في أيام صائفة شديدة الحرارة حرك الشوق بعض الشباب المهتمين بالبلدانيات لزيارة بعض المواضع وهم كل من عبدالله السهلي وصالح الحربي وخالد الدخيل واصطحبوني معهم ...
معكم عضو الرحلة وكاتب التقرير حمد الواصل .
كنت بمعيتهم فصحبتهم حبا برفقتهم والاستفادة من علمهم ومعرفتهم وعلى قول الشافعي
أحب الصالحين ولست منهم = وأرجو أن أنال بهم شفاعة
بداية الرحلة
كانت بداية الرحلة في يوم الخميس 23 من شوال لعام 1437 واستمرت ليوم السبت 26 من شوال
كانت نقطة التجمع في قاع الأجفر الشهير باعتدال جوه ليلا مهما كانت حرارة الهاجرة.
وصلنا قاع الأجفر عصرا واطلعنا على بركة في طرفه الشمالي يقال لها بركة خالصة 1 وهي دائرية الشكل صغيرة نسبيا يبلغ قطرها بحدود العشرين مترا يغذيها شعب صغير شمالا منها انطمرت بفعل الرياح والرمال وحوطت بشبك من الآثار اخترنا بعده مكان للمبيت قبيل الغروب عند بداية رصيف خالصة 2
و خالصة هي مربية أبناء الخليفة العباسي المهدي ومنهم هارون الرشيد زوج زبيدة التي نسب لها طريق الحج السلطاني من الكوفة وحتى مكة وذلك أنها أمرت بتجديد آباره وبناء بركه ومصانعه وتجديد أعلام طريقه. فحفظ الله ذكرها منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لما نفعت به عباد الله وسهلت لهم نسكهم.
وأما خالصة فقد أمرت عبيدا لها برصف طريق للحاج يخترق قاع الأجفر وذلك أنه عند نزول الأمطار تتجمع المياه في هذا القاع وتبقى زمنا فلا يستطيع الحجاج المرور معه فيحاذونه فيشق عليهم ذلك فأمرتهم برصفه وتكلفته من نفقتها وجزاؤهم حريتهم فبقي شاهدا على عملها ليوم القيامة. وهو طريق مرصوف بالحجارة بعرض يقرب من العشرين مترا حدد بحجارة على جنباته بقيت شاهدا عليه والرصف اندفن أغلبه بفعل الطمي من مياه الأمطار عبر السنين الطويلة دون صيانة وتجديد. بلغ طول الرصف أربعة كيلو مترات ونصف عند نهايته من الجهة الجنوبية إلى الغرب قليلا بركة الخيزران وقد تم تجديدها في العهد السعودي وإلى الجنوب منها آبار قديمة تقع جنوبا من قاع الأجفر والتي عرف عنها عذوبة مائها. ووجدنا بعض قطع الفخار الملون وقطع من الزجاج العباسي.
كان من أهم أهداف الرحلة الإطلاع على أقواس بركة العرايش وقبر المرجوم العبادي
كان زميلنا صالح الحربي له دراسة مستفيضة في درب زبيدة وشاركه في هذا الجزء رحالنا محمد المعارك ولكنهم لم يجدوا القنعة قنعة خفاف كما وصفها الحربي إبراهيم صاحب كتاب المناسك( والبركة مدورة تسمى القنعة ) على بعد ثلاثة أميال من الثعلبية( البدع حاليا ) حيث وجدو بركة مربعة الشكل مجددة أقرب ماتكون للشعب أسفل جال الضبيب زرناها ودار نقاش حولها أنها غير المقصودة. وسنعود لها مرة أخرى.
انطلقنا مسرعين نستحث الخطى في لهيب الشمس الحارقة لمنزل العرائش ونزلنا على البركة الثالثة الجنوبية وتقع غرب خط لينه تربه بجوار الخط مباشرة بركة حسين الخصي وصورناها وقد كادت الرمال تخفي معالمها وتوجهنا بعدها للبركة الشمالية 3 ذات الأقواس البديعة على تصريف المياه الزائدة وتقع شرق الخط المتجه نحو لينه من تربه تظهر البركة مربعة الشكل وفي طرفها الشرقي قوسين 4 جميلين محكمين على تصريف المياه الزائدة ويوجد في شمالها آثار قصر تهدم.
للأسف حمى البحث عن الكنوز والآثار لم تدع لنا معلما دون نبش وتخريب فلا أدري أبلغت بهم قلة المعرفة والإدراك إلى هذا الحد أم أنه الهوس أثر على عقولهم فصارو يتصورون كل موضع مكان لكنز دفين وثمين. فهدموا آثارنا وتراثنا ونبشوا قبور الصالحين والطالحين وخربو كل معلم وهدمو كل أثر وحضارة.
انطلقنا بعدها لمنزل العشار وتوجد به عدة برك وآطام منازل وقصور وقد جددت البركة الرئيسة ووجدنا بركة جانبية لم تمس وعندها آطام قصر ومن العجيب في هذه البركة القناة المائية 5 المصروفة لها على جنبات الضلع المجاور لها من الجهة الشمالية الغربية والذي يمتد بحدود كيلين تقريبا أخذ انسيابية تجاه البركة عبر جدار حاجز للمياه يميل مع إنحناء التلال المجاورة وميول نسبي حتى يصل للبركة بجوار القصر. استوقفتنا هذه الدقة الفنية والهندسة المائية لبحثهم عن سبل العيش بوجود الماء.
الوصول الى أحد المعالم المشهورة
مررنا قبل هذا المنزل بركم من الحجارة ارتفع كثيرا بحدود ستة أمتار أو تزيد على الوصف أنها هي قبر العبادي 6 واختلف فيه على أقوال منها
1/أنه قبر ساسان بن روزبه كان نصراني فأسلم وقدم على سعد بن أبي وقاص فبعثه لعمر بن الخطاب ففرض له عطاء ورده لسعد فمات في الطريق وكان مع الأكرياء وهم العباد فأشهدو على موته ودفنوه فسمي بالعبادي.
2/ أنه قبر لرجل رافضي حج مع الأتراك فاختلف معهم فسب بعض الصحابة فقتلوه رجما بالحجارة فكان كل من مر عليه وعرف قصته رجم قبره فصار بهذا الحجم الكبير. ذكر ذلك ابن بطوطة.
3/ ذكر رجل أنه حج ومر على قبر العبادي فلم يرجمه فهل عليه إثم فقال له شيخه مالك وماله ذاك رجل صالح أنكر منكرا فقتلوه ورجموه.
ويبقى أمره لله إن أحسن أو أساء وأمر من رجمه لله ونبرأ إلى الله من عرضه كما برئنا من دمه.
كان لنا عودة لبركة قنعة خفاف حيث دار نقاش مستفيض حولها وتم مقابلة النصوص ودراستها بشكل أكثر دقة من خلال كتاب المناسك للحربي وكتابدرب زبيدة ل د سعد الراشد وكتاب معجم شمال المملكة للشيخ الجاسر ومشاهدات أبي سهيل عبدالله السهلي السابقة وتحديد جمران خالد الدخيل للموقع من خلال الصور الجوية قوقل. انطلقنا وكأن قائدا بصيرا ودليلا خريتا يقودنا له حتى وقفنا عليها 7 فإذا هي كما وصفها الحربي في كتابه ويعتبر من أدق من وصف طرق الحج لمكة.
تتبعنا الطريق عبر عرق المظهور بأعلامه وتحديده بالحجارة يمنة الطريق ويساره ونقي وسطه من الحجارة وأقرب مايكون لشامة مغيلث حاليا حتى وصلنا لبركة الغميس 8 وقد جددت واحدة منها وبقيت الأخرى على حالها وعندها قصر قد تهدم ولم يبق إلا أساساته طمرتها الرمال.
كان مبيتنا في ليلة هادئة مليئة بالنجوم لبعد أضواء المدن وضجيجها في الرمال الذهبية في عرق لزام قرب بئر الغيثي. لنستكمل الطريق صباحا للكشف عن أميال الطريق وأعلامه عبر هذه الرمال الدافنة لكل ما حولها. واصلنا الطريق حتى وصلنا شامة زرود وفيها منزل الخزيمية 9 وبقربه منزل وسيط تراه بعينك في الشمال الغربي على بعد كيلين فقط.
وجدنا فيه بعض الملتقطات من كسر فخار ومسحنة.
انطلقنا بعده عبر عرق الأشعلي فالابيتر وخب الحسك وأخيرا أبيتر الرزانه المطل على الخوير وفيه بطن الأغر قرب قرية المهينية.
اكتشاف فرن لصهر الطين لترميم البرك
بطن الأغر 10 منزل مهم قبل القاع الأجفر وقد أدخل في شبك مزرعة سورت بسلك شائك وجدنا فيها علمين متجاورين صغيرين وثالث كبير مطل على المنزل حيث البركة والبئرين وجدنا واحدة وأخرى لم نعثر عليها وجدنا نبشا قريبا فتوجهنا له فإذا هو فرن عباسي 11 كان يستخدم للصهر لطلاء البرك ليحافظ على تسربات الماء. رب ضرة نافعة كان هذا النبش عن الكنوز أظهر لنا هذا الفرن وهو الشكل الأول اللذي عرفنا على طريقة الصهر والشوي للطين وطبخ الآجر اللذي يعتبر ملاط البرك والقصور العباسية.
كان هذا المنزل هو ختام رحلتنا البلدانية عبر منازل درب زبيدة من العشار للأجفر
كتبه حمد الواصل
26/10/ 1436
معكم عضو الرحلة وكاتب التقرير حمد الواصل .
كنت بمعيتهم فصحبتهم حبا برفقتهم والاستفادة من علمهم ومعرفتهم وعلى قول الشافعي
أحب الصالحين ولست منهم = وأرجو أن أنال بهم شفاعة
بداية الرحلة
كانت بداية الرحلة في يوم الخميس 23 من شوال لعام 1437 واستمرت ليوم السبت 26 من شوال
كانت نقطة التجمع في قاع الأجفر الشهير باعتدال جوه ليلا مهما كانت حرارة الهاجرة.
وصلنا قاع الأجفر عصرا واطلعنا على بركة في طرفه الشمالي يقال لها بركة خالصة 1 وهي دائرية الشكل صغيرة نسبيا يبلغ قطرها بحدود العشرين مترا يغذيها شعب صغير شمالا منها انطمرت بفعل الرياح والرمال وحوطت بشبك من الآثار اخترنا بعده مكان للمبيت قبيل الغروب عند بداية رصيف خالصة 2
و خالصة هي مربية أبناء الخليفة العباسي المهدي ومنهم هارون الرشيد زوج زبيدة التي نسب لها طريق الحج السلطاني من الكوفة وحتى مكة وذلك أنها أمرت بتجديد آباره وبناء بركه ومصانعه وتجديد أعلام طريقه. فحفظ الله ذكرها منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لما نفعت به عباد الله وسهلت لهم نسكهم.
وأما خالصة فقد أمرت عبيدا لها برصف طريق للحاج يخترق قاع الأجفر وذلك أنه عند نزول الأمطار تتجمع المياه في هذا القاع وتبقى زمنا فلا يستطيع الحجاج المرور معه فيحاذونه فيشق عليهم ذلك فأمرتهم برصفه وتكلفته من نفقتها وجزاؤهم حريتهم فبقي شاهدا على عملها ليوم القيامة. وهو طريق مرصوف بالحجارة بعرض يقرب من العشرين مترا حدد بحجارة على جنباته بقيت شاهدا عليه والرصف اندفن أغلبه بفعل الطمي من مياه الأمطار عبر السنين الطويلة دون صيانة وتجديد. بلغ طول الرصف أربعة كيلو مترات ونصف عند نهايته من الجهة الجنوبية إلى الغرب قليلا بركة الخيزران وقد تم تجديدها في العهد السعودي وإلى الجنوب منها آبار قديمة تقع جنوبا من قاع الأجفر والتي عرف عنها عذوبة مائها. ووجدنا بعض قطع الفخار الملون وقطع من الزجاج العباسي.
كان من أهم أهداف الرحلة الإطلاع على أقواس بركة العرايش وقبر المرجوم العبادي
كان زميلنا صالح الحربي له دراسة مستفيضة في درب زبيدة وشاركه في هذا الجزء رحالنا محمد المعارك ولكنهم لم يجدوا القنعة قنعة خفاف كما وصفها الحربي إبراهيم صاحب كتاب المناسك( والبركة مدورة تسمى القنعة ) على بعد ثلاثة أميال من الثعلبية( البدع حاليا ) حيث وجدو بركة مربعة الشكل مجددة أقرب ماتكون للشعب أسفل جال الضبيب زرناها ودار نقاش حولها أنها غير المقصودة. وسنعود لها مرة أخرى.
انطلقنا مسرعين نستحث الخطى في لهيب الشمس الحارقة لمنزل العرائش ونزلنا على البركة الثالثة الجنوبية وتقع غرب خط لينه تربه بجوار الخط مباشرة بركة حسين الخصي وصورناها وقد كادت الرمال تخفي معالمها وتوجهنا بعدها للبركة الشمالية 3 ذات الأقواس البديعة على تصريف المياه الزائدة وتقع شرق الخط المتجه نحو لينه من تربه تظهر البركة مربعة الشكل وفي طرفها الشرقي قوسين 4 جميلين محكمين على تصريف المياه الزائدة ويوجد في شمالها آثار قصر تهدم.
للأسف حمى البحث عن الكنوز والآثار لم تدع لنا معلما دون نبش وتخريب فلا أدري أبلغت بهم قلة المعرفة والإدراك إلى هذا الحد أم أنه الهوس أثر على عقولهم فصارو يتصورون كل موضع مكان لكنز دفين وثمين. فهدموا آثارنا وتراثنا ونبشوا قبور الصالحين والطالحين وخربو كل معلم وهدمو كل أثر وحضارة.
انطلقنا بعدها لمنزل العشار وتوجد به عدة برك وآطام منازل وقصور وقد جددت البركة الرئيسة ووجدنا بركة جانبية لم تمس وعندها آطام قصر ومن العجيب في هذه البركة القناة المائية 5 المصروفة لها على جنبات الضلع المجاور لها من الجهة الشمالية الغربية والذي يمتد بحدود كيلين تقريبا أخذ انسيابية تجاه البركة عبر جدار حاجز للمياه يميل مع إنحناء التلال المجاورة وميول نسبي حتى يصل للبركة بجوار القصر. استوقفتنا هذه الدقة الفنية والهندسة المائية لبحثهم عن سبل العيش بوجود الماء.
الوصول الى أحد المعالم المشهورة
مررنا قبل هذا المنزل بركم من الحجارة ارتفع كثيرا بحدود ستة أمتار أو تزيد على الوصف أنها هي قبر العبادي 6 واختلف فيه على أقوال منها
1/أنه قبر ساسان بن روزبه كان نصراني فأسلم وقدم على سعد بن أبي وقاص فبعثه لعمر بن الخطاب ففرض له عطاء ورده لسعد فمات في الطريق وكان مع الأكرياء وهم العباد فأشهدو على موته ودفنوه فسمي بالعبادي.
2/ أنه قبر لرجل رافضي حج مع الأتراك فاختلف معهم فسب بعض الصحابة فقتلوه رجما بالحجارة فكان كل من مر عليه وعرف قصته رجم قبره فصار بهذا الحجم الكبير. ذكر ذلك ابن بطوطة.
3/ ذكر رجل أنه حج ومر على قبر العبادي فلم يرجمه فهل عليه إثم فقال له شيخه مالك وماله ذاك رجل صالح أنكر منكرا فقتلوه ورجموه.
ويبقى أمره لله إن أحسن أو أساء وأمر من رجمه لله ونبرأ إلى الله من عرضه كما برئنا من دمه.
كان لنا عودة لبركة قنعة خفاف حيث دار نقاش مستفيض حولها وتم مقابلة النصوص ودراستها بشكل أكثر دقة من خلال كتاب المناسك للحربي وكتابدرب زبيدة ل د سعد الراشد وكتاب معجم شمال المملكة للشيخ الجاسر ومشاهدات أبي سهيل عبدالله السهلي السابقة وتحديد جمران خالد الدخيل للموقع من خلال الصور الجوية قوقل. انطلقنا وكأن قائدا بصيرا ودليلا خريتا يقودنا له حتى وقفنا عليها 7 فإذا هي كما وصفها الحربي في كتابه ويعتبر من أدق من وصف طرق الحج لمكة.
تتبعنا الطريق عبر عرق المظهور بأعلامه وتحديده بالحجارة يمنة الطريق ويساره ونقي وسطه من الحجارة وأقرب مايكون لشامة مغيلث حاليا حتى وصلنا لبركة الغميس 8 وقد جددت واحدة منها وبقيت الأخرى على حالها وعندها قصر قد تهدم ولم يبق إلا أساساته طمرتها الرمال.
كان مبيتنا في ليلة هادئة مليئة بالنجوم لبعد أضواء المدن وضجيجها في الرمال الذهبية في عرق لزام قرب بئر الغيثي. لنستكمل الطريق صباحا للكشف عن أميال الطريق وأعلامه عبر هذه الرمال الدافنة لكل ما حولها. واصلنا الطريق حتى وصلنا شامة زرود وفيها منزل الخزيمية 9 وبقربه منزل وسيط تراه بعينك في الشمال الغربي على بعد كيلين فقط.
وجدنا فيه بعض الملتقطات من كسر فخار ومسحنة.
انطلقنا بعده عبر عرق الأشعلي فالابيتر وخب الحسك وأخيرا أبيتر الرزانه المطل على الخوير وفيه بطن الأغر قرب قرية المهينية.
اكتشاف فرن لصهر الطين لترميم البرك
بطن الأغر 10 منزل مهم قبل القاع الأجفر وقد أدخل في شبك مزرعة سورت بسلك شائك وجدنا فيها علمين متجاورين صغيرين وثالث كبير مطل على المنزل حيث البركة والبئرين وجدنا واحدة وأخرى لم نعثر عليها وجدنا نبشا قريبا فتوجهنا له فإذا هو فرن عباسي 11 كان يستخدم للصهر لطلاء البرك ليحافظ على تسربات الماء. رب ضرة نافعة كان هذا النبش عن الكنوز أظهر لنا هذا الفرن وهو الشكل الأول اللذي عرفنا على طريقة الصهر والشوي للطين وطبخ الآجر اللذي يعتبر ملاط البرك والقصور العباسية.
كان هذا المنزل هو ختام رحلتنا البلدانية عبر منازل درب زبيدة من العشار للأجفر
كتبه حمد الواصل
26/10/ 1436
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق