بمبانيه الجميلة ومتاجره الصغيرة والتي تبيع كل ماتصدّره الهند لبوتان من المسمار إلى السيارات فمملكة بوتان لا تصنع شيئاً عدا الزراعة وما تنتجه مولدات الكهرباء من المحطات الكهرومائية المنتجة من جريان الأنهار الهادرة والتي تنحدر من جبال الهملايا الشمالية لبوتان وقد أستغلت لإنشاء مثل هذه المشاريع الإستراتيجية لدولة فقيرة ولا تملك المكونات الاقتصادية فسخرت المياه لتكوين مصدر للطاقة ممكن استغلاله  وهي نعمة من الله لهم فبدونها لا يستطيعون شراء الديزل ومولداته لتصنيع الكهرباء بل أن الكهرباء زائدة عن حاجة البلد النامي وتصدر الكهرباء للهند وتعاد على شكل منتجات وخدمات كالطرق وإنشاء البنية التحتية لبلد فقير كدولة بوتان.

ولا يتعدى عدد الابنية الرئيسية بالسوق عن عشرين مبنياً شملت على الدكاكين البدائية في عرض ما تبيع من مأكولات واشربة وبعض المطاعم وكم فندق صغير الحجم وقبل السوق وبعده تتناثر البيوت المبنية في وسط الوادي وهي لمزارعين قد استغلوا مساحة الأرض التي يمكن حرثها لزراعة الأرز وبعض الخضار وأشجار التفاح التي تكثر زراعتها في بوتان عموماً ،

 الطرق الوحيدة التي التي تصل المطار بالمدينة بارو 

 مناطق مدينة بارو اشبة بالريف والمزارع التي تستغل اي مساحة للزراعة في ارض بوتان الوعرة

تتشارك الخيول والمواشي الطرق مع السيارات القليلة جدا

وفي طريقنا من المطار لوسط مدينة بارو والتي لم تكن بعيدة ، فعدة دقائق ونحن في وسط المدينة الصغيرة ولعل ندرة السيارات وقلّة الساكنين فيها هو ما سهل الوصول فلايوجد طرق متعددة هنا فالطريق الاسفلتي المتقطع بفعل الأمطار هو الوحيد الذي يربط بين المطار وبارو ، وهو ذات الطريق الذي يربط بارو  بالمطار وببقية مناطق المنطقة المحيطة الاخرى .

 وأكملنا مسيرنا ونحن نقطع الشارع الرئيسي للمدينة وهو يعتبر السوق الرئيس أيضا بمبانيه التراثية ذات اللون الأبيض بنوافذ خشبية بنية ومتعددة الأقواس وزخارف بين كل طابق وآخر وتنتهي بتاج من الزخارف الخشبية التي تشابه ماتم وصفه ببناء المطار ، وثم عبرنا باتجاه شمال المدينة لنصل لنهر بارو الهادر ذو اللون الأبيض الخابط وهو لون يدل على قرب منابع النهر من القمم الثلجية لجبال الهملايا الشمالية القريبة .

صور لوسط مدينة بارو بمانيها ذات الطراز المعماري الفريد:

 تلتزم التصاميم الجديدة بأن تكون مشابهة للقديم في محاولة لعدم تشوية الشكل العام لبوتان

 الطريق الرئيس وسط بارو وتصاميم متشابهة للبيوت والمحال التجارية

 جانب من الحياة الاجتماعية في بوتان

 يعرض اهل الريف مالديهم من خضار ليتبادلوا مع اهل المدينة مالديهم 

 المدنية تخطو بخطوات سريعة قد تغير من بيئة بوتان الاصيلة 

ليست بارو كبيرة فطرقها الريفية التي حولها تضفي لها جمالا رائعا

معبد ودزونغ في وسط وادي بارو والذي بني عام 1646م 

تعتبر زيارة معبد دزونغ في وادي بارو الاهم حيث من خلال التجول في ثنايا هذا المكان ترى وتتعرف على طريقة عيش البوتانيين ومعرفة معتقداتهم والتي تعرفك بنمط الحياة عموما في مملكة بوتان .

معبد ودزونغ في وسط وادي بارو والذي بني عام 1646م 

والمعبد مبنى بطريقة فذة وهب طريقة التراكيب الخشبية بدون استعمال المسامية الحديدة 

والروابط فقط حيث تم التعامل بالبناء بطريقة التعشيق بين الخشب وبعضه بطريقة فنية 

استعملهاالبوتانيين من طرق البناء المستعملة في التبت عموما .

 أحد الجسور الخشبية والتي بنيت على نهر بارو للوصول لمعبد دزونغ 

وقد اتخذ معبد دزونغ أجمل مكان في وادي بارو حيث تفرع نهر بارو والارتفاع المشرف والمطل على مدينة بارو بحقولها ومبانيها الرائعة.

ولعل زيارة متحف بوتان الوطني القريب سيعطيك بالتأكيد معلومات أوفر من ناحية التاريخ والدين وغيرها من المعرفة العامة للبلد.

 من داخل معبد دزونغ ويظهر مرشدي بلباسه التقليدي البوتاني

 من داخل معبد دزونغ بزخارفة الكثيرة وعلى اليسار تنور النار أحد طقوسهم الصباحية

 بوابة المعبد وجرس معلق بحبل أيضا يعتبر طقسا من طقوسهم البوذية

احد مداخل المعبد من ناحية الجبل

الجسر الخشبي المعلق والمبني بطريقة فذة  

 إطلالة للمعبد والنهر من جسر الخشب 

 وها أنا بصورة تذكارية من على الجسر

 الجسر الخشبي المقوس قليلا لتحمل الطول والوزن 

معبد دزونغ على نهر بارو المتدفق من قمم الهملايا التى ترى بالافق 

وبعد أن انتهينا من زيارة المعلم لثاني من معالم مدينة بارو ، ننتقل للمعلم الأشهر عالميا والأغرب في طريقة البناء والمكان الذي بني فيه وهو معبد عش النمر.

المعلم الاهم دير (عش النمر Tiger's Nest Monastry) 

هذا المعبد أو الدير هو الاشهر في بوتان وهو معبد "دير تاكشانغ " البوذي المعروف أيضاً بــ "عش النمرTiger's Nest Monastery, Bhutan يقع هذا المعبد البوذي في سفوح جبال الهمالايا في مملكة بوتان فوق الجرف العلوي شرق وادي بارو في بوتان ، 

وبني هذا المجمع عام  1692م وتقام إحتفالات للبوذيين في وادي بارو أسفل هذا المعلم خلال شهر مارس أو أبريل من كل عام . 

الطريق نحو دير عش النمر 

يقع هذا المعلم العجيب في طريقة بناءة فوق وعلى جرف جبل عالي وتميزه بالشكل في أحد الجبال المطلة على وادي بارو ويعتلي نحو 800 متر صعودا من أرض الوادي ، وهو مبني منذ العام 1692م ولكنه تعرض لحريق عام 1998م وأعيد بناءة لأنه يرمز لوطنية ودين البوتان ويشكل رمزا لمملكة بوتان  ، وتم إفتتاحه بعد الترميم عام 2005م ولقد زرته وهو على نمط البناء القديم ولكن الطريق له متعب للغاية.

 مرورنا على قرى قديمة بوادي بارو 

قمة الجبل الذي بني فيه عش النمر من بعيد

 طبعا الصعود للمعبد ليس سهل إطلاقا بل إنه يحتاج للياقة عالية وهناك طريقان من اسفل للمعبد أحدهما للمشاة من المحبين للصعود على اقدامهم وأنا أخترت هذا والآخر طويل قليل وهو مخصص لصعود البغال والتي تحمل الماء والزاد والبضائع للقمة ، حيث يوجد في منتصف الطريق مطعم واستراحة ومطل يستريح فيه المتسلقين لحين إكمال بقية الطريق .

والصعود يستغرق مشيا ساعة تقريبا وبواسطة البغال ساعتين ، ولكن الروعة تكمن في وصول المتسلق لهذا المكان البديع والذي له إطلالة لاتوصف من حيث الوادي اسفل الجبل أو الجروف الصخرية والتي تكسوها اشجار الصنوبر الشاهقة الإرتفاع .

الدليل السياحي الذي كان يرافقني بالرحلة 

رافقني بالصعود الرفيق والدليل السياحي الذي رافقني بكل بوتان وهو المكلف بايصالي لكل المناطق التي سبق أن وفرتها لهم وكذلك يكون مفتاحي لكل نقطة عبور رسمية ليسهل دربي .

بداية الصعود لدير عش النمر وتوالي الشلالات والمناظر الجميلة 

الطريق عبر الجبل له طرق ملتوية وصعبة المراس ويحتاج الأمر عصى للإتكاء بها وكذلك يحتاج حذاء خاص لتحمل الحجارة والتربة وبعض المناطق الزلقة ، ولكن يذهب تعب كل الرحلة في التمتع بما حولي من مناظر جميلة ورائعة فهناك الجداول المائية والشلالات المتعددة والغابات المتنوعة الاشجار وبعض الأديرة المتناثرة للرهبان والتي اتخذت نتوءات الجبال مسكنا ومؤلا لهم بعيدا عن المدينة وصخبها .

الشلالات المتنوعة التي مررت بها في طريقي للقمة

صعود القمة وخلفي المنظر المفتوح لوادي بارو بحقوله والقرى فيه

 وصولي للقمة ويرى خلفي مبنى دير عش النمر

الدير يرى بوضوح خلفي  

 الطريق للقمة وسط الغابات والاشجار الكثيفة والمناظر الرائعة

بمجرد الوصول للقمة وإجتياز المنتصف الذي جهز للراحة وتناول المرطبات وإكمال الصعود حتما ستكون كل ما مر عليك من تعب وارهاق سنتهي برؤية جمال خلق اله جل وعلا وبديع صنعه سبحانه ، في هذا المكان الذي يأخذ بالألباب ولا يعكره الا رؤية المعتقدات التي نسأل الله لهم الهداية وان يفتح الله عليهم من هداه.

الدير وبكل وضوح بعد بلوغه 

صورة من النت اخذتها لتوضيح جمال المكان 

وصولنا للمكان كان يستحق العناء ولكن لكل منا هواية وتحمل المشاق للوصول لغايته وانا تستهويني هذه الاماكن وكلما كان الصعب فيها كان الطلب اكبر ..

وبعد نهاية زيارتي لهذه المنطقة المميزة انطلقنا راجعين للفندق لنستريح من عناء يوم حافل بالزيارات والتجوال في منطقة وادي بارو .

في الفندق مكثت وكان تناول وجبة حارة من الطبق البوتاني الممتعواللذيذ وهو عبارة عن طبق الجبن من الماعز مع الفلفل والخضار بطريقة لم أذق مثلها من قبل ، وهي لاشك أن الطعم الذي احتوته ليس بالسهل ايجاده فهو متعلق بنوع الجبن وطريقة تقديمه وطبخه .

 طبق الجبن المطبوخ مع قطع الفلفل وبعض الخضار

طبق الجبن المطبوخ مع الخضار 

وها أنا بعد هذه الوجبة الدسمة والغنية بالجبن الدسم والخضار وبلا لحوم مزعجة وتعب التأكد من حلال أم من غيره كانت هي وجبتي اليوم مع بعض الحلا ، والى الغرفة للنوم للإستيقاظ من الغد لجدولآخر في المنطقة .

أصبحنا وأصبح الملك لله وبع إداد صلاة الفجر نبدأ يومنا بإفطار في نفس الفندق لننطلق بعده لإستكمال مابدانا من جولات حول مدينة بارو وبعده الانطلاق نحوالاصمة ثيمبو إن شاء الله تعالة.

اليوم جولتنا تبدأ لزيارة متحف بوتان الوطني إن شاء الله تعالى.

متحف بوتان الوطني National Museum of Bhutan 

يعد متحف بوتان الوطني مركزا للمعلومات والمعرفة يستحق الزيارة وهو بناء قديم كان مستخدما أصلا كبرج للمراقبة بشكله الدائري ولكن بعد انتهاء فكرة الأبراج للمراقبة حول هذا المكان التراثي لمتحف يحمل في طياته العديد من المعلومات التاريخية وشيئا من الحياة الاجتماعية لمملكة بوتان تتمثل بطريقة الحياة والتعريف للآخرين بمملكة بوتاندينيا وأجتماعيا واقتصاديا .

 صورة للمتحف الدائري  والذي كان مبني اصلا كبرج مراقبة

 أحد الفعاليات داخل المتحف وصناعة قطع الحرير للنساء

ومتحف بوتان الذي إنشيء عام 1968م يحوي 3000 قطعة تراثية تمثل تاريخ بوتان بكل نواحيه من الفن المتمثل بالتماثيل البرونزية إلى الرسم الزخرفي المتعلق بديانتهم إلى الحياكة وزخارفها البديعة وهي تمثل تراث يمتد لـ 1500 عام من تاريخ بوتان .

ومن المتحف إلى منطقة أجمل وأكبر بإتساع الوادي وهي وادي بارو ونهرها والمساحات الكبيرة الجميلة بمناظرها الممتدة والرائعة.

وادي ونهر بارو والمناظر الخلابة المحيطة

ولعل الكلام في هذه النقطة لايعطيكم التصور الحقيقي لجمال وادي بارو وسأستعيض بالصور التي تعينني للوصف المصور والأجمل من أي تعليق ...

واليكم صور ملتقطة من وسط وادي ونهر بارو . 

 حقول ممتدة لزراعة القمح والرز

 البيوت بتصاميمها البوتانية بين الحقول الخضراء

 نهر بارو الذي يضفي جمال لجمال الوادي الاخضر 

الصورة مأخوذة من شرفة معبد دزونغ .

 وهذا الرحال يطل عليكم من تلة تشرف على وادي بارو 

 المكان المميز لمعبد دوزنغ واطلالته على الوادي مباشرة 

 

وتتوال الصور البديعة لجميل خلق الله تعالى 

وبعد الانتهاء من جولة بديعة لوادي بارو ونهرها الذي لايقل جمالا عن ما حوله ، ننتقل الآن لمنطقة المطار .

مطار بارو الدولي الوحيد بالبلاد

مطار بارو من المطارات الأصغر بالعالم فلا يتعدى مدرجة الكيلومترين فقط وكذلك المدرج ليس بالسهولة النزول فيه أو الإقلاع منه لوجود في وسط وادي تحيط به الجبال الرفيعة ، ولكن لمهارة الطيارين فإنك ستجد لمتعة في الاقلاع والهبوطبطريقتهم المميزة في الالتفاف والمراوغة الفذة.

 صورة من فوق أحد التلال المحاذية للمطار

وصورة أخرى تبين مدى ضيق عرض المطار بين الجبلين 

من عجيب عاداتهم وإعتقاداتهم (عبادة العضو الذكري):
خلال تجولي في هذه المدينه انتابني شعور غريب وانا اتجول بين تلك الابنية وبين المحلات التجارية وكذلك في بعض المعابد البوذية ، بسبب ماشاهدت من منحوتات على شكل العضو الذكري!!!
كانت تملأ المكان بين نحت من خشب أو رسم على جدران المنازل بشكل مقزز ، كما ان بعض الابنيه وهي سكنية ليس لها علاقة بأماكن عبادة قد رسمت وبرسمه خادشه للحياء لذلك العضو بلا حياء… 
فتعجبت من وجودها بهذا الشكل المتكرر حتى في البقاله الصغيره دخلتها فاذا هو معلق امامي، ذكرت ذلك لهم متعجبا من هذا الامر… 
ما هذا الفعل ؟ وبالتأكيد له أسباب فهذه الدول ليست سيئة لهذا الحدّ ، كما أنه بالتأكيد يوجد  لديهم سبب لمثل هذا الفعل!!!
وذلك كونهم من الدول الشرقية المحافظة والتي تعتبرأمور الفساد الأخلاقي بعيد عن أحوالهم العامة ، وهي بلاشك تندرج ضمن  الدول المحافظة نوعا ما ..

فقالوا لي هذا أن وضع تلك المنحوتات والرسومات لذلك العضو الذكري يدل على أمر ديني موجود في ديانتهم البوذية ، فرمزية العضو إنما هي لجلب الخصوبه وكما قال لي المرشد المرافق معي : أن هذا موجود في ديانتهم البوذيه وقد شاهدته بأشكال أكبر وبنحت متقن في المعابد لبعض هذه الاشكال وعلى احجام متنوعه وكانهم يقدسون ذلك العضو الذكري لجلب الخصوبه وجلب الرزق ، فقد كنت أسمع عن عبادة العضو الذكري في الديانة البوذية قديماولم أكن أنني سأقع في المكان نفسه والذي لم أصدّقه الا برؤيتي له هنا وبشكل لايقبل الإختلاف فالحمدلله على نعمة الاسلام والعقل…

الخروج إلى العاصمة ثيمبو:

واليوم ستكون رحلتنا للعاصمة ثيمبو وبالطريق سنتمكن من زيارة بعض الاماكن التي تتحدث عن تاريخ المنطقة ومعالم مهمة ، كما ان الطريق الى العاصمة معبد وهو خط واحد بأتجاهين للسيارات وضيق نوعا ما ، وسنحاذ بالمسير نهر بارو المتدفق جنوبا حتى التقاؤه بنهر ثيمبو في دلتا ليتصلا ويجريان بنهر واحد يصب بالاراضي الهندية ،

والى تفاصيل الرحلة .

- زيارة معبد كيجو لاخنج  Kichu Lhakhang 

- رؤية الطريق الى العاصمة ومعالمه وطبيعته المميزة

- زيارة أحد الجسور المبنية بسلاسل حديدية يعود لمءات السنين

- زيارة نقطة التقاء نهر بارو ونهر ثيمبو 

- بوابة العاصمة ثيمبو

- الوصول للعاصمة ثيبو 

كانت زيارتنا لأول معلم وهو معبد كيجو لاخنج  Kichu Lhakhang 

وهو معبد من المعابد المنشرة في كثير من مناطق بوتان ولم أقف على تفاصيله كثيرا فلم أرى مايستدعي ذلك فهو قريب الشبة بينه وبين الأخرى من معابد بوتان ، ولم يكن مميزا كمعبد دوزنغ الأشهر والاجمل بناء .

الطريق للمكان الاول في طريقنا نحو ثيمبو 

وحين وصولنا للمكان وجدت سيارات رسمية من نوع مرسيدس سوداء وعليها اعلام وأخبرني الدليل بأنه يوجد وزراء وكبار الدولة في زيارة دينية للمكان ..

وأثناء تجولي بالمكان رأيت أحد الغرف المنزوية وأسمع من ورائها صريرا ناتج عن دوران شيء واتجهت لأرى غرفة مليئة بإسطوانات ضخمة ومثبتة عموديا وتحت كل اسطوانة رجل أو لإمرأة حليقي الرؤوس تقريبا وهم يحركونها بإستدارة وبأستمرار بلا توقف وسألت الدليل عنهم وما يصنعون فأخبرني أنهم يهبون أنفسهم للمعبد ويجلسون هنا في تحريك تلك الاسطوانات طوال اليوم ويأتي من بعدهم غيرهم في اليوم التالي وأن تحريك تلك الاسطوانات متعلق بما كتب فيها من كتابات بوذية لعلمائهم ورهبانهم وأنه كلما دارت تلك الاسطوانه فهم يبثون مافيها من ترانيم ويكسبون فيها الراحة والسلام الداخلي ...

لدى وصولنا كان هناك زيارة رسمية من كبار رجال الدولة للمعبد

ومن داخل المعبد حيث تتشارك الكلاب والبشر والرهبان في المكان 

وهؤلاء كتب عليهم الشقاء في تدوير تلك الاسطوانات الكبيرة طوال اليوم كنوع من التعبد.. 

خرجنا من المعبد وبأتجاه ثيمبو وبأتجاه نهر بارو وصلنا لمناطق متنوعة منها الجسر القديم الحديدي وقد بنته الهند ليكون المعبر الرئيس للنهر الجاري وبعدها واصلنا المسير حتى أقتربنا من أحد المعالم التاريخية والقديمة وهي أحد الجسور التي تقارب المائة جسر مبنية من سلاسل الحديد والممتدة على أنهر بوتان المختلفة.

جسر الحديد المبني من قبل الهند لتسهيل حركة المرور

وصولنا لجسر السلاسل الحديدي التاريخي

 مناطق مميزة بالطريق الى ثيمبو 

جسر السلاسل التاريخي:

هو واحد من مائة وثمانية جسر منتشرة في التبت وبوتان وهذا الرقم متعدد في المعابد والجسور وكذلك الاعلام التي توضع بعد دفن الميت وللعدد علاقة بتفاصيل البوذية وله مبحث آخر وليس هنا .

ويعد جسر السلاسل من أغرب الجسور المبنية بهذه الطريقة الفذة وهي استخداد السلاسل الحديدة المصنوعة باليد من قبل المهندي غيالبو التبتي(1385-1464) ومنذ القرن الرابع عشر الميلاي وهي باقية ومنذ مئات السنين إلا في تعرض بعضها للتدمير من قبل الزلازل والفيضانات مثل هذا الذي زرناه وقد دمر عام 1969م أثر فيضانات عارمة بالمنطقة  وقد أعيد ترميمه  ليصبح قابلا للاستعمال في عام 2005م .

والجسر يوصل لمعبد يسمى (تل الحصان Tachog Lhakhang)   ومثل هذا الجسر عشرات في مابين بوتان والتبت وهو يصل بين معابد البوذية والطرق ليعبر الانهر الجارية طوال العام .

 الجسر ذي السلاسل والذي يعود تاريخة لمئات السنين 

 تثبيت السلاسل بأعمدة من الخشب والصخور بين ضفتي النهر

مدخل العاصمة ودلتا نهري بارو وثيمبو:

وبعد زيارة ممتعة ومعرفية حول هذا الجسر الجميل أكملنا المسير بأتجاه جريان نهر بارو جنوبا وحتى وصلنا لمنطقة دلتا نهري بارو الآتي من الشرق  وثيبو الآتي من الغرب  ليلتقيا بنهر واحد ويتجه جنوبا نحو الاراضي الهندية .

وعند نقطة الاتقاء يوجد بوابة تعتبر بوابة العاصمة ثيمبو ومنها يجب على المسافرين التوقف لتقديم تصاريح المرور والدخول .

وقد رأيت في هذه النقطة وهي نقطة لعدة طرق للدخول للعاصمة ثيمبو رأيت عدة شاحنات وهي محملة بالبضائع ومتجه نحو العاصمة بكل ماتحمل من بضائع من الهند المجاورة .

 شاحنات هندية تعبر بوابة الدخول للعاصمة ثيمبو 

 نقطة التقاء نهري بارو وثيبمو

النهر المتكون من نهري بارو وثيمبو والذي يتجه جنوبا للهند

النهر الجديدوالمتدفق بقوة للجنوب بين جبال بوتان الكبيرة 

هنا النقطة التي يلتقي بها نهري بارو وثيمبو وقد بني حولها بعض المعالم البوذية

الوصول للعاصمة ثيبمو

وأكملنا الإتجاه غربا بعد عبورنقطة الدلتا لنخرج من نهر بارو ونكمل المسير على نهر ثيمبو والذي يمتد لمسافة حتى يتجه شمالا ولنصل عبر النهر العاصمبة ثيمبو وهي المدينة الأكبر في بوتان ومحدودة بين جبالها الكبيرة وقد أتخذت وادي ثيمبو مؤلا ومكانا ومستقرا وهي ليست بالكبيرة ولكنها معقولة نسبيا لقلة عدد من يسكنها أصلا ولقلة عدد سكان مملكة بوتان ايضا والذي لايتعدة سبع مائة الف نسمة .

معكم الرحال ومن الخلف تظهر العاصمة ثيمبو من على المطل 

 صورة للعاصمة من المطل الجنوبي 

وقبل الوصو لداخل العاصمة دلفنا نحو المطل للعاصمة والذي يعتبر مكانا جميلا لرؤية العاصمة من على ارتفاع لترى جوانب ثيمبو بكل وضوح وترى حدودها وجبالها والوادي التي اتخذت العاصمة منه سكنا واستقرارا.

 وعند المطل الجنوبي بني تمثال كبير لبوذا يتوجه بوجهه للشرق 

دخلنا نحو العاصمة والتي ليست بالحجم الكبير ولم نرى إشارة ضوئية واحدة وللعلم فإن بوتان لاتملك الاشارات الضوئية وليست بحاجة اليها فالعدد الى ماهو قليل فالحالة الاقتصادية لاتسمح بتعدد السيارات ايضا .

وقد حذرني الدليل إن لم نتأخر بالدخول قبل العصر فسنواجه ازدحاما ، وحينما وصلنا متأخرين للوقت الذي حذر منه لم اجد أي زحاما عدا خمس أو عشر سيارات في بعض التقاطعات وهذا ما كان يحذر منه !!!

فليأتي الى هنا الى الرياض مثلا أو الى غيرها ليعرف معنى كلمة زحام .

من داخل العاصمة ثيبمو ويرى الازدحام الذي يقوله الدليل فما اجمله من زحام.

الفندق الذي تم الحجز فيه ويقع في وسط العاصمة والمنطقة الحيوية

تم الوصول للفندق الذي تم الحجز فيه من قبل الجهة التي تعاقدت معهم وكان معقولا ونظيفا ولو أتيت المرة القادمة فسيكون حجزي بفندق أجمل وأفضل وهو فندق تاج تاشي وهو له إطلالة رائعة وذي خمس نجوم ويعتبر الاجمل في بوتان .

 جولة في شوارع العاصمة القليلة 

فندق تاج تاشي ذي الخمسة نجوم وسط العاصمة   Taj Tashi Hotel

فندق تاج تاشي ذي الخمسة نجوم وسط العاصمة   Taj Tashi Hotel

وصلت للفندق قريب المساء ولم تكن لي بعد الوصول الا الراحة وتناول وجبة العشاء المقدمة بالفندق وكانت وجبة هندية بأمتياز ولذيذة جدا ، ثم ذهبت للغرفة وأديت صلاة المغرب والعشاء جمع تأخير وثم النوم لنستعد ليوم آخر حافل بالجولات والمعرفةلنواحي العاصمة ثيمبو إن شاء الله تعالى .

اليوم التالي:

 أصبحنا واصبح الملك لله وها انا بيوم جديد في ارض بوتان المنسية وبعد اداء صلاة الفجر قبل الشروق ومكثت قليلا حتى اتى وقت الإفطار فب مطعم الفندق وبعد تناول وجبة طيبة والحمدلله كان بأنتظاري الدليل واليوم حظي أنه يوجد مناسبة وطنية في بوتان وكانه عيد تقريبا لهمويلبسون فاخر الثياب بالنسبة لهم ويتجهون لمعبد ثيمبو الرئيسي ونحن الآن مستعدون للذهاب لرؤية احتفالاتهم وفرصة للتعرف عن قرب لمثل هذه الأمور .

زيارة قصر تاشيهو دوزنغ:

يعتبر قصر ثيمبو Tashichhoedzong والذي يطلق عليه باللغة المحلية (حصن العقيدة الميمون) هو الاكبر في ثيمبو ، وهو دير بوذي وقلعة للدولة بنيت شمال العاصمة وعلى ضفة نهر وانغ شو الغربية ، كان مقرا لدراما راجا وهو رئيس حكومة مدينة بوتان ومنذ تأسيس النظام الملكي عام 1907م .

ويعتبر القصر المبني أصلا عام 1216م والمكون من مبنى مستطيل وذي ابراج بالاركان مربعة الشكل يعلوها سقف ذهبي ، طبعا المبنى الحالي مرمم وذلك لأن المبنى الاساسي تعرض للتدمير سواء بالحروب او بالزالازل التي تعرضت لها بوتان عموما ، ولكنه حاليا يعتبر المقر الرئيسي للحكومة منذ عام 1952م ويضم حاليا قاعة العرش ومكاتب الملك والأمانة ووزارتي الشؤون الداخلية والمالية وحول المبنى الأصلي تقع بعض مباني الإدارات الحكومية الاخرى .

جانب من التجمع لحضور مهرجان العاشر من تقويم بوتان

 الاستعداد لحفلات اليوم العاشر في وسط قلعة ثيمبو ولمدة اربعة ايام.

 من وسط الحفل والناس قد لبست أفضل مالديها

يعتبر وقت الاحتفال في البوم العاشر من التقويم البوتاني وهو الموافق لما بين شهري سبتمبر وأكتوبر من كل عام ويقام لمدة ارعة ايام ويحضره الامراء والوزراء وكبار الدولة وهم يصطفون على النوافذ المطلة لباحة قصر ثيمبو .

ويعتبر اليوم الاول والاخير هو الاهم حيث يتعرف فيه المحتفلون لبعض قيم البوذية ومبادئها من خلال الرقصات التي يؤديها الممثلون من وسط باحة القصر.

ويعتمر الراقصون بدلات مزركشة بالوان زاهية وأقنعة من الخشب التي تعطي دلالات لمعاني وقيم أخلاقية ودينية لهم وبشكل منظم ، وقد أكتظ المكان بالبوتانيين الذين اتخذو ارضية الباحة والتي نظمت بواسطة الخطوط الارضية ووجود المنظمين حولها ، كما أن هناك حضور واضح للمسؤلين والذين كان لهم مسيرة للدخول والخروج والصعود لأمكنة معينة يطلعون من خلال النوافذ العلوية لسير الحفل كاملا .

وكذلك كان لحضور السياح أمثالي ولبقية من كان متواجدا ف فنادق العاصمة في هذا المكان إذ يعتبر حضور ومعرفة الجوانب الحفل أمرا نادرا ومهما من ناحية التعرف على حياة وطريقة عيش البوتانيين وتناولهم للحفلات والمناسبات المتعلقة بدينهم وعلاقتهم مع بعضهم البعض.

 التزام واضح من قبل البوتانيين بالنظام أثناء الحفلات الجماعية

النظام والالتزام كان يعطي شكلا من التزام البوتانيين بحياتهم ومدى انظباطهم. 

 إهتمام البوتانيين بالمناسبات صغيرهم وكبيرهم يعطي دلالات لحرصهم على التمسك بتقاليدهم

 بداية الفلكلور الديني في باحة المعبد 

وتنوع في الرقصات ذات دلالات ومعاني بوذية صرفة

زيارة السوق المحلي للعاصمة ثيمبو

يعتبر زيارة السوق الشعبي في العاصمة شيئا فريدا وجميلا فهو يطلعك للعديد من الأمور منها أنواع المباع وأنواع البضائع ومعرفة طريقة التبايع والشراء وحالة من الحالات الأجتماعية التي لاتستطيع رؤيتها الا هنا فقط .

والسوق في ثيمبو منقسم لعدة أقسام منها ما هو للمستورد من الخارج ومنها ماهو للإنتاج الوطني وقد جلعل لكل قسم مكان منفصل .

وقد زرت المكان المهم وهو القسم المحلي وفيه عدة أقسام قسم للحبوب المنتجة من حقول بوتان ومنها قسم الخضروات الطازجة ومنها للأسماك واللحوم وقد تجولت لأعطيكم بعضا مما رأيت.

 أحد الجسور الخشبية التاريخية وهي تؤدي للسوق المحلي في ثيمبو

من داخل السوق وفي قسم الحبوب ومنها انواع الرز والذرة والشعير والقمح

 هنا يباع الرز المطحون والحب وانواع من الحبوب بأنواعها 

 هنا فقط ترى الرز بكل ألوانه الابيض والبني والأحمر والسكري ماشاء الله 

 وهنا قسم الخضار المحلية بكل غريبها وعجيبها 

 وهنا محل لبيع أنواع من الفلفل الغريب وبكل أنواعه فهم شغوفون بالفلفل 

زيارة الموقع التذكاري(جورتنChorten) للملك الثالث رينبوشي:

يعتبر هذا الموقع المبني عام 1974م معلما وطنيا للملك الثالث رينبوشي والذي فيه رفاته بعد وفاته عام 1987م وهو يتوسط العاصمة ثيمبو ولملوك بوتان قدسية في المملكة حيث يعتبر مزارا دينيا تقام فيه النذور ويطاف حوله بطريقة عكس عقارب الساعة ويقوم بزيارته كواجب من الواجبات العديد من الأتباع.

نصب تذكاري وأصبح معبد بوذي ومزار فهنا كل شيء قابل للعبادة 

المعبد بشكله الظاهر يمثل محور يطوف حوله الحجاج بحركة عكس عقارب الساعة 

 وهنا أيضا اسطوانات يحركها المتعبدون ليل نهار للتسبيح بما يعتقدون 

توجهت بعد ان استمتعت بالتجول حول السوق وبعض معالم ثيمبو الى أحد المطاعم المميزة وهي تعتبر مطعما فاخرا ولكن اعطيه نجمتين وأما هنا وبالحال التي لديهم يعتبر ذو خمسة نجوم ، وما يميزه أن له إطلالة على المدينة وخاصة الملعب الوطني للعبة الكريكيت الشعبية والتي انتقل الحب لها من الغزو الفكري للهند ، وكما يوجد تصميم بالمطعم لنوعية الكراسي القصيرة جدا وهو يعتبر شكلا من اشكال اتقليد الاصلي في بيوت البوتانيين .

 من داخل أحد مطاعم ثيمبو ومن خلفي حجاج بوذيين نساء مصلعين من تايلند

 المطعم بطريقة مقاعده التي تعارف عليها البوتانيين والقصيرة جدا .

 صورة أخرى للمطعم

الملعب الرئيسي للعبة الكريكت التي اخذت من الهند لتصبح لعبة رئيسية في البلاد

الإتجاه نحو بوناخا:

بعد أن قضينا وقتا ممتعا في العاصمة ويومين تقريبا فيها أتجهنا اليوم لمنطقة لاتقل جمالا وروعة وهي بوناخا العاصمة القديمة لبوتان والتي تكتسي الخضرة والشلالات المتعددة وبعض المعالم التاريخية التي سنتحدث عنها لكم بلا شك.

بوابة الخروج الغربية من العاصمة ثيبمو

من الحوادث المؤسفة والمتكررة هنا في بوتان هو حصول الانهيارات الأرضية نتيجة التربة الطينية الغير ثابتة وخاصة بكثرة هطول الامطار المتكررة بالمواسم العديدة في بوتان ، لذلك هي تتعرض للإنهيارات الكثير للطرق ويقع نتيجتها حوادث مؤسفة كالذي حصل لسائق هذه الشاحنة بالصورة أدناه.

حادث انجراف التربة وسقوط شجرة ضخمة على شاحنة

  الشجرة المنجرفة واختيارها للسيارة لتكون ضحية 

طبعا حصل هذا الحادث قبل اسبوع أوعشرة ايام تقريبا وصادف ان الدليل المرافق معي كان بمهمة في نفس الطريق وقد توقف الطريق تماما بعد الانهيار ولم ينتهو من إصلاح الطريق الا بعد اربعة ايام تقريبا مما حدا به النزول والمشي بالاقدام لمسافة عشرة كيلومترات والنوم في أحد القرى المجاورة لحين تم فتح الطريق ، ونحمد الله أن لم يصادفنا مثل تلك الأنهيارات والتي تعطل حركتنا ووقتنا ضيق جدا .

منطقة دوجولا ذات المائة وثمانية نصب:

تعتبر منطقة دوجولا أو معبر دوجولا نصبا تذكاريا وله رمزية بوذية متمثلة بعدد الانصاب التي يقدر عددهابمائة وثمانية نصب ، وهي بنيت حديثا عام 2005م وذلك كذكرىتاريخية لنصر الملك البوتاني بعد ان قاد 7000 جندي لطرد مجموعة من المتمردين والذين أتخذوا بوتان مقرا لهم وقد ضاقت الهند بهم وهددت بإن تتدخل إن لم تنهي بوتان مشكلة وجودهم الغير مقبول أمنيا في بوتان.

وبعد الأنتصار وقد حدث هذا عام 2003م أمر الملك ببناء هذا النصب في قمة جبل بالطريق بين العاصمة ثيمبو وبوناخا ويبعد عن العاصمة نصف ساعة بالسيارة.

 الرحال في منطقة دوشولا ذات المائة والثمانية نصب للنصر ويرمز للكهنوت البوذي

 وصور من زاوية أخرى

 وهنا ايضا 

والعادة هنا ومن التقاليد البوذية وضع الاسطوانات التي رأيناها في معابهم في غرف وتحتها بكرة تتحرك بفعل المياه الجارية فلايجب وجود البشر لتريك تلك الاسطوانات بل الماء يتكفل بذلك ومجانا كما في الصورة أسفل 

 وتتعدد المباني الصغيرة التي تحوي الاسطوانات التي تحركها جداول المياه بالطريق

وصورة من جهة أخرى 

 وأما الشلالات فهي أكثر من أن تحصى بهذا البلد كثير المياه

 جمال الطبيعة في جمال المياه الرقراقة

 فكل مناطق الجبال تحوي المئات من الشلالات 

زيارة معبد ودير جيمي لوخا Chimi Lhakhang

يطلق على هذا المعبد اسم الرنين والذي بني عام 1499م وهو معبد له رمزية في إنه مقر للكاهن البوذي والذي يطلقون عليه اسم الكاهن المجنون ، وله ينسب ابتداع القضيب الذكوري فيوضعه كاداة لتزيين البيوت والمحال التجارية لإبعاد العين والسحر .

كما انه يوجد بالمعبد قضيب كبير يقوم الكاهن هناك بضرب رؤوس الناس وخاصة النساء ليأخذو البركة في خصوبتهن ...ونحمد الله أن لم يكن في ذلك الوقت الكاهن ولم نرى الضرب وكفانا الله شرو مايعتقدون ، لكن رأيت القضيب المصنوع من الفضة وهو يتدلى من أحد المسامير بالمعبد ولم يسمح لي بالتصوير ، ولكن اظن أن الوصف يكفي عن الاشارة.

صورة للمعبد والذي يختلف في بناءة عن كل معابد بوتان

الرحال ومن خلفي المعبد لمؤسسه الكاهن المجنون

 مساحات رائعة وجميلة في ما حول المنطقة التي زرتها

 تناول طعام الغداء في أحد المطاعم السياحية بالمنطقة

 صورة للمنطقة 

وبعد تجولنا في منطقة لهاخانج   Lhakhang اتجهنا لزيارة العاصمة القديمة لبوتان 

وهي منطقة بوناخا .

الوصول للعاصمة القديمة لبوتان بوناخا

تعتبر بوناخا العاصمة الأولى لمملكة بوتان وتبعد نحو سبع كيلومترات عن النقطة التي توقفت فيها للغذاء وبعد نحو 72 كلم من العاصمة الحالية ثيمبو ويستغرق المسير بالسيارة من ثيمبو الى بوناخا ثلاث ساعات ، .

وبوناخا كانت الحكومة حتى عام 1955م ومنها تم الاتفاق مع الانجليز عام 1907م للحكم الذاتي داخليا وأما خارجيا فيكون تحت عهدة الانجليز.

اتجاهنا للعاصمة القديمة بوناخا

 الطريق لبوناخا جميل ويزداد جمالا بوجود النهر الكبير المحاذي للطريق 

 يكثر زراعة الارز بلونه الاحمر والابيض هنا 

 ما أجمل هذه المدرجات للرز البوتاني 

 معبد دوزنغ بوناخا والذي كان مقرا للحكومة حتى عام 1955م 

الجسر الخشبي المتصل بين ضفتي النهر والمعبد

وهنا نختم رحلتنا بشكر المولى عز وجل في ما سهل وقضى علينا جميل قضاءة وواسع عطائة نسأله البركة في كل حرف وسطر ،اللهم آمين.

في هذا اليوم أختم تقريري المتواضع عن مملكة بوتان التي ضلت عالقة بالاذهان لم تنكشف لأحد ولم تعلن لطبيعتها للآخرين ، ولكن شارء الرحمن أن أكون أول من كتب عنه عربيا وبالطربقة التي تعطيها مكانتها.

والله اسأل ان يبارك في نوايانا وأعمالنا جميعا وأن يغفر للمؤمنين والمؤمنات ويهدي الله أهل بوتان لخير الاسلام وفتحه ونصره هو القادر على ذلك ولا حولولاقوة لنا الا به جل في علاه.

تحياتي وسلامي لكل من قرأ وتابع وعلق حول ماكتبنا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

وائل الدغفق - رحال الخبر

في مدينتي الخبر 

1434هـ 2013م