الشاي للحريم..
بعض هذا الكلام صحيحاً…
خاصّة اذا عرفنا أن الشاي قد وصل متأخرا، ولاشك أنه عُرِفَ بعد أفول ادب العرب الأقحاح والشعراء الفحول.
وقد اتي بالشاي من قبل الغرب واستيراده بداية من قبل شركة هولندا الشرقية ، والتي عرفته منذ عام 1600م ثم ورثته بريطانيا عام 1650م …
روبرت فورتشون الايرلندي سارق شتلة الشاي..
وثم سرقت بريطانيا شتلاته من الصين وذلك عبر العالم الايرلندي روبرت فورتشون عام1847م وحينها زرعت20 الف شتلة والتي سرقها العالم معه من الصين ، وهو التابع للاستخبارات التجارية لشركة الهند الشرقية…
وزرعت في البداية في منطقة جبال مقاطعة آسام الهندية وفي مرتفعات دار جيلنج بالذات…
ونجحت زراعته ثم نقلت لوسط الهند في كلكتا ومدراس وكيرلا..
ثم انتقلت لمرتفعات جزيرة سيلان في نوراليا وكاندي واصبح الشاي قوة تجارية عالمية وبريطانية بالذات، لتصل بانتاجها بداية للخليج العربي عبر موانئها البحرية في جدّة وعدن والبصرة..
وعرف الشاي بالخليج العربي منذ عام1860م .
وفي هذا العام وقد سبق أن تبلورت الفكرة والسيادة للعرب في مشروب الضيافة الاول البن.
وخاصّة البن اليمني من (جبال خولان) والذي عرفته اوربا بداية من عام 1520م عبر البرتغاليين..
ثم سيطرت عليه الدولة العثمانية عام1550م.. وحينها أضحى المشروب الأشهر بعد ان ساهم تجار حضرموت بنشره لمدينة جدة والقاهرة والشام والعراق حتى وصل لاسطنبول عبر أفتتاح اول مقهى للقهوة لأثنين من العرب السوريين..
وحينما اشاد الشاذلي بقصيدته المعروفة وسميت القهوة به نسبة لتناوله تلك الحبيبات المحموسة بالطريقة الشاذلية انتشرت للعرب وخاصّة للجزيرة العربية كلها بلا استثناء..
ويلاحظ ان في ذلك الوقت ومنذ عام1550م كانت العرب مازالت تهتم بالمجالس والشعر والادب
وتتناقل بينها لما يحدث في مجالس الرجال من ادبيات للحرب والغزو والشجاعة والكرم ومن الكرم مايؤكل ويشرب ، وكانت القهوة حاضرة وبقوّة في جوانب الأدب بكل تفاصيلها.
فكان للبن حديثا وللدلّة حديث، وللصبّة كلام وحتى للفناجيل مدارا لتسخير الشعر والادب فيه.…
وبالطبع كل تلك الأدبيات لمجالس الرجال ومايحصل فيها…
وبالطبع النساء لهنّ القهوة ولكن ليست كما للرجال من احتراف وتفاصيل متناهية الصغر قد يكون لفضاوتهم فالمرأة لديهم تطبخ وتنفخ وتبني الخيام وتهدّها وتحملها وهي ربّة البيت وملكته عدا اربعة لاتمسهم. (القهوة والفرس والسيف والناقة)…
فالقهوة أضحت رجولية بأمتياز..
وحين وصل الشاي رغم أنه عرف قبل القهوة بخمسة الاف عام الا أنه لم يصل للعرب في مجدهم الادبي.. وظل غائبا لمجالسهم حتى بداية الاستعمار الإنجليزي لدول الخليج قاطبة وللعراق فدخول الانجليز كان عام1820م وسيطرو على القواسم وعلى كل دول الخليج وبلا منافس…
ثم ظمور دولة بني عثمان بالمقابل..
وأول ظهور للشاي بجزيرة العرب كان عام1860م ووصلها عبر موانئ البصرة وجدة وعدن ليبدأ مشواره الثقافي عبر ثقافة انجليزية بحتة فهي من أتت به ونشرته …
لذلك حينما نشر الانجليز شرب الشاي وبالسكر بدلا من الثقافة الصينية الأصيلة وهي شربه مرّاً بغير سكر فأصبح لدينا ثقافة شربه حلوا وشاع في تسميته بالحلو ، ودخل للخليج حلو المذاق مع ماسوّق من(الشربت)وهو عصير التوت المحلى والذي اوتي به من الهند ، والهند كما هو معروف وقتها مستعمرة وجوهرة انجلترا وكان يسمى ذلك المشروب البارد بالخليج (نامليت)..
لكن النامليت يقدم باردا والشاي مغلياً، فقدّم الشاي بالبيوت والنامليت بالدكاكين والمحال التجارية.. وكون الشاي حلوا استطابته العوائل وظل يشرب فيها ولم يكن يشرب في المقاهي حتى استطابه أهل العراق ونشر في مقاهيها…
وايضا انتشر في مقاهي الحجاز، أما في البادية ونجد فظل مشروبا يقدم بالمنازل دون تقديمه كضيافة للضيف كونه حلواً وتعوّد العوائل العربية شربه بينهم وبين زوجاتهم وفي مجالس النساء لذلك لم يدخل الادب العربي البدوي في مدحه بسبب تأخره مظهر تناوله في البيوت وليس بالمجالس وكونه حلوا خلاف القهوة التي أضحت مشروب الكرم واستقبال الضيف.
ولو سبق القهوة حضورا وفي وقت شيوع الشعر والمجالس لنافس القهوة وسيطر عليها بلا شك، لكن هكذا العادات تنتشر ، والقيم تؤرخ حسب سيطرة الثقافة وقتها..
ولاشك أن الدولة العثمانية قد عززت للقهوة أكثر من الشاي نتيجة للحرب التجارية بين اوربا والتي سوّقت الشاي والعثمانيون للقهوة.
فاضحت القهوة رجولية والشاي نسائي طبقا لذلك… والناس كما يقال على دين ملوكهم وثقافة الدولة العثمانية هي التي نشرت ثقافة القهوة للدول العربية آنذاك، ولم تسيطر بريطانيا بثقافة الشاي الا بعد ان فككت الاواصر بين العرب بتقسيم دولهم للسيطرة وحينها كان للشاي نقلة متأخرة لم تجعله في مصاف القهوة أدبيا على الأقل..
وهكذا كانت سيرة الشاي تاريخيا وسبب عدم تقديمه على القهوة.
اما في المغرب العربي فللشاي حظوة أفضل بسبب اهتمامهم به عن القهوة...
قصتي مع القهوة
سبحان الله اللي منعني عن القهوة..
حاولت ان ان اتذوقها ..
فعلت المستحيل لأستطيبها..
غصبت نفسي لتكون مشروبي..
فكثير مما حولي يستطيبها الا انا.
جربتها بالحليب فلم تكن كما أحببت..
وضعت عليها الكاوكاو فطغت مرارتها..
جربت بنكهاتها كالفرنسية فلم تصل لذائقتي…
جربت قهوة الفستق بلا قهوة نفس الشئ..
بل حتى قهوة فصم التمر كانت مرّة شنيعة…
كل ماسبق لم يصل بى لكيفها…
ولا حتى لاشتهاء شربها واحتسائها..
فقط رائحتها عندي ساحرة…
المحمّصة جيدا بالطبع..
وغير ذلك اشربها مجاملة..
أو كأنها من اللياقة العامة ..
فعرفت في نفسي أنها لاتليق لي ، وليست من طبعي ولا ذوقي ..
بعكس الشاي الذي له شعور في كل خلايا جسدي حينما أشربه..
اجده في اكتمال فكري..
واجده طعمه في حلقي..
وحين يصل لجوفي يحصل مقصودي…
لا أعرف ماهو لكن مطلب يتجدد في طلبه…
لذّة الشارب واسكات الطالب..
طيفه يسكت اضطراب فكري..
ورائحته تغمي سيحان حلمي..
وفي أول رشفة يحصل المقصود..
لاتسل عنه فهو غير معروف…
قد يكون كما لشارب القهوة..
لكنني وجدته في الشاي..
مع أن الفوائد العظيمة للشاي تطغى على القهوة ولكن ليس ذلك السبب..
هل من الممكن كون البن ذكر وورقة الشاي انثى… 😅
قد يكون ذلك ..
ولابد لي ان اقتنع لأنه حاصل لي..
مع احترامي لكييف القهوة بالعموم..
فانا من صنف الشاي..
وحقيقة شرب القهوة عندي للمناسبات ليس الا…
والناس فيما يعشقون مذاهب…
فالقهوة مثل الماء عندي…
لا أطلبها الا لضرورة ..
فالماء ان عطشت..
والقهوة ان عُزِمْت..
لكن الشاي شهوة ، ولذّة واشتياق…
اشربها طلباً ورغباً وحباً ومتعةً…
وهناك للأمانة قهوة واحدة اطلبها واستلذّ بطعمها وهي قهوة تعدّها والدتي رحمها الله ..
ويقال عن هذه القهوة شمالية ..
ولها طقوس تتمثّل في تعتيقها( تخميرها)..
ويطلق عليها تسمية "القهوة المبيّتة" نظرا لأنها بعد بياتها ليلة كاملة يعاد غليها بعد أن تكون اكتسبت طعما لاذعاً حامضا ..
وهي الذّ ماشربت من القهوة..
واصنعها في ديوانيتي للضيوف واعجبو بها..
وطريقتها تحميص البن بدرجة غامقة وطحنها بدرجة 5 "مجروشة"..
وثم تغلى في الابريق وتشرب كقهوة عادية ويبقى الحثل مع قليل من مائها في الدلّة…
ثم تبرّد وتبيّت لتبقى 24 ساعة بعدها في مكان ظل براد..
وفي اليوم التالي يتم أخذ الحثل الملئ بماء القهوة السابقة المبيّت، ويزاد عليه ماء جديد مع كمية من القهوة الجديدة على الحثل المتخمَر القديم…
ويصب الماء وتغلى فتكسب القهوة الجديدة شئ من حموضة الحثل القديم ..
ويكون طعمها الذ وأطيب حموضة بسيطة مع قهوة مهيّلة طيّبة…
___________________________________
وقد قام احدهم بالرد على ماذكرته بقوله:
ونحن نعامل القهوة
كأنثى تحتضن أفكارنا
وتثير رائحتها رغباتنا
وتجعلنا في وضع الإستعداد واليقضة 😉👌🏻
وكذلك نعامل الشاي كالصديق وقت الضيق
والرفيق في كل طريق
يسلينا احتسائه
ويسعدنا طول بقاءه
فاختر ياصديقي ما يناسب ذوقك
فكلاهما بالقلب رفيق
وفي الجوف كالرحيق
ويجعلا منك شخصا رقيق 😍
وإن شئت
فاحتسي الشاي في فنجان قهوة لتستطيب 😅
أو عش حياتك كما أنت يالحبيب 😘
كتبه أبومشعل من سلة المسافر ✈️ iLoo
________________________________
فرددت عليه بالتالي:
الله الله لدفاعك المستميــــت ..
فأنا اقف أمام منافس شديــد..
وصاحب قلم واديب خرّيـــت..
قد عشـــق السمـــراء حبّـــــــاً..
ولم يسقط للشــــاي ذوقـــــــا..
جمعهم مع تغليب المرَة لونـــا..
وجعل من البنّ سيدة الكيـــف ..
مع كونها ذكرا وهكذا الحريـف..
والاذواق دومــــا في اختـلاف..
وتبقى عراقة ورقة الشاي..
بعبق تاريخه القديم..
وشجرته المقدسة..
مشروب العالم الأول فلاينافسه
مشروباً بمكانته وسعره وقيمته
وتبقى الأذواق متحرّرة سائحة
تختار ما تشتهيه..
وتحبه لتقطفه ..
هذا شاي ..
وذاك متّة..
وهناك قهوة..
والكيف مطلب بالعادات كرّة وكرّة
فلامشاحاة لفكرةأو تغليب لشهوة
الكلّ مستمتع..
وتبقى النكهة..
والكيف يبحث عن صاحب ..
فما وجدته..
اجعله في رضا المحب..
تفكرا وتدبرا ..
ونظرا في مايزيد ايمانك ..
فما لتلك النكهات الا عونا للطاعة.
سبحانك اللهم وبحمدك..
لا اله الا انت عظيم الشان..
وصلاة ربي على الهادي الأمين..
محمدا ابن عبدالله عليه الصلاة..
واتم السلام ..
تحياتي
مع تحيات متحف الشاي.
#الرحال_وائل_الدغفق
#رحال_الخبر
#رودRK