*قصة رملية بأجمل صحاري الكون الربع الخالي*
✍🏼:الرحال وائل الدغفق
بسم الله وبحمدة وبه نستعين من شر ماخلق
ونحمدالله ونصلي على اشرف خلق الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين…
ثم أما بعد…
في ذات يوم بديع من أيام الله الرائعة ، كنا في رحلة لتحدي النفس أولا والدواب ثانيا فهي التي حملتنا لتلك الربعة الخالية من بلاد الله التي تتحلى فيها قدرة الرحمن وعظيم خلقه…
هناك تجد النفس فيها بغيتها…
وتسترد الروح فيها راحتها…
وتستجيب الأعضاء لكل ماتجد…
فهنا فقط لنسيم الليل شيئا لم تعهده، ونحن نضع احسادنا تحت الرمال الحمراء النقية…
وفوقنا السماء الزرقاء الصافية وفي المساء تتشكل لوحة منقطة بنجوم ابدعها الرحمن وصنعها لتكون لوحة سرمدية…
هنا لاصوت يعلو على صوت تلك النسمات التي تلاعب اشجار الأرطى والحاذ والزهر في وسط وجنوب الرملة…
خاصة أننا وصلنا لمنطقة تعتبر مثال للحياة العجيبة في وسط صحراء يظن أنها موات…
هنا كنا في بحيرة ماءها زلال صافي مزرق يخرج من باطن الأرض ، ومن أعماق سحيقة وقد أختلط بمعادن استشفائية مميزة وكبريت يعالج البشرة.
وهذا مما حفز الشباب مع اعتدال الجو ليغطسو فيها لنيل شيئا من بركات الرحمن فيما خلق من تلك المياه لبحيرة تعرف بأسم
*أم الحيش* .
انها بحيرة صافية تداعب شطئانها الكثبان الجرداء العالية التي تسمى هنا بأسم *الشقوق* وفي نجد تسمى *القعد* *والنقى* بارتفاع يصل لنحو 250متر.
وترى النخيل سامقة في وسط اللاشيئ من حولها مع نباتات مختلفة. منها الطرفاء والقصب يحمي حماها الحامية بحرارتها التي تبرد مع فسيح سيحانها التي تمخر *خبب الكثبان* والتي تسمى هنا بالربع الخالي بـ *الثاية*…
هنا جلسنا لنتسامر بين بعضنا ويسبح البعض بعد أن وضعنا مظلة تقينا حرارة الشمس الموهجة ونتبرد بالظلال البارد فمازلنا في شهر يناير من عام2019م 1440 هـ ..
شربنا الشاي بعد القهوة وخرج سباحونا وطير طيارونا طياراتهم لتصوير تلك المناظر البديعة لتلاقي مياه الأرض برمال اعظم صحاري الكون ، كيف لا وبها قوم عاد والأحقاف وقد كانت ارضا حية يوما ما ومازالت في أعماقها الذهب الأسود الذي ينبع في كل مكان.
*حادثة وعبرة*
وبعد قضاء وقت يسير وقبل الغروب فالمبيت هنا ليس بجمال النهار بسبب الناموس الذي يقتل كل جمال…
آثرنا الخروج من هذا المكان وهممت انا كأول الخارجين…
لأرى أمامي منعطف شديد مع ارض رملية وحوله اجزاء من البحيرة ومع السرعة وقعت في الفخ…
وصرت في مكان لا أحسد عليه…
طبعا الحالة اعتبرها بسيطة ومعالجتها سهلة لولا الجماهير السعودية التي تحب الفزعة في كل شيئ وتجعلك وكأنك لاتفقه شيئا فهذا يقول لف يمين والآخر يحذر من البحيرة وهناك من يقف ليدلك على المسار… .
كل هذه المشوشات تجعل من الخبير عاجزا امامهم وليس لك الا أن تقول لهم نعم نعم ..
وانت تدبر أمرك الذي تعرفه..
طبعا المحاولة هنا معدومة ولاعلاج الا بإنزال هواء العجلات لخمس درجات من درجات psi…
فهذا يجعلني اقود السيارة بطريقة سلسة جدا وهكذا فعلت ، لكن هل هدأت الأصوات لا….
مازال البعض يوجه ويعطي تعليمات وبعضهم قد لايكون عارفا بالمشكلة اصلا لكن من باب اعن أخيك ظالما أو مظلوما…
المهم بدأت السيارة بالخروج وقبل أن تخرج ركب أحد الأخوة داخل سيارتي وكان يقول بافتخار وشيئا لم اصدق ماقاله… .
يقول :
*ماعليك يابو ابراهيم انا ابي اطلعك…*
وانا من شدة الصدمة وانا اسوق لم ارد عليه اطلاقا…
لم أصدق ماسمعت ولم أفهم مايقول…
هل هو يمزح أم من شدة الموقف يريد الممازحة وهذا الذي اتوقعه..
المهم خرجت كما دخلت والحمدلله بفضل الله لابفضلي ولابفضل احد…
ثم توقفت لأنفخ عجلات سيارتي لأنها على الجنط كما يقال.
وأحد الشباب يقول لي في الأخير بعد النفخ:
*ترانا طحنا فيها قبل كم أسبوع*
قلت له:
*كيف خرجتم*
قال لي:
*سحبونا بالونش*
وأخبرني أنني احسن ماسويت أنك لم تسمع لأحد..
طبعا هذا يحدث كثيرا وفي كل المناسبات تجد الناس بطبعهم الودي والتعاون والتفاعل من باب الخير يفعلون ذلك وليس للتشويش.
لكن هذه لاشك تسبب ازعاج وقد يحصل فيها عناد وتحدي فيقع الحليم حيران.
المهم خرجنا لنتخذ أحد *الثايات* وهي *الخبب* مكانا للمبيت واعداد العشاء .
هكذا كان يوما بديعا مميزا
أخوكم *رحال الخبر*
*رحلة الربع الخالي1440هـ*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق