بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد ابن عبدالله صل الله عليه واله وسلم ...
ثم اما بعد..
الحمدلله أن يسر لنا التجول في أرض الرحمن وتدبر مافيها والتفكر في عظيم شأنها وخلق الرحمن سبحانه الذي ابدع كل شئ، وها نحن اليوم قد اجتمع من كل بلد رجل في موقع مهم ومميز من بلاد جزيرة العرب التي حوت التاريخ والتضاريس والعلم الأحفوري والجيلوجي الذي نفهم من خلالة تكوين الارض والتعجيب من بديع خلق الرحمن سبحانه.
وصول المجموعة العلمية لجبل الأصبع:
ها نحن في منطقة وادي المياه أو ما كان أسمها وادي الستار قديما ويطلق عليها محليا وادي العجمان نظرا لكون أغلب من سكنه أو الغالب هو لقبيلة العجمان وإن تشاركت فيه غيرهم من المرة والعوازم والدواسر والخوالد وغيرهم .
تجمعنا هنا في بداية الامر في جبل الأصبع عند درب الجودي التاريخي والذي يقطع بين الأحساء ماراً ببلدة جودة وثم يتجه غربا ليصل رماح والرياض وهو أحد أهم الطرق قديما حيث يقطع النفود الكبير صحراء الدهناء..
أجتمع المهتمين بدراسة تاريخ المكان نباتيا وجيلوجيا وتاريخيا كلا من الاسماء اللامعة التالية:
الباحث البلداني الكبير ابوعبدالله محمد الخيال ، والرحال أبوناصر الطعيمي ، والباحث النباتي والتاريخي أوبوعون حميد الدوسري ، والأكاديمي الجيلوجي ابو مروان الثقفي ، والباحث التاريخي ابو عمر الدشاش، وكلا من الرحالة المهتمين والحريصين على البحث والذين لهم باع في رسم الخرائط كالرحال ابو جراح الموسى والرحال ابومحمد الواصل والرحال ابو عبدالرحمن الغفيلي وابوراكان الجليدان وابو طلال الطريري وابواسامة الحميضي .
كان مبيتنا اول ليلة في ذرى جبل حمراء جودة الكبير وكان موقعا مميزا ذارياً للهواء وحماية عن كل مفاجأة جوية لاسمح الله .
وبما أن الأكثرية قد اتو من الرياض ونجد والقصيم فقد وجب علينا نحن أهل الشرقية تقديم الضيافة ذلك المساء وليكون بداية لجولة متعة تحمل عنوان المعرفة والاستكشاف لتاريخ وجيلوجية الوادي الزاخر بالمعالم التاريخية والجيلوجية والنباتية التي تستحق المعرفة والبحث.
تناولنا وجبتنا بحمدالله وفضله ، وثم سمرة بسيطة تحادثنا فيها بسيطا ثم نخلد للنوم لبداية يوم مليء بالبحث والاستقصاء الجديد ..
أصبحنا وأصبح الملك لله والحمدلله...
استيقضنا بعد نومة مباركة وصلينا الفجر وثم دارت القهوة والتمر ولنجلس قليلا حتى اشرقت الشمس لنأكل إفطارا بسيطا وثم نربط الامتعة ونتجهز للجولة الاولى ...
بدأنا مسيرنا الصباح في جولة لدرب الجودي ولنقف على بعض تكويناته وهو أحد الكهوف التي تشكلت بفعل المياه والامطار والرمال لتشكل تجاويف طولية وبعمق الجبل الرسوبي ورسوبياته حسب ما ذكر الجيلوجي ابو مروان أنها رسوبيات المياه الحلوة لأنهار وليست لبحار حسب مايعرفه من تشكيل تلك الطمي المتحجر بالجبل .
دخلنا وتجولنا فيه لبعض من الوقت ورأينا فيه تلك التشكيلات الجميلة وثم خرجنا للمكان الآخر.
ارتقاء جبل حمراء جودة :
كنت اليوم دليلهم كوني أعرف مداخل المكان لجبل حمراء جودة ولست أعلمهم ، وثم عبر طرق ضيقة ارتقينا بسياراتنا الجبل من جهته الجنوبية لنصعد في ظهرة جبل حمراء جودة التي كانت مسطحة وقد شملت فياض تتجمع فيها مياه أمطار الشتاء لتكون رياضاً غنية بالنباتات الخضراء الموسمية ، وشملت عدة فياض ، وتوجهنا نحو الشرق من جبل حمراء جودة لنكون على إطلالة مباشرة للحد الكبير للجبل ومطل مثير عالٍ يكشف تلك الشعبان الكثيرة والخارجة من الجبل والتي شكلت فروعا بديعة وشقوقا في الجبل عميقة وهي حماية طبيعية لبعض من الحيوانات المتبقية هنا ، واطلالة على طريق جودة عريعرة ولمنطقة قصر ابن حثلين كما يقال والله أعلم .
وبعد المكوث في تلك الهضبة ذات الإطلالة الجميلة واخذ الصور وتصور المكان وتشكيلاته الطبيعية التي تعطي الباحث والرحال تصورا يستطيع من خلالة ربط المكان بغيره واضفاء المعرفة فقد يكون بهذه الجولة فتحاً لغيرها وتفسيرا لتاريخ وطبيعة معينة مستقبلا.
الإتجاه لكهف الرحال الكبير:
رجعنا من الشرق متجهين لمخرج الجبل ومن القمة وبأتجاه الشمال كان الطريق منحدرا لنهبط من علو جبل حمراء جودة الى شعيب الاصبع وعلى محاذاة سفح الجبل اشمالي وبوسط شعيب الاصبع كان لنا جلسة في أحد التشكيلات الرسوبية التي شكلت بجريان المياه والنحت والتعرية بالرمال ذلك الكهف الرائع بتجويفاته الطبيعية وكأنه صالة فسحة ارتكزت على عمودين من الحجر وقد شكل التجويف فسحة تسع لجماعات من الناس وعدة قاعات وظل وارف وارض رملية ناعمة كانت هي مضحى للفريق .
توقفنا لنعد الشاي ونرتشف بعض من استكانات الشاي المخدر ،ومن داخل هذا المكان المميز دارت السوالف والنقاشات حول المنطقة من قامات لها وزنها وجميل مافيها عطائها بكل تفصيل فرحلة مثل هذه لاشك أنها كنز ومكسب لكل فرد فيها والحمدلله أن الله وفقنا لتلك الرحلة العلمية بتسهيل من الرحمن الرحيم بجو طيب وتوفيق والحمدلله رب العالمين.
الإنتقال لموقع ابو ميركة الدائري:
انتهينا من كهف الرحال وهذا الكهف الثاني بعد الكهف الاول ولنتجه عبر قرية متالع وثم عريعرة وأم ربيعة لنتوقف عند جنوب حنيذ وبعد شفية بموقع ابو ميركة وهو جبل صغير، وسمي ابوميركة نظرا لتكوينه المنخفس أوهكذا شكله وكل مكان يكون بهذا الشكل يطلق عليه عن العرب ابو ميركة والميركة هي اداة دائية توضع لسرج الابل وشبه ذلك الخفس بتلك الميركة الدائرية لسرج الابل.
وعند الجبل الصغير وهو بشكله الدائري يمثل قطرها بحدود 200 متر وتشكل منخفظ وكانها جبل قد انخفست قمته او واضحة لعدم وجود دلالات وجراسات ميدانية دقيقة توضح ملابسات شكلها الفريد والمميز ، وذلك بالاستدارة الدقيقة من على هذا الجبل وتوقفنا كثيرا عند هذه الظاهرة ربما نتوصل لشئ ولكن تضل جميع الإفتراضات قابلة للرفض لعدم وجود دليل قاطع لكل الكلام الدائر ، وتستحق أن ترى لتدرس وتكون افادة وفاتحة لغيرها من الظواهر الجيلوجية بالمنطقة خاصة وبالمملكة عموماً.
جولة في قلعة حنيذ أم خرق وعينها الشهيرة:
بعد ان أنتهينا من ابو ميركة توجهنا لقرية حنيذ التاريخية بما تحويه من عين عظيمة قديماوالتي كانت تجري وتسقي لمسافة اربعة عشر كيلومتر حتى منطقة مغطي ، ولكنها حاليا شبه جافة الا من بعض الماء المتوقف تقريبا عند سطحها ،وتوقفنا عندها وعند مجراها الباقي والمتسع والذي يظهر أنها كانت يوما ما عظيمة بتوفي مياهها ، كما ان لقلب العين الذي طوي بالحجر المصفوف صفا جيداوالطوي ليس من عهد جديد بل موغل بالتاريخ ، ومن العين يتجه المجرى الذي بقي بعض من آثارة للشمال على اثر منخفض يتجه شمالا ثم ينكسر شرقا حتى يصل لجنوب منطقة مغطي ويصب في منطقة رضّاء أو رضى وهو مكان منخفض من الارض وبه عيون ماء وأبار قديمة لنا له جولة إن شاء الله تعالى.
بعد ان أخذنا جولتنا في عين حنيذ وأخذنا المعلومات التي استمدت من الباحث البلداني ابو عبدالله الخيال وكذلك أبو عون الدوسري الذي اعطونا الكثير من المعلومات والاسماء وعن هذه العين التاريخية فشكر الله لهما ماقدما.
انطلقنا بقيادة ابو عبد الله الخيال لنستكشف معه تلك القلعة والتي تعتبر طريقة ومنشأة فريدة في وادي المياه ولها اشباه عديدة اكتشفناها لاحقاً ، فالقلعة ام خرق هي نوع من المنشآت السكانية أتخذها ساكني وادي المياه الجبال العالية قليلا والسوبية والتس يسهل حفرها بثقبها من قمة الجبل ليكون هذا الثقب الأفقي والمطل على نفق عمودي يصل لقمة الجبل هو المدخل والمخرج السري لكل قلعة جبلية رأيناها واول منشآة هذه التي رأيناها في حنيذ.
وللوصول للقلعة التي لم يتبقى منها سوى بعض آثار جدران واساسات سقطت ، فطريقة الدخول عبر نفق يحفر في سفح الجبل ليصل عبر نفق عمودي الى فتحة عمودية رأسية من قمة الجبل لقاعه متصلة بالنفق الافقي وبذلك تكون الحماية كاملة لساكني تلك المنشآت وعدم استطاعة الأعداء الدخول الا من تلك الأنفاق الضيقة والتي عادة تكون محمية من قبل اهلها.
ولم تكن تلك الانفاق اللغز الوحيد بل أن هناك حفر شبه دائرية محفورة على جدران تلك المتبقي من آثار القلعة وفي داخل التجاويف الشبه دائرية نقشت نقوشا عجيبة ليست ككل النقوش التي نراها فهي لاتمت للنقش الثمودي ولا المسماري ولا اي من تلك التي نعرفها بل أن ابو عبد الله الخيال مع ابو عمر الدشاش قد أتو اليها مرتين سابقاً وقد جلبو بعض من دكاترة وبروفسير أهل النقوش والفلك في جامعة الملك سعود لعلهم يتعرفون على ماهية تلك النقوش والتي غلب على ظننا انها فلكية ولمزارعين قد نقشوها ، وللأسف لم يتعرف عليها أحد وهي مازالت تمثل شيئا لم يكشف الغطاء عنه .
ونواصل مزيدا من التعرف لمثل هذه الاماكن الغريبة والجميلة والتي تشكل صفحة من تاريخ المنطقة يجب الكشف عنه ليكون مرحلة يتم دراستها وأخذ الفوائد والقيم منها ولتكون ثروة معرفية ينتفع بها المنتفعون من محبي التاريخ ودراسات الشعوب الإجتماعية والحضرية والتاريخية .
التجول لمنطقة إله بني تميم رضّاء أو رضى وشجر الاراك:
بعد أن خرجنا من حنيذ متوجهين على الطريق المؤدي شمالا وبعد عدة كيلومترات بسيطة وصلنا لمفترق قرية مغطي على يمين الطريق ، واخذنا اليميمن المتجه شرقاً لنصل لمغطي القرية البسيطة والهادئة لنخترقها عبر رمال بيضاء وسط رمال البيضاء لنتجه شرقا بنحو 10 كيلومترات ، وكل المنطقة رمال قد نبت فيها العرفج والرمث وبعض نبت الربيع الذي بدا عليه النهاية وكون المطر تجدد قبل اسبوع تقريباً بالمنطقة فقد وجدنا العديد من فطر العرجون الابيض المستدق، وهونبات فطري يخرج بعد الأمطار وينبت في الرمال وهنا قد نبت بشكل كبير وكان معي بالسيارة ابو اسامة الحميضي وقد تفاجأ بالكمية للعرجون وهو من أهل القصيم الذين لايفوتونه ابدا نظرا لحبهم له ووضعهم ذلك الفطر مع القرصان أو المرقوق فيعطيه طعماً مميزاً ولم استطيع أن امنعابو اسامة من التوقف نظرا لحالتة التي ارغمتني للتوقف لكي يأخذ بعضا منها وفعلا قد جمع شيئا جيدا منه.
واستمرينا بالمسير لنصل لمنخفض كبير وسط الرمال وقد ظهرت بعض اشجار النخيل المتناثرة وهي دلالة على موقع أثري أو مستوطنه أو ابار مياه بالمكان نفسه ، وحين وصلنا للوسط رأينا بعض الآبار التي يطلق عليها رضّاء بتشديد الضاء وهي المكاننفسه الذي استدل به الباحث ابو عون الدوسري بمكان رضّاء القديم الذي له علاقة بإله بني تميم والذي وصفه ابوعون بنفس المكان واستدلالاته مكانية ونصية حيث سبق له أن استقرأ النصوص والمكان وبما كان من سابق اسم للسكان المحليين الذي توارثو الاسم اباً عن جد.
تقفنا في ظل أحد تلك النخيل الوارفة الخضراء مما يدل على وجود مياه سطحية كثيرة فالنخيل لاتستطيع البقاء بلا ماء اطلاقاً ، وصلينا صلاة الظهر والعصر جمع تأخير، ونتجه بعدها للشمال براً وبأتجاه ثاج ونحن قاصدين شجرة الأراك القديمة والباقيةحتى اليوم وتبعد عن رضّاء مسافة 17 كلم شمالا.
مررنا بعدة مناطق وقرى صغيرة منها العقيروعرج وقطعنا اسلاك الظغط العالي المته من الجبيل وحتى سدير وحتى وصلنا للشجرة ذات الثلاث فروع والحمدلله تم حمايتها أخيرا من قبل وزارة الزراعة بوضع سياج لها لحمايتها من الابل التي التهمت اغلبها.
أخذنا الصور وتناقشنا حولها لبعض الشيء عن سبب انبات الأراك هنا وهي ليست من أشجار المنطقة علما أنه يوجد بالمنطقة الشرقية ثلاث مواقع لأشجار الأراك الاولى في ميناء العقير والثانية كانت في الراكة بين الخبر والدمام وللأسف ازيلت والثالثة هذه ، ولعل الباحث ابو عون قد كان له رأي في سبب تواجد الاراك وكانه يثبت أنها زرعت قصدا في مواقع قبور قديمة ويقول أن شجرة الاراك من الشج المبارك نظرا لاستخدام عروقه بالسواك فيزرعونه بالمقابر الاسلامية رجاء بركته بزعمهم، ولعل كلامه فيه الكثير من الصحة حول سبب تواجد الاراك هنا.
الاتجاه نحو آثار ثاج ومزرعة ابو فهد العازمي:
خرجنا من الاراك متوجهين لثاج وتبعد خمسة كيلومترات فقط وصلناها وكان المساء قد قارب وأوشك وقد سبق لي أن نسقت مع ابو فهد حمد العازمي وهو من سكان مدينة ثاج باللجوء لمزرعته العامرة ولتكون مبيتنا لهذه الليلة إن شاء الله تعالى.
ولم يقصر جزاه الله خير فقد كان بأنتظارنا وتوجهنا نحو مزرعته مباشرة خارج ثاج بقليل وقد زرعت ببعض النخيل والأثل وغيرها من النباتات البسيطة فهي جديدة الإنشاء وقد حفربشرقها بئرا ارتوازي ووضع له ماشية وبعض الدواجن والحمام وبني فيها دارا مرافق للحارس والعامل كما وضع خيمة شعر كانت هي موضع جلوسنا ، وقد أحرجنا بتقديم الذبيحة مع اعتذارنا له لكنه وضعها امامنا مرغمين فلم نستطيع الا أن ندعو له بالخير وأن يكرمه رب العزة والجلال جزاء ماقدمه وأن يعوضه الله خيراً من عنده.
اول ماوصلنا للخيمة وجدنا الشاي والقهوة قد اعدتا وطاسة حليب الخلفات قد أعدت وتجهزنا لإعداد العشاء وقسمنا الذبيحة قسمين جزء للشواء وجزء للطبخ وعملنا كلا فيما يخصه وتقدم الشواء لسرعته بالانجاز وتبعه العشاء وجزى الله الذين اجتهدو وعملو وكل له أجره .
بعد العشاء اقمنا الصلاة وصلينا وثم جلسنا نتسامر حتى أتى وقت النوم ودلف كل واحد لمرقده ليوم ثاني لاستكشافات أخرى .
جولة لقلاع الجبال المخروقة (السفينة) والنيزك:
اليوم السبت ويومنا هو منطقة شمال الصرار وكانت لأكتشاف عدة مواقع لكن لم يخدمنا الوقت الا لأثنين منها فقط ، وهي جبل السفينة الذي يحتوي على قلعةأم خرق فوق جبل السفينة والآخر جبل النيزك.
خرجنا من ثاج وبأتجاه الصرار المجمع القروي للمنطقة والذي يبعد 30 كلم من ثاج باتجاه الغرب ، ومنه اخذنا الطريق شمالا بأتجاه النعيرية وبعد مسافة بسيطة وبالتحديد عند درب أم النياشين افترقنا يسارا بأتجاه الشمال الغربي لنتابع الطريق الترابي ونحن ميممين اتجاه جبل السفينة والذي لايمكن الوصول اليه بالاحداثيات نظرا لوجود كمية من الشبوك التي وعت بلا حسيب ولا رقيب بالمنطقة ولذا كان دليلنا ابو مروان الثقفي فهو له اطلاع لهذه المنطقة من قبل وله أهتمامات فأوصلنا عبر طريق بين الشبوك وبين المزارع حتى وصلنا لجبل السفينة، وهو جبل رسوبي أحمر وقد سبقه جبل آخر فيه من الخروق التي رأيناهافي جبل حنيذ لكن لم نستطع الدخول لردم الحفرة أثر التقادم للمكان ووجدنا آثار الأجانب وهم قد سبقونا بأوتاد ضربت في جدار الجبل وبعض من حبال مهترئة .
تركنا هذا المكان لنتجه لجبل السفينة الأكثر سهولة فوجدنا عبر الاخ ابو مروان النفق الموصل للخرق العمودي والذي دخلناه أولا زحفا على ركبنا ولمسافة سبعة أمتار لنصل لفوهة عمودية بأرتفاع 15 مترا تقريباً وقد ركب عليها سلما خشبيا مهترئا ايضا وبعض الحبال التي ربطت لتسانده ولعدم وجود بديل فلم يكن بد من الارتقاء على هذا السلم الخطير.!!
جرب ابو جراح الموسى الحبال بطريقته فهو مظلي سابق وله دراية بعمل بعض تلك الحبال وكان أول الصاعدين وثم تبعناه صعودا أنا وابوعمر الدشاش وابوعبدالرحمن الغفيلي وابوراكان الجليدان ، وأما ابو عون فقد وصل للفوهة من اسفل وعبر النفق فقط وأكتفى بصعودنا .
وارتقينا للقمة عبر هذا السلم الخطير ، وووصلنا للقمة التي كانت مسطحة تسطيحاً مميزا وكأنها اعدت للسكن ، ورأينا الحدود الحجرية وبعض الغرف أو الابراج المهدمة وبقي بعض من اساسات جدرانها ورأينا فوهة أخرى وربما تهدمت وبنيت الثانية، ورأينا بعض من القلاع القريبة والتي تتشابه مع هذه بالطريقة والهدف.
وقد سبقنا العديد من المكتشفون الأجانبةوالذين بنو السلالم بأنفسهم من قديم وواضح السلم وتاريخه فهو من بقايا الاطفاء في ارامكو ولكنه قوي بحيث صمد كل هذا الزمن ليتحملنا نحن ايضا في ارتقائنا.
انتهينا وصورنا واخذنا الفكرة حول المكان لنخرج منه نحو الجنوب لمكان جبل صغير الحجم ولكن شكله الغريب وكان أحدا قد فجره وفعلا هذا هو الجبل الذي تعرض لضربة نيزك لكنها صغيرة جدا واحدثت الفوهة وأثرها بقطر 60 متراً تقريبا .
وجدنا آثار الرمال المنصهرة والتي بعثرها النيزك ، كما أن أثر السقوط القوى واضح في انتثار الرمال والصخور بشكل دائري حول نقطة السقوط والتي كانت في طرف الجبل الجنوبي .
وربما هذه الحالة تعطينا فكرة ولو بسيطة عن الدوائر التي نراها بالقمر حين نراه بمكبرات العدسات وكيف حولت النيازكسطحه الى بثور وحلقات بفعل اصطدامها المتعدد لعدم وجود حماية غازية كما في الكرة الارضية ..
وفي هذا المكان نكون قد انتهينا من الجولة العلمية التاريخية الجيلوجية لبعض من أماكن وادي المياه لنقفل راجعين لمزرعة العازمي في ثاج وننهي جولتنا هذه في رؤية آثار ثاج والتعرف على بقية من آثار تعود لآلاف السنين لأقوام سكنو هذه الديار وأقامو حضارة عريقة وبقيت لتحكي شيئا منها لما تبقى على الأرض.
وصلنا لثاج وعند مسجد ابو فهد العازمي وهو إمام الجامع صلينا الظهر والعصر، وثم ركبنا لنزور أول الاماكن وهو لقبر الملكة المجهولة وهكذا أطلق عليها لعدم معرفتهم بأسمها ولا تاريخها ولكن ماوجد في القبر الهرمي من ذهب وأقنعة وحلي يدل على عظمة مكانتها ولذا سميت بالملكة المجهولة.
القبر صغير الحجم والميت يوضع وهو جالس القرفصاء وثم يوضع حوله الحلي والاسلحة والاموال التي ترافقه في حياته الأخرى حسب معتقداتهم ، ولعله حسب مارأيت سابقاً من خلال تجوالي فإنه يوجد العديد من القبور المبعثرة والمنبوشة وقد سبق للأجانب التواجد هنا قبل الطفرة وقد نهبو ما استطاعو اليه ويخبرنا سكان ثاج وحناء كيف أنهم يبيعونهم اللقى والجرار وا\غيرها مما لايعرفون قيمتها مقابل ريالات بسيطة ، الا ان جائت هيئة السياحة والآثار وقد أغلقت المكان بالشبوك ولم تعمل غير ذلك فلا استثمار سياحي ولا تنقيب آثاري فقط شبك وغلق ومنع.
وبعد القبر الملكي توجهنا لمقر المدينة القديمة وأسوارها وبعض من معابدها التي بقي جزء يسير جدا من اساسات المباني ، كما أنه مازالت تتواجد بعض من القبور الهرمية بلا تسوير وهي جاهزة للسرقة والله اعلم.
انتهينا من جولتنا لنتجه للمزرعة لتناول الغداء وبعدها يبدا الجمع بالتفرق فقد قاربت الساعة الثالثة عصرا والبعض لديه طريق طويل لدوامات الغد وبهذا انتهينا وتوادعنا الى لقاء آخر لمناطق أخرى ، فأهل الشرقية للشرقية وأهل الرياض للرياض وأهل القصيم لديارهم...
والحمدلله رب العالمين على تيسيره وامتنانه وفضله الكبير على انجاز هذه الرحلة لموفقة والتي تميزت بكثافة المناطق والعالم المزارة بوقت قياسي والحمدله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أخوكم وائل الدغفق - رحال الخبر
الخبر 1436هـ 2015م
ثم اما بعد..
الحمدلله أن يسر لنا التجول في أرض الرحمن وتدبر مافيها والتفكر في عظيم شأنها وخلق الرحمن سبحانه الذي ابدع كل شئ، وها نحن اليوم قد اجتمع من كل بلد رجل في موقع مهم ومميز من بلاد جزيرة العرب التي حوت التاريخ والتضاريس والعلم الأحفوري والجيلوجي الذي نفهم من خلالة تكوين الارض والتعجيب من بديع خلق الرحمن سبحانه.
خريطة تمثل مسار الرحلة العلمية بالخط الاخضر المزدوج
منظر من النفوذ لجبل الاصبع وخلفه جبل حمراء جودة
وهذا فديو للرحلة من إعدادي رحال الخبر
ها نحن في منطقة وادي المياه أو ما كان أسمها وادي الستار قديما ويطلق عليها محليا وادي العجمان نظرا لكون أغلب من سكنه أو الغالب هو لقبيلة العجمان وإن تشاركت فيه غيرهم من المرة والعوازم والدواسر والخوالد وغيرهم .
تجمعنا هنا في بداية الامر في جبل الأصبع عند درب الجودي التاريخي والذي يقطع بين الأحساء ماراً ببلدة جودة وثم يتجه غربا ليصل رماح والرياض وهو أحد أهم الطرق قديما حيث يقطع النفود الكبير صحراء الدهناء..
أجتمع المهتمين بدراسة تاريخ المكان نباتيا وجيلوجيا وتاريخيا كلا من الاسماء اللامعة التالية:
الباحث البلداني الكبير ابوعبدالله محمد الخيال ، والرحال أبوناصر الطعيمي ، والباحث النباتي والتاريخي أوبوعون حميد الدوسري ، والأكاديمي الجيلوجي ابو مروان الثقفي ، والباحث التاريخي ابو عمر الدشاش، وكلا من الرحالة المهتمين والحريصين على البحث والذين لهم باع في رسم الخرائط كالرحال ابو جراح الموسى والرحال ابومحمد الواصل والرحال ابو عبدالرحمن الغفيلي وابوراكان الجليدان وابو طلال الطريري وابواسامة الحميضي .
ابو جراح وهو يعمل القهوة الله يعطيه العافية
جلسة سمر على ضوء القمر وبتصوير ليلي
وبما أن الأكثرية قد اتو من الرياض ونجد والقصيم فقد وجب علينا نحن أهل الشرقية تقديم الضيافة ذلك المساء وليكون بداية لجولة متعة تحمل عنوان المعرفة والاستكشاف لتاريخ وجيلوجية الوادي الزاخر بالمعالم التاريخية والجيلوجية والنباتية التي تستحق المعرفة والبحث.
جلسة سمر على ضوء القمر وبتصوير ليلي
تناولنا وجبتنا بحمدالله وفضله ، وثم سمرة بسيطة تحادثنا فيها بسيطا ثم نخلد للنوم لبداية يوم مليء بالبحث والاستقصاء الجديد ..
تصوير ليلي لمكان مبيت المجموعة اول ليلة
أصبحنا وأصبح الملك لله والحمدلله...
استيقضنا بعد نومة مباركة وصلينا الفجر وثم دارت القهوة والتمر ولنجلس قليلا حتى اشرقت الشمس لنأكل إفطارا بسيطا وثم نربط الامتعة ونتجهز للجولة الاولى ...
بدأنا مسيرنا الصباح في جولة لدرب الجودي ولنقف على بعض تكويناته وهو أحد الكهوف التي تشكلت بفعل المياه والامطار والرمال لتشكل تجاويف طولية وبعمق الجبل الرسوبي ورسوبياته حسب ما ذكر الجيلوجي ابو مروان أنها رسوبيات المياه الحلوة لأنهار وليست لبحار حسب مايعرفه من تشكيل تلك الطمي المتحجر بالجبل .
دخلنا وتجولنا فيه لبعض من الوقت ورأينا فيه تلك التشكيلات الجميلة وثم خرجنا للمكان الآخر.
صور لبداية دخول الكهف بأحد جوانب جبل حمراء جودة
من داخل الكهف المتسع والمجموعة داخله.
كنت اليوم دليلهم كوني أعرف مداخل المكان لجبل حمراء جودة ولست أعلمهم ، وثم عبر طرق ضيقة ارتقينا بسياراتنا الجبل من جهته الجنوبية لنصعد في ظهرة جبل حمراء جودة التي كانت مسطحة وقد شملت فياض تتجمع فيها مياه أمطار الشتاء لتكون رياضاً غنية بالنباتات الخضراء الموسمية ، وشملت عدة فياض ، وتوجهنا نحو الشرق من جبل حمراء جودة لنكون على إطلالة مباشرة للحد الكبير للجبل ومطل مثير عالٍ يكشف تلك الشعبان الكثيرة والخارجة من الجبل والتي شكلت فروعا بديعة وشقوقا في الجبل عميقة وهي حماية طبيعية لبعض من الحيوانات المتبقية هنا ، واطلالة على طريق جودة عريعرة ولمنطقة قصر ابن حثلين كما يقال والله أعلم .
وبعد المكوث في تلك الهضبة ذات الإطلالة الجميلة واخذ الصور وتصور المكان وتشكيلاته الطبيعية التي تعطي الباحث والرحال تصورا يستطيع من خلالة ربط المكان بغيره واضفاء المعرفة فقد يكون بهذه الجولة فتحاً لغيرها وتفسيرا لتاريخ وطبيعة معينة مستقبلا.
الإتجاه لكهف الرحال الكبير:
رجعنا من الشرق متجهين لمخرج الجبل ومن القمة وبأتجاه الشمال كان الطريق منحدرا لنهبط من علو جبل حمراء جودة الى شعيب الاصبع وعلى محاذاة سفح الجبل اشمالي وبوسط شعيب الاصبع كان لنا جلسة في أحد التشكيلات الرسوبية التي شكلت بجريان المياه والنحت والتعرية بالرمال ذلك الكهف الرائع بتجويفاته الطبيعية وكأنه صالة فسحة ارتكزت على عمودين من الحجر وقد شكل التجويف فسحة تسع لجماعات من الناس وعدة قاعات وظل وارف وارض رملية ناعمة كانت هي مضحى للفريق .
صور لكهف الرحال الكبير والذي لايرى من بعيد فهو على مستوى الأرض
توقفنا لنعد الشاي ونرتشف بعض من استكانات الشاي المخدر ،ومن داخل هذا المكان المميز دارت السوالف والنقاشات حول المنطقة من قامات لها وزنها وجميل مافيها عطائها بكل تفصيل فرحلة مثل هذه لاشك أنها كنز ومكسب لكل فرد فيها والحمدلله أن الله وفقنا لتلك الرحلة العلمية بتسهيل من الرحمن الرحيم بجو طيب وتوفيق والحمدلله رب العالمين.
الإنتقال لموقع ابو ميركة الدائري:
انتهينا من كهف الرحال وهذا الكهف الثاني بعد الكهف الاول ولنتجه عبر قرية متالع وثم عريعرة وأم ربيعة لنتوقف عند جنوب حنيذ وبعد شفية بموقع ابو ميركة وهو جبل صغير، وسمي ابوميركة نظرا لتكوينه المنخفس أوهكذا شكله وكل مكان يكون بهذا الشكل يطلق عليه عن العرب ابو ميركة والميركة هي اداة دائية توضع لسرج الابل وشبه ذلك الخفس بتلك الميركة الدائرية لسرج الابل.
صور لموقع جبل ابوميركة الدائري الغريب
جولة في قلعة حنيذ أم خرق وعينها الشهيرة:
بعد ان أنتهينا من ابو ميركة توجهنا لقرية حنيذ التاريخية بما تحويه من عين عظيمة قديماوالتي كانت تجري وتسقي لمسافة اربعة عشر كيلومتر حتى منطقة مغطي ، ولكنها حاليا شبه جافة الا من بعض الماء المتوقف تقريبا عند سطحها ،وتوقفنا عندها وعند مجراها الباقي والمتسع والذي يظهر أنها كانت يوما ما عظيمة بتوفي مياهها ، كما ان لقلب العين الذي طوي بالحجر المصفوف صفا جيداوالطوي ليس من عهد جديد بل موغل بالتاريخ ، ومن العين يتجه المجرى الذي بقي بعض من آثارة للشمال على اثر منخفض يتجه شمالا ثم ينكسر شرقا حتى يصل لجنوب منطقة مغطي ويصب في منطقة رضّاء أو رضى وهو مكان منخفض من الارض وبه عيون ماء وأبار قديمة لنا له جولة إن شاء الله تعالى.
عين حنيذ التي عليها الكلام والتي كانت يوما تنبع نبعاص وفيراً
بعد ان أخذنا جولتنا في عين حنيذ وأخذنا المعلومات التي استمدت من الباحث البلداني ابو عبدالله الخيال وكذلك أبو عون الدوسري الذي اعطونا الكثير من المعلومات والاسماء وعن هذه العين التاريخية فشكر الله لهما ماقدما.
انطلقنا بقيادة ابو عبد الله الخيال لنستكشف معه تلك القلعة والتي تعتبر طريقة ومنشأة فريدة في وادي المياه ولها اشباه عديدة اكتشفناها لاحقاً ، فالقلعة ام خرق هي نوع من المنشآت السكانية أتخذها ساكني وادي المياه الجبال العالية قليلا والسوبية والتس يسهل حفرها بثقبها من قمة الجبل ليكون هذا الثقب الأفقي والمطل على نفق عمودي يصل لقمة الجبل هو المدخل والمخرج السري لكل قلعة جبلية رأيناها واول منشآة هذه التي رأيناها في حنيذ.
الاتجاه لجبل حنيذ حيث موقع قلعة أم خرق
الخروج من عين حميذ بأتجاه جبل حنيذ
ارتقاء جبل حنيذ
صعود الجبل الذي لم يكن عالي بل بسيط
ابو عبدالله الخيال مع أحد الاخوة على المدخل المفترض للقلعة
المدخل الذي يسمح لشخص واحد بالارتقاء
الحفرالتي ملئت نقوشا غريبة وغير مكتشفه
النقوش التي سجلت على الصخور
وضع المكتشفون السلالم للأرتقاء وأما الأولين فقد حفرو لهم حفر للأرتقاء بين الحجر
نقاش طويل ولم نتعرف على كنهة النقوش ولا فيما وضعت له
ولم تكن تلك الانفاق اللغز الوحيد بل أن هناك حفر شبه دائرية محفورة على جدران تلك المتبقي من آثار القلعة وفي داخل التجاويف الشبه دائرية نقشت نقوشا عجيبة ليست ككل النقوش التي نراها فهي لاتمت للنقش الثمودي ولا المسماري ولا اي من تلك التي نعرفها بل أن ابو عبد الله الخيال مع ابو عمر الدشاش قد أتو اليها مرتين سابقاً وقد جلبو بعض من دكاترة وبروفسير أهل النقوش والفلك في جامعة الملك سعود لعلهم يتعرفون على ماهية تلك النقوش والتي غلب على ظننا انها فلكية ولمزارعين قد نقشوها ، وللأسف لم يتعرف عليها أحد وهي مازالت تمثل شيئا لم يكشف الغطاء عنه .
أحد الابار في حنيذ والتي تدل على ان كان هنا أبار وزراعة
التجول لمنطقة إله بني تميم رضّاء أو رضى وشجر الاراك:
بعد أن خرجنا من حنيذ متوجهين على الطريق المؤدي شمالا وبعد عدة كيلومترات بسيطة وصلنا لمفترق قرية مغطي على يمين الطريق ، واخذنا اليميمن المتجه شرقاً لنصل لمغطي القرية البسيطة والهادئة لنخترقها عبر رمال بيضاء وسط رمال البيضاء لنتجه شرقا بنحو 10 كيلومترات ، وكل المنطقة رمال قد نبت فيها العرفج والرمث وبعض نبت الربيع الذي بدا عليه النهاية وكون المطر تجدد قبل اسبوع تقريباً بالمنطقة فقد وجدنا العديد من فطر العرجون الابيض المستدق، وهونبات فطري يخرج بعد الأمطار وينبت في الرمال وهنا قد نبت بشكل كبير وكان معي بالسيارة ابو اسامة الحميضي وقد تفاجأ بالكمية للعرجون وهو من أهل القصيم الذين لايفوتونه ابدا نظرا لحبهم له ووضعهم ذلك الفطر مع القرصان أو المرقوق فيعطيه طعماً مميزاً ولم استطيع أن امنعابو اسامة من التوقف نظرا لحالتة التي ارغمتني للتوقف لكي يأخذ بعضا منها وفعلا قد جمع شيئا جيدا منه.
المنخفض الذي يقع فيه آبار رضّاء ويعتقد أنه موقع لآله بني تميم
واستمرينا بالمسير لنصل لمنخفض كبير وسط الرمال وقد ظهرت بعض اشجار النخيل المتناثرة وهي دلالة على موقع أثري أو مستوطنه أو ابار مياه بالمكان نفسه ، وحين وصلنا للوسط رأينا بعض الآبار التي يطلق عليها رضّاء بتشديد الضاء وهي المكاننفسه الذي استدل به الباحث ابو عون الدوسري بمكان رضّاء القديم الذي له علاقة بإله بني تميم والذي وصفه ابوعون بنفس المكان واستدلالاته مكانية ونصية حيث سبق له أن استقرأ النصوص والمكان وبما كان من سابق اسم للسكان المحليين الذي توارثو الاسم اباً عن جد.
تقفنا في ظل أحد تلك النخيل الوارفة الخضراء مما يدل على وجود مياه سطحية كثيرة فالنخيل لاتستطيع البقاء بلا ماء اطلاقاً ، وصلينا صلاة الظهر والعصر جمع تأخير، ونتجه بعدها للشمال براً وبأتجاه ثاج ونحن قاصدين شجرة الأراك القديمة والباقيةحتى اليوم وتبعد عن رضّاء مسافة 17 كلم شمالا.
مررنا بعدة مناطق وقرى صغيرة منها العقيروعرج وقطعنا اسلاك الظغط العالي المته من الجبيل وحتى سدير وحتى وصلنا للشجرة ذات الثلاث فروع والحمدلله تم حمايتها أخيرا من قبل وزارة الزراعة بوضع سياج لها لحمايتها من الابل التي التهمت اغلبها.
أخذنا الصور وتناقشنا حولها لبعض الشيء عن سبب انبات الأراك هنا وهي ليست من أشجار المنطقة علما أنه يوجد بالمنطقة الشرقية ثلاث مواقع لأشجار الأراك الاولى في ميناء العقير والثانية كانت في الراكة بين الخبر والدمام وللأسف ازيلت والثالثة هذه ، ولعل الباحث ابو عون قد كان له رأي في سبب تواجد الاراك وكانه يثبت أنها زرعت قصدا في مواقع قبور قديمة ويقول أن شجرة الاراك من الشج المبارك نظرا لاستخدام عروقه بالسواك فيزرعونه بالمقابر الاسلامية رجاء بركته بزعمهم، ولعل كلامه فيه الكثير من الصحة حول سبب تواجد الاراك هنا.
شجرة الاراك الباقية رغم التهام الابل لأغلبها وهي الآن محمية
خرجنا من الاراك متوجهين لثاج وتبعد خمسة كيلومترات فقط وصلناها وكان المساء قد قارب وأوشك وقد سبق لي أن نسقت مع ابو فهد حمد العازمي وهو من سكان مدينة ثاج باللجوء لمزرعته العامرة ولتكون مبيتنا لهذه الليلة إن شاء الله تعالى.
في بيت الشعر لأبو فهد العازمي أكرمه الرحمن
ابوناصر الطعيمي وابو فهد العازمي مضيفنا
اول ماوصلنا للخيمة وجدنا الشاي والقهوة قد اعدتا وطاسة حليب الخلفات قد أعدت وتجهزنا لإعداد العشاء وقسمنا الذبيحة قسمين جزء للشواء وجزء للطبخ وعملنا كلا فيما يخصه وتقدم الشواء لسرعته بالانجاز وتبعه العشاء وجزى الله الذين اجتهدو وعملو وكل له أجره .
انجاز الشواء وسط الخيمة
الكل يهب للمساعدة والعمل جزاهم الله خيراً
راعي السكاكين ابو عمر وهي يقلب الشواء
جولة لقلاع الجبال المخروقة (السفينة) والنيزك:
اليوم السبت ويومنا هو منطقة شمال الصرار وكانت لأكتشاف عدة مواقع لكن لم يخدمنا الوقت الا لأثنين منها فقط ، وهي جبل السفينة الذي يحتوي على قلعةأم خرق فوق جبل السفينة والآخر جبل النيزك.
أحد الجبال المخروقة في شمال الصرار
جبل السفينة السهل الأرتقاء لوسط الخرق في أعلاه
تجربة أحد الانفاق ولكن بسبب القدم فقد تهدم ولايصلح للأرتقاء
تركنا هذا المكان لنتجه لجبل السفينة الأكثر سهولة فوجدنا عبر الاخ ابو مروان النفق الموصل للخرق العمودي والذي دخلناه أولا زحفا على ركبنا ولمسافة سبعة أمتار لنصل لفوهة عمودية بأرتفاع 15 مترا تقريباً وقد ركب عليها سلما خشبيا مهترئا ايضا وبعض الحبال التي ربطت لتسانده ولعدم وجود بديل فلم يكن بد من الارتقاء على هذا السلم الخطير.!!
الدخول في نفق جبل السفينة السهل الارتقاء
وها انا وسط النفق متجه للقمة
وهذا هو النفق الذي من خلاله يتم الارتقاء لسطح الجبل
وبهذا السلم الخشبي العتيق طلعنا وكأن اول شخص هو ابو جراح الموسى وتبعه الغفيلي وثم الدشاش وأنا والجليدان
كان مرتقا صعباً ولكن كان يستحق الصعود والتعرف على طبيعة المكان
وقد سبقنا العديد من المكتشفون الأجانبةوالذين بنو السلالم بأنفسهم من قديم وواضح السلم وتاريخه فهو من بقايا الاطفاء في ارامكو ولكنه قوي بحيث صمد كل هذا الزمن ليتحملنا نحن ايضا في ارتقائنا.
وهاهم الشباب يلوحون بعد نجاح الصعود
وهذا أنا أيضا الوح من فوق قمة جبل السفينة
وجدنا آثار الرمال المنصهرة والتي بعثرها النيزك ، كما أن أثر السقوط القوى واضح في انتثار الرمال والصخور بشكل دائري حول نقطة السقوط والتي كانت في طرف الجبل الجنوبي .
ومن فوق جبل السفينة وأكتشاف طبيعة القلاع أم خرق بالمنطقة
وفي هذا المكان نكون قد انتهينا من الجولة العلمية التاريخية الجيلوجية لبعض من أماكن وادي المياه لنقفل راجعين لمزرعة العازمي في ثاج وننهي جولتنا هذه في رؤية آثار ثاج والتعرف على بقية من آثار تعود لآلاف السنين لأقوام سكنو هذه الديار وأقامو حضارة عريقة وبقيت لتحكي شيئا منها لما تبقى على الأرض.
وصلنا لثاج وعند مسجد ابو فهد العازمي وهو إمام الجامع صلينا الظهر والعصر، وثم ركبنا لنزور أول الاماكن وهو لقبر الملكة المجهولة وهكذا أطلق عليها لعدم معرفتهم بأسمها ولا تاريخها ولكن ماوجد في القبر الهرمي من ذهب وأقنعة وحلي يدل على عظمة مكانتها ولذا سميت بالملكة المجهولة.
القبر صغير الحجم والميت يوضع وهو جالس القرفصاء وثم يوضع حوله الحلي والاسلحة والاموال التي ترافقه في حياته الأخرى حسب معتقداتهم ، ولعله حسب مارأيت سابقاً من خلال تجوالي فإنه يوجد العديد من القبور المبعثرة والمنبوشة وقد سبق للأجانب التواجد هنا قبل الطفرة وقد نهبو ما استطاعو اليه ويخبرنا سكان ثاج وحناء كيف أنهم يبيعونهم اللقى والجرار وا\غيرها مما لايعرفون قيمتها مقابل ريالات بسيطة ، الا ان جائت هيئة السياحة والآثار وقد أغلقت المكان بالشبوك ولم تعمل غير ذلك فلا استثمار سياحي ولا تنقيب آثاري فقط شبك وغلق ومنع.
وبعد القبر الملكي توجهنا لمقر المدينة القديمة وأسوارها وبعض من معابدها التي بقي جزء يسير جدا من اساسات المباني ، كما أنه مازالت تتواجد بعض من القبور الهرمية بلا تسوير وهي جاهزة للسرقة والله اعلم.
انتهينا من جولتنا لنتجه للمزرعة لتناول الغداء وبعدها يبدا الجمع بالتفرق فقد قاربت الساعة الثالثة عصرا والبعض لديه طريق طويل لدوامات الغد وبهذا انتهينا وتوادعنا الى لقاء آخر لمناطق أخرى ، فأهل الشرقية للشرقية وأهل الرياض للرياض وأهل القصيم لديارهم...
والحمدلله رب العالمين على تيسيره وامتنانه وفضله الكبير على انجاز هذه الرحلة لموفقة والتي تميزت بكثافة المناطق والعالم المزارة بوقت قياسي والحمدله وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أخوكم وائل الدغفق - رحال الخبر
الخبر 1436هـ 2015م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق