بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله الذي اتمم علينا العافية والصحة والسلامة في رحلتنا الطيبة المباركة مع ثلة من خيار الرجال ، رجال الخليج العربي أهل الصعاب والسنايد في مثل هذه الرحلات التي شملت الخوض في خضم قارة أفريقيا وفي كنانتها ارض تنجانيقا وزنجبار التي لها في التاريخ معالم عربية إسلامية وامتداد لأهل الخليج من خلال أهل عمان وإخوانهم من أهل الجزيرة، فكم تكلمت الطرق والأبنية وآثار من أخلاق عربية إسلامية في ما رسمته وجوه المسلمين في تلكم الأرض الطيبة وما يطلق عليها حديثاً (تنزانيا) .
لقد ضمت رحلتي فريقين في تلك الديار فريق سعودي وفريق كويتي على مدى 24 يوماً، فشملنا بزيارتنا أراضي تنجانيقا وجزيرة زنجبار جزيرة البهار ، وجزيرة حكم السلطنة الإسلامية والتي كان يطلق عليها (سلطنة مسقط وزنجبار).
وفي الخريطة التالية أبين وجه تنقلنا بين زنجبار وتنزانيا
رأينا التاريخ وما تبقى رغم الاحتلال الصليبي من مسلمين متمسكين بقيمهم وعاداتهم الأصيلة رغم ما تعرض له المسلمون من اضطهاد وقتل وتشريد بتحريض من المحتل الأوربي الصليبي ،وقد حفظ التاريخ شيئاً من تلك الصور المأساوية المتمثلة في ما التقطته أخبار ايطاليا من صور إعدام عشرون ألف مسلم في وقت واحد في عام 1964 وكيف أمد الانجليز الأفارقة الغير مسلمين بالسلاح وتحريضهم للسلطة الإسلامية في زنجبار وتقتيلهم بأيد افريقية لكي لا يظهرون بالشكل الإجرامي وكأن الأمر ليس بأيديهم!!يقول معلق الفلم الإخباري والموجود نسخة له في موقع اليوتيوب(YOUTUBE) على أحد الروابط التالية :
zanzibar 1964 part 1 مجزرة زنجبار عم 1964 الجزء
http://www.youtube.com/watch?v=40_ih4nNdoc&feature=related
يقول المصور مع تعليقي لما رأيت من الفلم ،انه في يوم أخر وفي يوم 19 يناير 1964م ومن طائرة الهليكوبتر وما رأينا من مجموعات افريقية قادمة بدعاية من قبل المستعمر بأن العرب المتواجدين بالجزيرة مازالوا يمارسون العبودية وتحت ظل هذه الدعاية لضرب التواجد العربي بالمجموعات الأفريقية المجرمة تم حصد الآلاف من العرب بالجزيرة ويظل هذا الفلم الذي نصوره كمصدر وحيد للمجزرة التي تمت مابين 18 و20 يناير من عام 1964م مشاهد من الفلم الوحيد يصور المقابر الجماعية لقتلى بالثياب البيضاء ومقابر كبيرة لآلاف منهم وغيرهم ممن سقطوا في مواقع على أبواب القرى وفي الطرق وتستمر الجريمة بمتابعة الأبرياء والعزّل وهم يتجهون للبحر في غير هدى ، مجرد الخروج من أصوات الرصاص وأمل النجاة من إجرام الأفارقة بتأييد استعماري نصراني وحشي لا يعرف للإنسانية اسم سوى اسمه ، فلم يترك طفلاً ولا امرأة وعجوزاً بل هم في عقلة مجرد أهداف لمطامعه الدنيئة المجردة لأي معنى للإنسانية لكن يظل للإسلام رباً يحميه وللشهداء جنة الخلد ويبقى الإسلام شامخاً ما بقى للأرض هواء وماء، فما للدنيا حياة ما كان فيها إسلام....الله اكبر وأنا في رحلتي التنزانية التي بها رأينا عظمة هذا الدين وكيف انه باقٍ رغم الأعداء ورغم كل حاقد فهو دين الله.نستكمل معكم فرحتنا بما رأينا في جزيرة زنجبار وارض تنجانيقا المسلمتين وما حملناه إليكم من عبير الياسمين وفواح القرنفل والهيل والزنجبيل وحب أهل بلد تلك الديار للمسلمين ، سنجول ونسرد في ثنايا كتيبنا هذا قصة رحلة رحّال الخبر مع رجال الخليج ما رأيناه وما شعرنا به وأحسسنا من فيض نفيض به إليكم لتشاركونا ما لا نستطيع حمله وحدنا ولا احتواء جوانبه لعلكم تساعدوننا في تقاسم هذا الحمل الثقيل.
خارطة جزيرة زنجبار التي تمتد من الشمال للجنوب 120 كلم تقريباً
الحمد لله حمداً طيباً يوازي نعمه فبه سبحانه وبعونه وصلنا وأكملنا رحلتنا الأفريقية مع مجموعتين من خير من عرفت أرجو أن يجمعنا الله بهم وبمن يحبنا ونحبه في مستقر رحمته وتحت ظل عرشه الكريم.كانت تلك الرحلة من خير الرحلات لما اشتملت من أخوة وتحاب وتعاون وهدف مشترك في رحلة مميزة لن أنساها ما حييت، فكم يحيى الإنسان بقيم تظل رغم الزمن باقية تعينه على نوائب الحياة ومن اجلّها الأخوة في الله وهذه ما شعرت به في هذه الرحلة المباركة ، أخوة وحب وتعاون وإيثار ...كم كانت تلكم الأيام جميلة برفقة أحباب لم تجمعني بهم رحلة سابقة ولا معرفة قديمة ولكنه الهدف السامي في معاني الأخوة هي من رفعتنا لمرتبة عالية مرتبة المحبة في الله والمشاركة والتعاون في مؤاخاة فريدة اسأل الله أن يديمها علي وعلى من أحب اللهم أمين.ستكون طريقتي هذه المرة في جمع الرحلتين وربطهما ببعض في المكان وسأفرد لكل مجموعة في ثنايا كلامي ما تميزت به على انفراد وبتداخل مع تدرج المكان المقصود، بمعنى أني سأتكلم عن رحلة زنجبار وتنزانيا مع العلم أنهما في الوقت الحاضر دولة واحدة ولكن ككتلة واحدة سأفصل زنجبار عن ارض تنجانيقا لكي يتعرف قارئي الفاضل على المكان كوحدة مستقلة .وبما أن جزيرة زنجبار الأقرب إلى نفسي لما احتوت من تاريخ وقيم وطبيعة فريدة سأبدأ بها بعون الله تعالى.قبل البداية بداية البداية وبدايتنا تحضيرنا لهذه الرحلة ومن المهم ذكر أخ كريم بمقام الأخ الشقيق فهو من الأصحاب الذين اخذوا مني تجربة الترحال بكل جدية وأجاد في معرفة تفاصيلها فتفنن في العون والمساعدة بل غلب الأستاذ في بعضها وكيف لا وهو الأساس في طرح هذه الرحلة لغير من اعرف ممن ربطتني بهم إخوة لا سلكية إن صح التعبير من خلال الانترنت ، فقد نجح الأخ الحبيب يوسف البدر في إخراجي من طور الرحلات الخاصة لمن تعددت رحلاتي معهم إلى الانفتاح لمشاركة رحلاتي لمجموعة اكبر في إطار الرحلات الجماعية المرتبة والمنظمة ، وقد نجحنا في تنظيم هذه الرحلتين بجهود مميزة من الأخ يوسف حفظه الله وتكللت بالنجاح رغم ما اعترضنا من عوائق بسيطة خارجة عن سيطرتنا فهي تدخل ضمن الفكر الإفريقي لتسيير الرحلات ولكن رغم ذلك فقد تمت عناصر الرحلة كما نحب فلله الحمد والمنة .تم الاتفاق مع الأخ يوسف على الترتيبات قبل الرحلة بثلاثة شهور وتم التنسيق مع شركات الطيران وشركات السياحة في تنزانيا وبعد معرفة جوانب الرحلة وخط السير وتقدير المبلغ تم الإعلان عنها من خلال المنتديات المميزة لمثل هذه الرحلات ذات الأهداف العالية ومن تلكم المنتديات منتدى الرحلات ومنتدى مكشات ومنتدى زاد المسافر ومنتدى السياحة وكذلك تم إرسال الإعلان لبريد الإخوة والمعارف ممن ارتأيت بهم المشاركة ، علماً أن العدد محدود جداً فكان هدفي لكل رحلة عدد 15 شخصاً لا يزيد ،وتم كتابة الأسماء ورغم الخبرة القليلة في إدارة الرحلات الجماعية فقد تمت إدارتها إدارة طيبة وتم التشكيل النهائي للرحلتين بالنحو الآتي:
الرحلة الأولى:كانت هذه الرحلة هي لإخواني من أهل السعودية وهم:- خاـــلد الخنينــــــي- عبد الله العتيبـــــي- عبد العزيز العثمان - راكــــان اليوســف - عمــــار العقيــــــل- حمـــد الابراهيـــم - محســن الحربـــي - يعقـــوب الحسيــن - عبدالله الخليفـــــة - احمــــد العمـــــــر- مجـــدي الــردادي - يوســـف البــــــدر - وأنــــــــــــا معهم.
وهنا صورة جماعية للفرقة الاولى وينقصهم الخنيني والعمر والابراهيم
وخط الرحلة من الدمام إلى مطار كلمنجارو في شمال تنزانيا وقضاء ستة ليالي في الغابات والتخييم في خيام ضمن مناطق المحميات الطبيعية ، ورحلات سفاري لأشهر المواقع التنزانية المحتضنة لحيوانات إفريقيا الشهيرة كالأسود والنمور والفيلة والزراف والكركدن والخرتيت والنعام وجملة من الغزلان وبقر السهول الإفريقية ، وبعدها الطيران من كلمنجارو إلى جزيرة زنجبار وقضاء ليلتين بثلاثة أيام في موقع فريد سنتكلم من خلال هذا السرد على الغريب في طبيعة ومناحي الحياة في هذه الجزيرة إن شاء الله .الرحلة الثانية :وهذه الرحلة الثانية زمنياً بعد الأولى مباشرة حيث أنني بعد توديعي للمجموعة الأولى في زنجبار خرجت لأستقبل المجموعة الأولى من أهلنا أحبابنا الكويتيون أهل الغيرة والنخوة وأهل نشر الخير في مواقع شتى في الأرض المعمورة وعلى رأسهم الداعية الإسلامي الكبير الدكتور السميط حفظه الله للمسلمين عونا ومفتاحاً للخير في القارة السوداء .والفريق الثاني كان بعدد تسعة وهم:– سليمـــان العقيلـي – جاســـم الشــــراح – حمــــد المزعـــــل – عبد السلام الرندي – وليــــــد البـــــدر – أحمـــــد القصــار – محمــــد الخليفـي – فيصـــــل العثمان – وتاسعهم محدثكم
صورة للفريق الثاني من أهلنا أهل الكويت
ورحلتي معهم ابتدأت من جزيرة زنجبار ولمدة يومين والتجول بها وثم الطيران إلى مطار اروشا في شمال تنزانيا لقضاء ستة ليالي في كنف المحميات الطبيعية وسأفصل الكتابة عن الرحلتين بذكر تسلسل واحد لكل منهما يبدأ من زنجبار وينتهي بالطيران من الجزيرة وثم الكتاب الثاني الذي سأتكلم فيه عن منطقة تنزانيا البرية وأبدأ فيه ان شاء الله تعالى بمدينة اروشا التنزانية مدينة السفاري وأنتقل بكم في مناطق الداخل ومابها من مناطق ومحميات طبيعية جعلت من هذا البلد الافريقي وجهةً سياحية لرحلات السفاري العالمية .فالى موضوع كتابنا الحالي والى زنجبار ارض الخير والبهار .زنجبارارض البهار الإفريقي المميز كما أنها ارض السلطنة الإسلامية المترامية الإطراف والممتدة من الخليج العربي إلى سواحل إفريقيا الشرقية وسنذكر إن شاء الله هذه الحقبة بما قرأت وشاهدت من خلال الزيارة الفريدة مع تلكم المجموعتين الفريدتين أسأل الله أن يعينني على الصواب وعلى بسط الأمر على ما يحب قارئي العزيز اللهم آمين.ما أن صدر إعلان الركوب لفريقنا للصعود للطائرة حتى كان الفريق متأهب ومتهيئ لتلك المغامرة والتي ابتدأت بطائرة ذات مراوح تتسع لستين راكباً
التوجه للطائرة من مطار كلمنجارو الى زنجبار
ففتحت الأبواب والمندرجة لسلم الصعود تلقائيا ومن مؤخرة الطائرة كان الدخول وثم بعدها أتت عربات نقل العفش لوضعها بالطائرة ومما لاحظه احد فريقنا أن الطائرة أكتفت بما تلقفته من حقائب واقفل سائق العربة بإرجاع الحقائب المتبقية وصاح بنا صاحبنا أن الحقائب لم تحمّل معنا بل رجعت!ظننا بصاحبنا المزاح وإلا كيف تقلع طائرتنا بلا حقائبنا ؟
المهم لم نعط ذلك الأمر بالاً وأتممنا رحلتنا بالاستمتاع بالطيران ومشاهدة جبل كلمنجارو ذو الخمسة ألاف وثمانمائة متر وأخيه الصغير جبل مونتميري ذو الخمسة ألاف متر، وحين مرورنا عليه كان منظر الجبل وقمته المكتسية بياضاً منظراً يأسر الألباب من روعة وهيبة ذلك الشموخ الإفريقي المتمثل بجبل كلمنجارو.
المنظر لم يكن عادياً البتة وتعبيري سيكون قاصراً عن إيصال ولو جزء يسير من عظمة خلق الله ولكن شيء في النفس وددت بثه وشيء من الامتنان لما أحسست به ، الغيوم جاثية أسفل قمة الجبل في ما لا تستطيع بلوغ قدر ذلك الشموخ فإطلالته العالية التي اخترقتها قمته بكل فخر تعبيراً لكل العالم ولكل من يرى هذا الشموخ، بأنه هنا في أفريقيا مكاناً وموطناً ورمزاً يسمو فوق السحاب وكأنه يقول هنا إفريقيا كما لقمم الهملايا بآسيا ولقمم الألب بأوربا من رمز يفخر أهله به .
أن مجرد رؤية ذلك المنظر كافية لتغذي أعيننا بفيض من المتعة والمعرفة وتعطي للمكان التنوع الغير مألوف عن إفريقيا بلد الغابات والسفاري إلى تنوع تضاريسي مشوق وجميل.
ليس هذا فقط ما أدهشنا ففي الأسطر التالية سنورد لقرائنا الأفاضل كماً من المشاهدات الطبيعية والاجتماعية في بلد غني بالتنوع المتناسق مع تكويناته المختلفة البشرية والبيئية والجغرافية، سنتابع بكل سلاسة رحلتنا ولن نبخل بكل إيضاح بالصور الممتعة لكل جميل .
مازال الحديث مستمراً ونحن ألان في طائرة ذات المراوح ، حيث قدموا لنا مرطبات وشيء من المكسرات للتسلية ،وقد ذكرت لكم ركوبنا من مطار كلمنجارو إلى زنجبار وقد أخذ الوقت إليها ساعة وربع وما أن وصلنا الجزيرة حتى ظهرت لنا أرضها التي غطت في اخضرار كثيف فلا يرى سواها ونخيل جوز الهند وهو يتمايل على الشواطئ البيضاء ذات المياه الفيروزية الشفافة بلون عجيب بين كل الألوان المريحة للناظر فالأزرق الفيروزي والأخضر المتموج بين الفاتح والغامق وبياض الرمال الناصع
كلها في تناغم رباني جميل وهي ترحب بنا في رسمه الألوان البديعة ، وحين اقتربنا من منتصف الجزيرة بدأت مناظر العبث البشري واضحة والمتمثلة بالأبنية المكتظة والمتراصة في تركيب شاذ عن طبيعة الأرض ولكن ليس هنالك بد من ذلك فاستعمار الأرض سنة من سنن الباري وهاهو الإنسان وقد أتى بألواح الشينكو(ألواح التنك الحديدية) وقد غطى بها بيوته في نشاز
يصرف الفكر في ما قد بناه من بديع الجمال حين النظرة الأولى ، وحينها غطت المناطق الخضراء السابقة المناظر الجديدة مناظر البيوت المتراصة لمدينة زنجبار ذات المليون شخص في تراص وتجاور ومازالت الطبيعة تفرض بين تلكم الأبنية نفسها من خلال الأشجار الباسقة والممتلئة حياة وقوة رغم ما يكتنفها من استعمار بشري قاسي .ولحظة الوصول إلى المطار بطائرتنا الخفيفة كما هو شعارها الغزال وهي من الطائرات التي تخدم المنطقة بين دول كينيا وتنزانيا وأوغندا وملاوي والجزر البحرية ومنها زنجبار التي وصلناها .
وصلنا بحمد الله ومنته لمطار زنجبار مع المجموعة الأولى وهم الرحالة من أهل السعودية وحطت الطائرة بكل سهولة على المدرج الصغير وبعد فتح الأبواب نزلنا إلى قاعة الوصول مشياً ومناظر الطائرات الصغيرة ذات الراكبين والأربع والعشر في استعداد لنقل المتنقلين بين جزر المنطقة ما حول زنجبار الأم ،
مطار زنجبار
وفي قاعة الوصول الصغيرة وهي 15 متر في 15 تقريباً ويوجد بها غرفة الأمن وغرفة الجمارك وغرفة التأشيرات الفورية بمبلغ 50 دولار للشخص وكنا نبحث عن مكان استلام الحقائب !!
لم نرى هنالك إي شيء يدل على مكان مخصص لاستلام الحقائب! ولكن في احد جنبات الصالة كان هناك شباكين من خلال فاصل خشبي صنع نجار عليمي وقد رأينا من خلالهما لخارج الصالة وعلى مدرج الطائرات حقائبنا وهي تسحب الينا ، ومن الشباك يمدها العمال الى داخل الصالة بكل عشوائية الى طاولة فعلمنا من احد العاملين أن هذا مكان استلام ، وقد اخذ العمال برفع الحقائب يدوياً حيث تم رفعها بأيديهم ليراها ويستلمها صاحبها بعد أن يستلم بقشيشاً لقاء عمله!المنظر كان غاية في الفوضى وبدائي جداً فلم نعتد لمثل هذا الأمر فوقفنا لتصويره لشدة استغرابنا للحالة البدائية جداً ولكن ليت وقف الأمر على ذلك..فقد عرفنا لاحقاً بان ليس كل الحقائب وصلت معنا فقد تركت نصفها في مطار كلمنجارو ؟كيف ذلك ..ذهبنا نستطلع الأمر لدى غرفة الأمتعة المفقودة وإذ بنا نسمع الجواب وبكل بساطة من قبل الموظف فإذ به يقول لنا ( إن بقية الأمتعة ستأتي في الطائرة القادمة وسنوصلها لفندقكم مباشرة...!!)ومن العجيب إن ذلك الأمر متكرر لديهم وكذلك في كلمنجارو حين وصولنا من مطار نيروبي !!لا تستغرب فأنت في إفريقيا ....المهم جلسنا ننتظر حقائبنا لحين الطائرة التالية الآتية من كلمنجارو والحمد لله كان الأمر كما قال الموظف ووصلت الأمتعة المفقودة ولكن المشكلة فيمن لديه طيران متواصل كيف يستلم حقائبه ويواصل ...الله في عون من لا يعلم عن نظام هذه الدول.بعد إتمامنا استلام الأمتعة صرنا نبحث عن من يستقبلنا من سائقي الفندق ولكن للأسف لم نجده وهاتفنا الفندق الذي اخبرنا بعدم تلقيه أي إشارة لتوصيلنا، اضطرنا لاستئجار سيارتين لإيصالنا للفندق بملغ 45 دولار لكل سيارة حيث المكان بعيداً فهو بالجهة الشرقية من الجزيرة والمطار بالجهة الغربية منها ومابين الجهتين 50 كيلومتر تقريباً
وركبنا بحمد الله وسرنا في طرقات مغسولة بمياه الإمطار بين أبنية ذات طراز هجين بين العربية والغربية والإفريقية فمنها ذات الشبابيك المقوسة والمعروفة في دول الخليج قديماً ومنها بطراز إفريقي بألواح الجندل والمكسوة بالقش وأخرى من الحجر على تصميم غربي ....تمازج متنوع هو ما نراه بالإضافة إلى ملابس الناس ونحن في طريقنا للفندق فمنهم من لبس البنطال واعتمر طاقية أهل عمان ومنهم من لبس الكندرة(الثوب) الامارتيه والعمانية الملونة بعضها ابيض وبعضها ازرق وبني واخضر ...ولكن ما شدنا أكثر رؤية المساجد الكثيرة وسماع الأذان يصدح في جنيات المكان ليعطي لنا شعوراً وحساً بانتمائه لنا وبانتمائنا له بكل وضوح وقوة، الله اكبر الله اكبر ولله الحمد.مشاهدات تشبع الناظرين يمنة ويسرة بين الطرقات الضيقة للجزيرة ونحن نشاهد الحياة اليومية لأهل الجزيرة ، ومن المعروف أن منطقة الخليج العربي تستورد أخشاب الجندل الشهيرة من هنا من جزيرة زنجبار قديماً، وهي الأخشاب القوية المعروفة لرفد السقف في البنايات القديمة وترص بشكل أفقي لمساندة السقف بعد أن يوضع فوقها الباسجيل وثم حصر البواري والمصنوعة من القصب الذي يصنع في أهوار العراق وإيران وفوق ذلك كله يأتي الحجر البحري وثم الطين لإتمام عملية بناء أسقف بيوت أهل الخليج قديماً ، وها نحن نرى تلكم الأخشاب الشهيرة في موطنها الأصلي وبكميات منها ومازالت تستعمل هنا بكل كفاءة ومهارة .
محل لبيع خشب الجندل
والجدير بالذكر حول الجندل هذا الخشب والمكون من جذع أشجار قوية تنبت هنا بجزيرة زنجبار فهو متين ومستقيم وما يميزه أنه ليس كجذوع الأشجار الأخرى التي تكبره بأحجام كبيرة ، فهو صغير القطر مما يسهل عملية البناء والحمل ، وصغر قطره لا يقلل من قوة تحمله فهو أشبه بالحديد من حيث الصلابة والتحمل .وكما لمنطقة الخليج من طرق قديمة للبناء فهنا أيضا فالجندل كما أسلفنا وحجر البحر (قطع مرجانية وكلسية متحجرة) هنا تستخرج من البحر لاستعمالها في بناء البيوت ، كما في الخليج أيضا وتسمى عندنا (قروف) .
وهنا سيارات التحميل وقد عبئت من أحجار البحر للبيع
الطريق كان مشبعاً بكل الحياة الزنجبارية الجميلة فتعرج الطرق وإحاطتها بكل أنواع الأشجار المختلفة من جوز الهند والمنجا وأشجار التوابل المشهورة بها الجزيرة كالقرنفل والهيل والكاكاو والفانيلا والزنجبيل والكركم إلى كم وفير من أشجار أخرى قد أبدت على المكان جمالاً متواصلاً ،والناس فيما بين ذالك وذاك يسعون في الطرقات ، منهم من حمل على رأسه كيس من القمح وأخر حمل حزمة من الحطب وهنالك من ركب الدراجة وقد حمل معه طفله وقفتين من السعف حمل بها زاده وخضار طازجة من الحقول المنتشرة بين الأشجار الكثيفة وقد زرعت بأنواع من الأرز والقمح والنباتات الحقلية طوال العام .وسيارات النقل العام التي جهزت محلياً من سيارة نقل وقد أضيف لها هيكل من الخشب لتحميل الأشخاص ، كون هذه الطريقة ارخص من سيارات الباصات الخاصة والتي تتنقل بين مناطق الجزيرة .
سارة النقل المحملة بالركاب والمصنوعة مقاعدها من الأخشاب
وكنا أثناء سيرنا وقت الظهيرة حيث خروج طلاب المدارس والتي تكحلت أعيننا برؤية ذلك المنظر الرائع لتلكم الفتيات الجميلات وهم بعمر الزهور ومما زاد من جمالهن اختمارهن بالحجاب الأبيض مما زاد من عظمة الاحترام والتوقير لهذا الشعب المسلم الأبي المحافظ على قيمه وعاداته بعد التعرض السابق لقسوة الاستعمار والقتل والتجهيل والتهجير .
منظر الفتيات وهنّ يعبرن الطريق بحجابهن الأبيض
جزيرة زنجبار تقع على جنوب خط الاستواء مما يعطيها جواً من الاستقرار الثابت بحيث يستمر عطاء الأرض متواصلاً بكل فصول السنة، وهذا ما يميزها من ناحية الاخضرار وتنوع الغطاء الخضري المستمر وكذلك احتوائها لأنواع نادرة من النباتات التي تميزت بها الجزيرة عن غيرها ، وبالإضافة لذلك فالجزيرة تتميز بجو معتدل وجميل خاصة في شهري يوليو وأغسطس حيث النسمات العليلة والجو الصحو تقريباً ، مما يجعلها في الدرجة الأولى للمقاصد السياحية لدول كثيرة وهذا ما شاهدناه من تواجد سياحي كثيف وخاصة من دول أوربية .إنها مسيرة حياة وقصة مستمرة هي ما رأيناه في طريقنا للفندق الذي كان لمدة ساعة ولكن بمشاهداتنا وكأنه سنة ننظر يمنة ويسره نتشبع برؤية حياة أولئك المسلمون في عيش جميل وراحة رغم ما تعرضوا له قبل أربعين سنة من قتل واضطهاد فما زال الإسلام باقياً ومازال إخواننا في الخليج وأهل الإسلام في دعم مستمر لهم من خلال ما رأينا من لوح تشير للدعم الحاصل إليهم وعلى رأسهم مؤسسة لجنة مسلمي إفريقيا جزاهم الله عنا وعن المسلمين خيرا.
ها نحن قد وصلنا للضفة الشرقية للجزيرة والى فندقنا الجميل بتصميمه الممزوج بين الطرازين الإفريقي والعماني فكان له قبول في العين والنفس وخاصة المكان الذي بني فيه على إطلالة مباشرة لشاطئ البحر المزدان بأشجار جوز الهند ورماله البيضاء والبحر الفيروزي النقي ولن أكون مخطئاً إن شبهته بعين أجمل فتاة فرموشها الخضراء بأشجار جوز الهند وجفونها البيضاء برمال الشاطئ النقية وبزرقة عينيها المتمثلة بمياه البحر الفيروزية ...إنها والله ساعة تفكر وتدبر لعظمة خلق الله ونحن حينها نقول اللهم الجنة لنا ولإخواننا ولقرائنا ولمن نحبه ويحبنا في لحظة تأمل لهذه المناظر التي تأسر الألباب بجمالها وصفائها وهدوئها .
لن يكفي ما ذكرت ولن تتسع الكتب لبث ما نحس به إليكم ولكن شيء نفيض به إليكم وللصور ابلغ معنى واكبر تأثير.دخلنا المنتجع الهاديء بالاضافة للمسات الانيقة والمستوحاه من البيئة المحلية مضاف اليها الفخامة لخدمة الضيوف .
صور من بهو الفندق
ومن الغباء من مديري الفندق هذه اللوحة التي كتب فيها اسم قاعة وصالة المقهى باسم ما شاء الله ظناً منهم انه اسم يناسب التراث لتصميم الفندق وقد وضحنا للإدارة خطأ الاسم وأنه متعلق بمشيئة الله ويسيء لنا كمسلمين هذه التسمية .
وصورة للغرف المجهزة بكل وسائل الراحة والاناقة
ووردة على السرير تقول لنا حللتم أهلا ونزلتم سهلا
وصورة من خارج الغرفة المنفصلة كلياً عن بقية الغرف مما يعطيها استقلالية وخصوصية كبيوت الجزيرة المطلة على البحر .
وبين الغرف إطلالة مباشرة على المحيط الهندي من خلال أشجار جوز الهند الكثيفة .
وشاطئ المنطقة بالإضافة إلى احتوائه كم من النخيل والرمال البيضاء الجميلة فهو أيضا لا يكتفي بالعطاء المتواصل لكم وفير من التنوع التضاريسي الفريد مما يعطيه نظرة وزهو من خلال تلكم الجروف الصخرية التي تشكلت بفعل الأمواج معطية للشاطئ منظراً خيالياً يشبع الأعين والأحاسيس والمشاعر التي ذهلت بهذا التمازج البيئي الغريب والممتع في تكوينات مستمرة لا تتعب الناظر إليها ولا يملّ لكثرة تنوع تشكيلها ، فيا سبحان الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى وله كل ثناء كما ينبغي لعظيم خلقه وعجيب صنعه ، فتدبر تلكم المناظر الخلاقة يبعث في النفس قيم عالية وتمعن في ملكوت رب الأرباب الذي نرجو جنته وما فيها من نعيم مقيم فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولم يخطر على قلب بشر اللهم الجنة والفردوس الأعلى وكل من يقرأ ويسمع وكل مسلم ومسلمة اللهم آمين .
ومزيداً من التكوينات الصخرية
وصور تنطق بكل الروعة والجمال قد ابخسها بتعبيري فإليكم خلق الله
على شاطئ الفندق في مساء يوم بديع وعلى الرمال البيضاء كانت لنا جولة لاستكشاف المنطقة مع ثلة من أهلها ولزيارة القرى المجاورة، وهاهو الأخ شافعي يتصدرنا لزيارة قريته المطلة على الشاطئ مباشرة.
وصلنا بعد مشي بضع مئات من الأمتار من الفندق ومنه إلى القرية وصادفنا احد الأهالي وهو يعمل على قاربه الخشبي المصنوع من جذع شجرة واحدة بالكامل ومنحوت نحتاً وهذه الطريقة في صنع القوارب المحلية متعارف عليها في شرق أفريقيا ومناطق المحيط الهندي عموماً ، بالإضافة للدعائم الملحقة بالقارب يمين ويسار كما في الصورة وهي تدعم القارب وتسنده بحيث يتلقى الأمواج ويبقى ثابتاً وسط البحر .
ولجنا إلى داخل القرية قرية الأخ شافعي وهو شخص ودود ومتحدث الانجليزية اتخذناه لاحقاً مرشداً لنا في جولة عبر الجزيرة بسعر طيب ، وكرماً منه دعانا لزيارة قريته الوادعة على ضفة البحر بدورها الشعبية المحلية التصميم والتنفيذ بحجارة البحر وخشب الجندل وسعف نخيل جوز الهند وجولة ممتعة تعرفنا على حياة هؤلاء المسلمين المحافظين على تراثهم ودينهم من خلال زيارة مسجدهم والصلاة فيه صلاة المغرب والتعرف على إمام القرية وهو رجل كبير السن وقد لبس الثوب والطاقية العمانية افتخاراً بالأصول الزنجبارية الإسلامية القديمة .بيوت القرية كما أسلفت مبنية من مواد محلية فالجدران من صخر البحر والسقف والأبواب والشبابيك من أخشاب الجزيرة المنوعة وكساء السقف من سعف نخيل جوز الهند المعزز بأغصان تربطه ببعض وترفعه إلى علو كبير لكي يمنع مياه الإمطار من الولوج للبيت فيكون ذلك الميل الكبير سبباً في جريانه الى خارج البيت كما في الصورة .
وبعض الأبنية استخدمت الحجر لبناء الجدران والبعض الأخر كان بطريقة أخرى لتدعيم الجدر بأغصان من الأخشاب وتكسيتها بالجص كما في الصورة أدناه للبيت يسار الصورة
أثناء سيرنا داخل القرية وجدنا المسجد فدخلناه وكانت الصلاة لم تحن بعد للتعرف على حياتهم وأخذ صورة قبل الصلاة ،
وضمن زيارتنا القصيرة كان لابد من حضور دوري القرية ومشاهدة كرة القدم وأطفال القرية في نشاط ولعب وأهداف افريقية جميلة بكرة القدم
وصورة مقربة للطفل وهو يهمّ بضرب الكورة لتكون في مرمى الفريق الخصم وانغماس حتى النشوة في اللعب غير آبه بكاميراتنا ولا بتصويرنا وكل هدفه اللعب لأجل الفوز ، ولكن بإمكانياتهم البسيطة
فالكرة التي يلعب بها هؤلاء الفتية ليست الكرة التي نعرفها إنما هي كرة من قطع بالية من القماش وشيء من مطاط عجلات السيارات القديمة ولفت بطرقة تسمح باللعب بها .
كانت اللعبة مشوقة وحماسية وقد جلسنا نشجع بل إن بعضنا حاول المشاركة في بعض الضربات مما حدا بأبي شاهر جزاه الله خير إضفاء نكهة على الصدقة بان تكون جائزة بدل من الصدقة وتم إعطائها للفرق المشاركة بالبطولة لقرية شافعي أخونا الزنجباري ولكن عند توزيع المال صارت فوضى وتم تدخل الداخلية متمثلة بنساء القرية وذلك بسبب أنهن أمهات الأطفال وهن أولى برعاية جوائز الفوز ولكن كرم الأخ أبو شاهر وضع حداً للنزاع في توزيع عادل للأطفال والأمهات بطريقة جعلت الابتسامة في محياهم جميعاَ ، وقد سار الركب الفائز منتشياً بالفوز وبما كسب من مال في طرقات القرية .
وهنا صورة لفترة توزيع جوائز البطولة للفرق المشاركة
حان ألان وقت صلاة المغرب وصدح المؤذن بالتكبير والنداء فتوجهنا إلى المسجد لأداء صلاة المغرب مع جماعة المصلين في المسجد المتواضع والمرتب والنظيف
وبعد الصلاة أخذنا الأخ شافعي لزيارة أحد البيوت للتعرف عن قرب عن حياتهم والوقوف على احتياجهم فكانت هذه اللقطات.
من داخل البيت الشعبي وفي وقت العشاء ومشاركة منّا لإخواننا المسلمين جلسنا بينهم وبين أطفالهم شاركناهم عشائهم بلقيمات بسيطو من صحن الرز الذي طبخ بطريقة الزنجباريين فقد كان شهياً وبنكهة الدارسين(القرفة) المميزة وبعض الصور وتوزيع الصدقات عليهم تقبلها الله.
ورجعنا مساء إلى فندقنا والى صالة المطعم لتناول وجبة العشاء.
وشيء من الفلكلور الزنجباري على المسبح ووقت العشاء بلبس افريقي يحكي تراث القبائل الأفريقية .
وبعد تناول وجبة دسمة من العشاء أخذنا جولة في منافع الفندق والتمتع بصالاته وتصاميمه الجميلة وصور تتحدث عن نفسها .
بعد قضاء سمرة طيبة وقد نال الإجهاد منّا كل منال توجهنا للغرف لنستعد ليوم حافل مع الاخ شافعي لقضاء يوم كامل في جنبات الجزيرة.
أصبحنا وأصبح الملك لله وهاهي أشعة الشمس المشرقة تطل علينا من بين السحاب ونخيل باسقات تصبّح بيوم بهيج ممتع بعد نومة هانئة ، والكاميرا تتحدث أيضا لتخبرنا عن وقائع ومناظر تحبس بذاكرة الزمن لكي تذكرنا بتلك اللحظات التي لا نتمنى سوى الجنة بديل لها .
وفي لقطة لأحد العصافير التي نسجت بغريزة أمدها بها رب الخلق وقد غزلت بيتها بسعف احد النخيل بطريقة بديعة فسبحان من أعطاها ورزقها.
وتم الانطلاق من الفندق بعد اخذ وجبة الفطور مباشرة في سيارة جمعتنا مع الأخ شافعي عبر طرق الجزيرة الجميلة بكل أنواع الأشجار واخضرار مستمر وبأمان مستمر أيضا متمثل بالشرطة المحلية التي أزعجتنا بكثرة الوقوف فهذه شرطة الأمن وتلك شرطة المرور وغيرها شرطة السياحة .
ولكن المسير في طرقات الجزيرة وجمالها ينسي كل تعب ونصب في انسياب مستمر لخط اخضر يانع يزيل كل همّ ويصفي تلوث المدن في صدورنا
ومازلنا في طرقات مليئة بالحياة لأهل الجزيرة الذين يسيحون في طلب الرزق فيصبحون خماصا ويمسون بطانا.
وأول نشاط نقوم به اليوم هو التوجه لأقصى نقطة في جنوب الجزيرة لقرية غازي مغازي Kizimkazi وركوب احد القوارب المحلية في جولة بحرية نركب الأمواج العاتية لرؤية الدلافين والسباحة معها في مكان نادر أن يتكرر لمثله .
وها نحن المجموعة بعددنا 13 ركبنا هذا القارب مكتظين ومتشوقين لرؤية الدلافين الزنجبارية وهي ترحب بنا بطريقتها
ورويداً رويداً ابتعدنا عن الساحل ونحن نمخر عباب البحر بهذا القارب الخشبي الثقيل والبطيء فأصحاب القارب بسيطي الحال ولم يكن لهم مقدور واستطاعة في شراء محرك قوي فقلة ذات اليد عندهم استطاعت تركيب محرك بقوة 15 حصان فقط والقارب يحتاج اقل شيء إلى 200 حصان ولكن الحمد لله الأمر بسيط ولا يحتاج سرعة فالنزهة هي الهدف.
ومن داخل البحر شاهدنا منظراً غريباً لأحد الصيادين وهو يلبس نظارة بحرية ومعه رمح وإذ به احد الصيادين على الطريقة الزنجبارية يصيد ما يكتبه له الله من صيد بهذه الطريقة البسيطة بحيث يغوص إلى الصخور المرجاني ويرى السمك فيختار منها الكبير ويضربه بالرمح ليصعد الى السطح فيتلقاه مساعدة بقارب خشبي صغير يجمع حصيلة الصيد وبيعها .
وتركنا ذلك الصياد برمحه ونظارته لنمخر تلكم الأمواج العاتية بقاربنا البسيط وسط ارتفاع الموج وهيجان البحر ولي بحراً إنما نحن في محيط كبير وقد بدأ الخوف يسري من انقلاب القارب ، فالأمواج لم تكن بسيطة أبدا والصورة تحكي صولة الأسد ، قاربنا يتهادى على جبال الموج وكأنة قطعة من ورق يلعب بها التيار كما يشتهي .
وهانحن وصلنا بعد تعب ونصب وصعود ونزول بين موجة وأخرى نتهاوى بين الموجة والأخرى وفي ظل رحمة الله التي حمتنا من كل مكروه وصلنا لموقع الدلافين ورأيت الدلافين وهي تلعب بين الغطاسين وقد غطس فريقنا من المجموعة الثانية بين الدلافين وسبح بينها فكانت لحظات ممتعة وفريدة .
وقفلنا راجعين بعد قضاء وقت جميل مشوب بالخطر من شدة الموج وارتفاع القارب ونزوله إلى الساحل مرة أخرى نحمد الله على سلامتنا وقد أعد! لنا وجبة الغذاء وهي من ضمن البرنامج المكمل للزيارة الدلافين ووجبة من السمك والبطاطس وطبق الرز اللذيذ .
انطلقنا للبرنامج الثاني وهو زيارة مدينة الصخور (Stone City) الأثرية والأقدم في الجزيرة حيث مقر الحكم سابقاً والسوق القديم والحالي للسمك والخضار والبهارات كما يوجد فيها بعض الأبنية المتعلقة بتاريخ الجزيرة.
ويتراءى لنا من خلال مسيرنا بعض الأبنية القديمة التي تحكي قصة المنطقة وتاريخها الموغل بالقدم
ومن التاريخ الذي يحكي شيئاً من ماضي المكان هو سوق العبيد والذي كان كما هو في مناطق من أفريقيا فهو هنا أيضا وقد بدأ فيه أصلا البرتغاليين المستعمرين وتم توارث الصنعة بالحكام العرب الذين استمروا باستجلاب العبيد من وسط أفريقيا وتجهيزهم هنا لترحيلهم عبر البواخر إلى مناطق الجزيرة العربية والشام ومصر.
واللوحة في الصورة تشير إلى مكان سوق العبيد المزارعين .
وأول ما رأينا الكنيسةالأنجليكانية التي بنيت عام (1873) وقد بنيتعلىموقعِسوقِالعبيدِ وبجانبها دارالتشريع (الشورى)،ونحننَعْبرُمتحفَزنجبار وهو مبنى مبي منذ عام 1925معلىطريقِنا،نَعْبرُ،المحكمةالعاليةلزنجبار، ,وهناالمندوبيةالساميّةالبريطانيةالأولى.
كان معنا أحد المرشدين ليتجول بنا في مناحي المنطقة القديمة وابتدأنا في السوق المركزي للسمك والخضار والبهارات فكانت هذه الجولة تصطحبنا الكاميرا بالصور المعبرة عن حال المكان .
ومن خلال الزيارة تطل علينا بنايات المنطقة التي تعبر عن طراز وانتماء المكان لحقبة من الزمن كانت تتبع حينها الحكم العماني .
وإطلالة المآذن بين طرقات المدينة القديمة تشرح الصدر وتفرح القلب وتسر الناظرين إليها.
وليس اكبر من منظر يشرح الصدور كمنظر احد مدارس تحفيظ القران بوسط المدينة القديمة وفي احد قاعات الدراسة لمدرسة ملحقة بالمسجد وصورة جميلة ومفعمة بالحياة لهؤلاء الأطفال من صبيان ولباسهم العماني الأصيل وفتيات قد اعتمرن الحجاب بكل عفوية وانتماء لما يؤمنون به من إسلام وإيمان اسأل الله لهم الثبات والأجر والمثوبة لهم ولوالديهم ولمعلميهم ولمن أعانهم على ذلك .
وصورة جميلة لأحد الصفوف الملحقة بالجامع وقد اكتظت بالدارسين لكتاب الله.
ونتابع تحركنا لمنطقة التاريخ والحديث هنا حول أصالة المكان وتاريخ يتحدث به كل شيء فالأبواب الخشبية المنحوتة بطراز عربي متقن تحكي هي أيضا صورة زمن مضى بكل ما يحمله من قيم ومعاني لا تنسى وان دارت الأيام وحل الجديد مكان القديم فيظل الأصل في نفوس الناس وطبائعهم الغنية بكل العادات المتوارثة من أبائهم وأجدادهم .
كل جزء هنا يتحدث فيما يخصه ويعنيه فكما الأبواب فهنا البيوت والشبابيك والسكك والأزقة والحواري كلها تعطينا طابع واحد وقصة واحدة تصيح بها في صوت واحد أيضا وهو صوت أذان المساجد بقولها الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله .
وهاهو بائع الفول السوداني يقطع علينا تأملنا بعربته التي يجرها بيديه وقد حملها بالفول السوداني الأخضر ومازالت رطوبة الثمار يانعة وهو قد صنفها بلف ورق المجلات لتكون مقسمة على حسب طلب الزبائن وقدرتهم على الشراء فمنها بـمائة شلن ومنها بخمس مائة والأخرى بألف .
اشترينا منه ما نتذوق به طعم الفول الطازج ونتسلى به ونحن في استمرار بين توقف هنا وهناك لبعض المحال التجارية التي فتحت للسياح الذي يتجولون في المنطقة وشراء بعض الحاجيات والقطع الأثرية وبعض منتجات المنطقة .
لازلنا نحث الخطى ونحن نستلهم تراثاً ونحفظ بأعيننا صور المكان وعبق التاريخ الزاخر بكل زاوية لمباني تنطق قصصاً وحوادث لأمة سكنت وحكمت وظل تأثيرها رغم الاستعمار ورغم التغريب شامخة تحكي بصمت صولة الأسد.
ولا أدل من تلك الحكايات الصامتة من حكاية المبنى العجيب وهو اسمه المسمى به (بيت العجيب) كما في اللوحة المعلقة في واجهته الرئيسية .
[
وهذا البيت العجيب أو قصر الحكم لأل البوسعيد حكام مسقط وزنجبار في أوائل القرن العشرين وحتى دخول المستعمر بقواته الغازية بجنود الأفارقة الغوغاء وتحكمهم بالجزيرة عام 1964م هو مظهر من مظاهر الحكم والقوة والحضارة التي نقلها البوسعيديون الى هنا فكان صرحاً ومبنى حضارياً لا يشبهه مثيل في أفريقيا الشرقية فكان بلا فخر أول مبنى تصله الكهرباء وفيه مصعد كهربائي ، فهو إذا مبنى العجيب بذلك الزمان حيث لا مثيل له .
وإطلالة من أمام المبنى العجيب على البحر مباشرة
وفخامة القصر تحكي عظمة الحكم آنذاك بكل تفاصيل البناء من فخامة وزخرفة وأبواب عالية من خشب الورد والتيك الهندي القاسي وبرغم مرور السنوات الكثيرة إلا انه باق يروي لنا حكايته .
بيت العجيب هو حالياً متحف وطني يقصّ للزائرين قصته مع ذلك الزمن وتفاصيل لا يسعنا سردها ولكن يستحق الزيارة لما فيه من آثار ومعلومات ومواد تعليمية وتثقيفية تخص الجزيرة وحكامها.
ونحن نَنهي جولتَنا ببنايةِ الحصنِ القديمةِ التي يعود تاريخها إلى مابين عامي (1698 – 1701
وننتهي من منطقة مدينة الحجارة وقصر بيت العجيب إلى الميناء الرئيس لزنجبار حيث البواخر التي تأخذ المسافرين لدار السلام يومياً على فترتين بمبلغ 30 دولار للدرجة الأولى و20 للثانية .
وسنزور في جولتنا التالية حول المنطقة حمّاماتَ (كديش) الفارسية التصميم والتي بُنِيتْ مِن قِبل السلطان الأول لزنجبارالسّلطان سعيدَ أبن سعيد في عام 1850 وخرابِ قصرِ المرحبي والذي أعيد بنائه مِن قِبل السلطان الثالث لزنجبار وهو السّلطان سعيدَ برغش بن سعيد في عام1880 والذي بُنِى خصوصاً لإسكان العائلة الحاكمة وحرمه الخاصين .وللأسف فلم أكن احمل الكاميرا لالتقاط الصور ، وأكملنا المسير في طرق الجزيرة ونحن نخرج من منطقة مدينة الحجارة إلى الشمال منها ورؤية البيوت العربية الطراز بشرفاتها الخشبية (المشربيات أو الشناشيل) وهي صورة من البناء التقليدي لمنطقة عمان والبحرين كما في الصورتين أسفل .
[
اتجهنا شمالاً لمنطقة شاطئ ننجوي (Nungwi) وهو شاطئ شمالي بعيد عن رطوبة الوسط والأتربة من الطرق والإزعاج ، وبالطريق إليه كانت الكاميرا تعمل على إيضاح جانب آخر من الجزيرة ومن أكثرها المساجد الكثيرة ولله الحمد في جنبات الطريق وهي ما نراه في الصورة أسفل وعلى تكرار مريح وجميل لمنظرها وسط الجزيرة .
[
ومازلنا في مسيرنا ونحن نتابع بكاميراتنا مناحي الحياة اليومية للناس
ومن المشاهدات الجسور المبنية على مجاري الجداول المائية منها من الاسمنت والآخر من الحديد من أثار الاستعمار الحربي البريطاني.
وتتكرر المساجد الكثيرة التي تبهج رؤيتها الناظر إليها ويسر بسرور تواجد مرتاديها المسلمون .
وبين المساجد القرى والسواحل التي يستمد منها الأهالي رزقهم مما يعطيهم البحر من خيرات كبيرة ونعم مستديمة بفضل الله ومنته.
وهنا حيث البرنامج الآخر من برامج التجول في الجزيرة والى منطقة الشواطئِالرمليةِالبيضاءِالجميلةِلننجوي (( Nungwi،المكانالأكثرروعةً والهادي من إزعاج المدينة الصاخبة حيث الهواء الشمالي العليل ووسط المقاهي المطلة على الساحل مباشرة والتي تقدم الشراب والمرطبات الباردة بإطلالة رائعة .
ومنها إلى منطقة غير بعيدة بالقارب لإجراء البرنامج الأخير وهو رياضة الغطس السطحي بالسنوركل (نظارة وخرطوم التنفس وزعانف)
المنطقة جميلة جداً وهادئة غاية كل مبتغي للاسترخاء والاستجمام في مكان لا يكدر صفوه تلوث صوتي ولا تلوث هوائي في مكان ولا أجمل منه.
وهانحن في ختام رحلتنا وفي ختام الاستطلاع لهذه الجزيرة الحالمة بكل ما فيها من تراث وحياة وتاريخ وطبيعة خلابة ارتحلنا معكم وبالصور التي تحكي مساراً آخر من أدب الترحال لعلي قد أصبت في بعضها ونقل صورة عن المكان والزمان بقدر من البساطة والأريحية في الأسلوب البسيط السهل وكلي رجاء في ما عندكم من دعوة صادقة بالتوفيق ليتسنى لي الاستمرار في مدكم بما استطيع من صور بديعية ورواية تحليلية لمناطق زرتها أورد إليكم ما تسطره يداي وما تنقله كاميراتي إليكم بما يسمى أدب الرحلات .
وباشراقة صباح يوم جديد يستجد اللقاء ولكن بتوديع المجموعة الاولى واستقبال الأخرى وتكملة البرنامج معهم بالجزيرة وثم الانطلاق الى تنزانيا الأم والى منطقة الشمال (اروشا) وان شاء الله سأقدم لكم موضوعاً يستحق المشاهدة والقراءة وكم من الصور الغريبة والبديعة لمناطق المحميات وارض الماساي .
بعد توديعي للمجموعة الأولى على أساس سفرهم اليوم إلى الديار عائدين بالسلامة موفورين الصحة والغنيمة بكل ما حملته عيونهم وفكرهم حول هذه المنطقة الزاخرة بكل معاني الطيبة والخير والإسلام.
وهنا اركب البحر بزورق بسيط اعبر به من فندقنا إلى رأس مشافي وهو المكان الذي به فندق الأخوة الكويتيون من المجموعة الثانية وهاهي صورة تجمعنا بهم .
ووصولي من البحر عبر الزورق ليكون مدخلي الى الفندق من الساحل ليستقبلني الاخ والحبيب ابو داود سليمان العقيلي وليرحب بي ويعرفني بالمجموعة من ابو مهنا والرندي والقصار والخليفي والعثمان والشراح.
بعد تكرار البرنامج مع اختلاف في بعض النقاط التي ذكرتها في تفصيلي لرحلة زنجبار حان في اليوم التالي رحلتنا الى اروشا ومنطقة كلمنجارو وبمثل ما انطلقنا بداية الرحلة كما هي ألان نمر على جبل كلمنجارو وقمته وإطلالة ترحيب كما ودعناه بالأمس .
والى هنا نكون قد انتهينا من قصة رحلة ورحلة زنجبار تلك الجزيرة التي قضينا في أمتع اللحظات محملين بنا نستطيع من قصص نروي بها لأولادنا ولأحبابنا مشاهداتنا حول المكان والزمان وبكل منّا حقيبة في رأسه زاخرة بكل مارأه وبكل ما شاهده من معاني سامية ومناظر بديعة تتحدث عن قصة رحلة لبلد نحبه ويحبنا عزيز علينا بأهله المسلمين الموحدين وبمساجده وقيمه وتاريخه الكبير .
اللهم أحفظ أهلنا في زنجبار واحمهم من شر الأشرار وأيدهم بنصرك وتمكينك وثبتهم بقولك الثابت لا اله إلا أنت سبحانك .
أخوكم وائل بن عبد العزيز الدغفق
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله الذي اتمم علينا العافية والصحة والسلامة في رحلتنا الطيبة المباركة مع ثلة من خيار الرجال ، رجال الخليج العربي أهل الصعاب والسنايد في مثل هذه الرحلات التي شملت الخوض في خضم قارة أفريقيا وفي كنانتها ارض تنجانيقا وزنجبار التي لها في التاريخ معالم عربية إسلامية وامتداد لأهل الخليج من خلال أهل عمان وإخوانهم من أهل الجزيرة، فكم تكلمت الطرق والأبنية وآثار من أخلاق عربية إسلامية في ما رسمته وجوه المسلمين في تلكم الأرض الطيبة وما يطلق عليها حديثاً (تنزانيا) .
لقد ضمت رحلتي فريقين في تلك الديار فريق سعودي وفريق كويتي على مدى 24 يوماً، فشملنا بزيارتنا أراضي تنجانيقا وجزيرة زنجبار جزيرة البهار ، وجزيرة حكم السلطنة الإسلامية والتي كان يطلق عليها (سلطنة مسقط وزنجبار).
وفي الخريطة التالية أبين وجه تنقلنا بين زنجبار وتنزانيا
رأينا التاريخ وما تبقى رغم الاحتلال الصليبي من مسلمين متمسكين بقيمهم وعاداتهم الأصيلة رغم ما تعرض له المسلمون من اضطهاد وقتل وتشريد بتحريض من المحتل الأوربي الصليبي ،وقد حفظ التاريخ شيئاً من تلك الصور المأساوية المتمثلة في ما التقطته أخبار ايطاليا من صور إعدام عشرون ألف مسلم في وقت واحد في عام 1964 وكيف أمد الانجليز الأفارقة الغير مسلمين بالسلاح وتحريضهم للسلطة الإسلامية في زنجبار وتقتيلهم بأيد افريقية لكي لا يظهرون بالشكل الإجرامي وكأن الأمر ليس بأيديهم!!يقول معلق الفلم الإخباري والموجود نسخة له في موقع اليوتيوب(YOUTUBE) على أحد الروابط التالية :
zanzibar 1964 part 1 مجزرة زنجبار عم 1964 الجزء
http://www.youtube.com/watch?v=40_ih4nNdoc&feature=related
يقول المصور مع تعليقي لما رأيت من الفلم ،انه في يوم أخر وفي يوم 19 يناير 1964م ومن طائرة الهليكوبتر وما رأينا من مجموعات افريقية قادمة بدعاية من قبل المستعمر بأن العرب المتواجدين بالجزيرة مازالوا يمارسون العبودية وتحت ظل هذه الدعاية لضرب التواجد العربي بالمجموعات الأفريقية المجرمة تم حصد الآلاف من العرب بالجزيرة ويظل هذا الفلم الذي نصوره كمصدر وحيد للمجزرة التي تمت مابين 18 و20 يناير من عام 1964م مشاهد من الفلم الوحيد يصور المقابر الجماعية لقتلى بالثياب البيضاء ومقابر كبيرة لآلاف منهم وغيرهم ممن سقطوا في مواقع على أبواب القرى وفي الطرق وتستمر الجريمة بمتابعة الأبرياء والعزّل وهم يتجهون للبحر في غير هدى ، مجرد الخروج من أصوات الرصاص وأمل النجاة من إجرام الأفارقة بتأييد استعماري نصراني وحشي لا يعرف للإنسانية اسم سوى اسمه ، فلم يترك طفلاً ولا امرأة وعجوزاً بل هم في عقلة مجرد أهداف لمطامعه الدنيئة المجردة لأي معنى للإنسانية لكن يظل للإسلام رباً يحميه وللشهداء جنة الخلد ويبقى الإسلام شامخاً ما بقى للأرض هواء وماء، فما للدنيا حياة ما كان فيها إسلام....الله اكبر وأنا في رحلتي التنزانية التي بها رأينا عظمة هذا الدين وكيف انه باقٍ رغم الأعداء ورغم كل حاقد فهو دين الله.نستكمل معكم فرحتنا بما رأينا في جزيرة زنجبار وارض تنجانيقا المسلمتين وما حملناه إليكم من عبير الياسمين وفواح القرنفل والهيل والزنجبيل وحب أهل بلد تلك الديار للمسلمين ، سنجول ونسرد في ثنايا كتيبنا هذا قصة رحلة رحّال الخبر مع رجال الخليج ما رأيناه وما شعرنا به وأحسسنا من فيض نفيض به إليكم لتشاركونا ما لا نستطيع حمله وحدنا ولا احتواء جوانبه لعلكم تساعدوننا في تقاسم هذا الحمل الثقيل.
خارطة جزيرة زنجبار التي تمتد من الشمال للجنوب 120 كلم تقريباً
الحمد لله حمداً طيباً يوازي نعمه فبه سبحانه وبعونه وصلنا وأكملنا رحلتنا الأفريقية مع مجموعتين من خير من عرفت أرجو أن يجمعنا الله بهم وبمن يحبنا ونحبه في مستقر رحمته وتحت ظل عرشه الكريم.كانت تلك الرحلة من خير الرحلات لما اشتملت من أخوة وتحاب وتعاون وهدف مشترك في رحلة مميزة لن أنساها ما حييت، فكم يحيى الإنسان بقيم تظل رغم الزمن باقية تعينه على نوائب الحياة ومن اجلّها الأخوة في الله وهذه ما شعرت به في هذه الرحلة المباركة ، أخوة وحب وتعاون وإيثار ...كم كانت تلكم الأيام جميلة برفقة أحباب لم تجمعني بهم رحلة سابقة ولا معرفة قديمة ولكنه الهدف السامي في معاني الأخوة هي من رفعتنا لمرتبة عالية مرتبة المحبة في الله والمشاركة والتعاون في مؤاخاة فريدة اسأل الله أن يديمها علي وعلى من أحب اللهم أمين.ستكون طريقتي هذه المرة في جمع الرحلتين وربطهما ببعض في المكان وسأفرد لكل مجموعة في ثنايا كلامي ما تميزت به على انفراد وبتداخل مع تدرج المكان المقصود، بمعنى أني سأتكلم عن رحلة زنجبار وتنزانيا مع العلم أنهما في الوقت الحاضر دولة واحدة ولكن ككتلة واحدة سأفصل زنجبار عن ارض تنجانيقا لكي يتعرف قارئي الفاضل على المكان كوحدة مستقلة .وبما أن جزيرة زنجبار الأقرب إلى نفسي لما احتوت من تاريخ وقيم وطبيعة فريدة سأبدأ بها بعون الله تعالى.قبل البداية بداية البداية وبدايتنا تحضيرنا لهذه الرحلة ومن المهم ذكر أخ كريم بمقام الأخ الشقيق فهو من الأصحاب الذين اخذوا مني تجربة الترحال بكل جدية وأجاد في معرفة تفاصيلها فتفنن في العون والمساعدة بل غلب الأستاذ في بعضها وكيف لا وهو الأساس في طرح هذه الرحلة لغير من اعرف ممن ربطتني بهم إخوة لا سلكية إن صح التعبير من خلال الانترنت ، فقد نجح الأخ الحبيب يوسف البدر في إخراجي من طور الرحلات الخاصة لمن تعددت رحلاتي معهم إلى الانفتاح لمشاركة رحلاتي لمجموعة اكبر في إطار الرحلات الجماعية المرتبة والمنظمة ، وقد نجحنا في تنظيم هذه الرحلتين بجهود مميزة من الأخ يوسف حفظه الله وتكللت بالنجاح رغم ما اعترضنا من عوائق بسيطة خارجة عن سيطرتنا فهي تدخل ضمن الفكر الإفريقي لتسيير الرحلات ولكن رغم ذلك فقد تمت عناصر الرحلة كما نحب فلله الحمد والمنة .تم الاتفاق مع الأخ يوسف على الترتيبات قبل الرحلة بثلاثة شهور وتم التنسيق مع شركات الطيران وشركات السياحة في تنزانيا وبعد معرفة جوانب الرحلة وخط السير وتقدير المبلغ تم الإعلان عنها من خلال المنتديات المميزة لمثل هذه الرحلات ذات الأهداف العالية ومن تلكم المنتديات منتدى الرحلات ومنتدى مكشات ومنتدى زاد المسافر ومنتدى السياحة وكذلك تم إرسال الإعلان لبريد الإخوة والمعارف ممن ارتأيت بهم المشاركة ، علماً أن العدد محدود جداً فكان هدفي لكل رحلة عدد 15 شخصاً لا يزيد ،وتم كتابة الأسماء ورغم الخبرة القليلة في إدارة الرحلات الجماعية فقد تمت إدارتها إدارة طيبة وتم التشكيل النهائي للرحلتين بالنحو الآتي:
الرحلة الأولى:كانت هذه الرحلة هي لإخواني من أهل السعودية وهم:- خاـــلد الخنينــــــي- عبد الله العتيبـــــي- عبد العزيز العثمان - راكــــان اليوســف - عمــــار العقيــــــل- حمـــد الابراهيـــم - محســن الحربـــي - يعقـــوب الحسيــن - عبدالله الخليفـــــة - احمــــد العمـــــــر- مجـــدي الــردادي - يوســـف البــــــدر - وأنــــــــــــا معهم.
وهنا صورة جماعية للفرقة الاولى وينقصهم الخنيني والعمر والابراهيم
وخط الرحلة من الدمام إلى مطار كلمنجارو في شمال تنزانيا وقضاء ستة ليالي في الغابات والتخييم في خيام ضمن مناطق المحميات الطبيعية ، ورحلات سفاري لأشهر المواقع التنزانية المحتضنة لحيوانات إفريقيا الشهيرة كالأسود والنمور والفيلة والزراف والكركدن والخرتيت والنعام وجملة من الغزلان وبقر السهول الإفريقية ، وبعدها الطيران من كلمنجارو إلى جزيرة زنجبار وقضاء ليلتين بثلاثة أيام في موقع فريد سنتكلم من خلال هذا السرد على الغريب في طبيعة ومناحي الحياة في هذه الجزيرة إن شاء الله .الرحلة الثانية :وهذه الرحلة الثانية زمنياً بعد الأولى مباشرة حيث أنني بعد توديعي للمجموعة الأولى في زنجبار خرجت لأستقبل المجموعة الأولى من أهلنا أحبابنا الكويتيون أهل الغيرة والنخوة وأهل نشر الخير في مواقع شتى في الأرض المعمورة وعلى رأسهم الداعية الإسلامي الكبير الدكتور السميط حفظه الله للمسلمين عونا ومفتاحاً للخير في القارة السوداء .والفريق الثاني كان بعدد تسعة وهم:– سليمـــان العقيلـي – جاســـم الشــــراح – حمــــد المزعـــــل – عبد السلام الرندي – وليــــــد البـــــدر – أحمـــــد القصــار – محمــــد الخليفـي – فيصـــــل العثمان – وتاسعهم محدثكم
صورة للفريق الثاني من أهلنا أهل الكويت
ورحلتي معهم ابتدأت من جزيرة زنجبار ولمدة يومين والتجول بها وثم الطيران إلى مطار اروشا في شمال تنزانيا لقضاء ستة ليالي في كنف المحميات الطبيعية وسأفصل الكتابة عن الرحلتين بذكر تسلسل واحد لكل منهما يبدأ من زنجبار وينتهي بالطيران من الجزيرة وثم الكتاب الثاني الذي سأتكلم فيه عن منطقة تنزانيا البرية وأبدأ فيه ان شاء الله تعالى بمدينة اروشا التنزانية مدينة السفاري وأنتقل بكم في مناطق الداخل ومابها من مناطق ومحميات طبيعية جعلت من هذا البلد الافريقي وجهةً سياحية لرحلات السفاري العالمية .فالى موضوع كتابنا الحالي والى زنجبار ارض الخير والبهار .زنجبارارض البهار الإفريقي المميز كما أنها ارض السلطنة الإسلامية المترامية الإطراف والممتدة من الخليج العربي إلى سواحل إفريقيا الشرقية وسنذكر إن شاء الله هذه الحقبة بما قرأت وشاهدت من خلال الزيارة الفريدة مع تلكم المجموعتين الفريدتين أسأل الله أن يعينني على الصواب وعلى بسط الأمر على ما يحب قارئي العزيز اللهم آمين.ما أن صدر إعلان الركوب لفريقنا للصعود للطائرة حتى كان الفريق متأهب ومتهيئ لتلك المغامرة والتي ابتدأت بطائرة ذات مراوح تتسع لستين راكباً
التوجه للطائرة من مطار كلمنجارو الى زنجبار
ففتحت الأبواب والمندرجة لسلم الصعود تلقائيا ومن مؤخرة الطائرة كان الدخول وثم بعدها أتت عربات نقل العفش لوضعها بالطائرة ومما لاحظه احد فريقنا أن الطائرة أكتفت بما تلقفته من حقائب واقفل سائق العربة بإرجاع الحقائب المتبقية وصاح بنا صاحبنا أن الحقائب لم تحمّل معنا بل رجعت!ظننا بصاحبنا المزاح وإلا كيف تقلع طائرتنا بلا حقائبنا ؟
المهم لم نعط ذلك الأمر بالاً وأتممنا رحلتنا بالاستمتاع بالطيران ومشاهدة جبل كلمنجارو ذو الخمسة ألاف وثمانمائة متر وأخيه الصغير جبل مونتميري ذو الخمسة ألاف متر، وحين مرورنا عليه كان منظر الجبل وقمته المكتسية بياضاً منظراً يأسر الألباب من روعة وهيبة ذلك الشموخ الإفريقي المتمثل بجبل كلمنجارو.
المنظر لم يكن عادياً البتة وتعبيري سيكون قاصراً عن إيصال ولو جزء يسير من عظمة خلق الله ولكن شيء في النفس وددت بثه وشيء من الامتنان لما أحسست به ، الغيوم جاثية أسفل قمة الجبل في ما لا تستطيع بلوغ قدر ذلك الشموخ فإطلالته العالية التي اخترقتها قمته بكل فخر تعبيراً لكل العالم ولكل من يرى هذا الشموخ، بأنه هنا في أفريقيا مكاناً وموطناً ورمزاً يسمو فوق السحاب وكأنه يقول هنا إفريقيا كما لقمم الهملايا بآسيا ولقمم الألب بأوربا من رمز يفخر أهله به .
أن مجرد رؤية ذلك المنظر كافية لتغذي أعيننا بفيض من المتعة والمعرفة وتعطي للمكان التنوع الغير مألوف عن إفريقيا بلد الغابات والسفاري إلى تنوع تضاريسي مشوق وجميل.
ليس هذا فقط ما أدهشنا ففي الأسطر التالية سنورد لقرائنا الأفاضل كماً من المشاهدات الطبيعية والاجتماعية في بلد غني بالتنوع المتناسق مع تكويناته المختلفة البشرية والبيئية والجغرافية، سنتابع بكل سلاسة رحلتنا ولن نبخل بكل إيضاح بالصور الممتعة لكل جميل .
مازال الحديث مستمراً ونحن ألان في طائرة ذات المراوح ، حيث قدموا لنا مرطبات وشيء من المكسرات للتسلية ،وقد ذكرت لكم ركوبنا من مطار كلمنجارو إلى زنجبار وقد أخذ الوقت إليها ساعة وربع وما أن وصلنا الجزيرة حتى ظهرت لنا أرضها التي غطت في اخضرار كثيف فلا يرى سواها ونخيل جوز الهند وهو يتمايل على الشواطئ البيضاء ذات المياه الفيروزية الشفافة بلون عجيب بين كل الألوان المريحة للناظر فالأزرق الفيروزي والأخضر المتموج بين الفاتح والغامق وبياض الرمال الناصع
كلها في تناغم رباني جميل وهي ترحب بنا في رسمه الألوان البديعة ، وحين اقتربنا من منتصف الجزيرة بدأت مناظر العبث البشري واضحة والمتمثلة بالأبنية المكتظة والمتراصة في تركيب شاذ عن طبيعة الأرض ولكن ليس هنالك بد من ذلك فاستعمار الأرض سنة من سنن الباري وهاهو الإنسان وقد أتى بألواح الشينكو(ألواح التنك الحديدية) وقد غطى بها بيوته في نشاز
يصرف الفكر في ما قد بناه من بديع الجمال حين النظرة الأولى ، وحينها غطت المناطق الخضراء السابقة المناظر الجديدة مناظر البيوت المتراصة لمدينة زنجبار ذات المليون شخص في تراص وتجاور ومازالت الطبيعة تفرض بين تلكم الأبنية نفسها من خلال الأشجار الباسقة والممتلئة حياة وقوة رغم ما يكتنفها من استعمار بشري قاسي .ولحظة الوصول إلى المطار بطائرتنا الخفيفة كما هو شعارها الغزال وهي من الطائرات التي تخدم المنطقة بين دول كينيا وتنزانيا وأوغندا وملاوي والجزر البحرية ومنها زنجبار التي وصلناها .
وصلنا بحمد الله ومنته لمطار زنجبار مع المجموعة الأولى وهم الرحالة من أهل السعودية وحطت الطائرة بكل سهولة على المدرج الصغير وبعد فتح الأبواب نزلنا إلى قاعة الوصول مشياً ومناظر الطائرات الصغيرة ذات الراكبين والأربع والعشر في استعداد لنقل المتنقلين بين جزر المنطقة ما حول زنجبار الأم ،
مطار زنجبار
وفي قاعة الوصول الصغيرة وهي 15 متر في 15 تقريباً ويوجد بها غرفة الأمن وغرفة الجمارك وغرفة التأشيرات الفورية بمبلغ 50 دولار للشخص وكنا نبحث عن مكان استلام الحقائب !!
لم نرى هنالك إي شيء يدل على مكان مخصص لاستلام الحقائب! ولكن في احد جنبات الصالة كان هناك شباكين من خلال فاصل خشبي صنع نجار عليمي وقد رأينا من خلالهما لخارج الصالة وعلى مدرج الطائرات حقائبنا وهي تسحب الينا ، ومن الشباك يمدها العمال الى داخل الصالة بكل عشوائية الى طاولة فعلمنا من احد العاملين أن هذا مكان استلام ، وقد اخذ العمال برفع الحقائب يدوياً حيث تم رفعها بأيديهم ليراها ويستلمها صاحبها بعد أن يستلم بقشيشاً لقاء عمله!المنظر كان غاية في الفوضى وبدائي جداً فلم نعتد لمثل هذا الأمر فوقفنا لتصويره لشدة استغرابنا للحالة البدائية جداً ولكن ليت وقف الأمر على ذلك..فقد عرفنا لاحقاً بان ليس كل الحقائب وصلت معنا فقد تركت نصفها في مطار كلمنجارو ؟كيف ذلك ..ذهبنا نستطلع الأمر لدى غرفة الأمتعة المفقودة وإذ بنا نسمع الجواب وبكل بساطة من قبل الموظف فإذ به يقول لنا ( إن بقية الأمتعة ستأتي في الطائرة القادمة وسنوصلها لفندقكم مباشرة...!!)ومن العجيب إن ذلك الأمر متكرر لديهم وكذلك في كلمنجارو حين وصولنا من مطار نيروبي !!لا تستغرب فأنت في إفريقيا ....المهم جلسنا ننتظر حقائبنا لحين الطائرة التالية الآتية من كلمنجارو والحمد لله كان الأمر كما قال الموظف ووصلت الأمتعة المفقودة ولكن المشكلة فيمن لديه طيران متواصل كيف يستلم حقائبه ويواصل ...الله في عون من لا يعلم عن نظام هذه الدول.بعد إتمامنا استلام الأمتعة صرنا نبحث عن من يستقبلنا من سائقي الفندق ولكن للأسف لم نجده وهاتفنا الفندق الذي اخبرنا بعدم تلقيه أي إشارة لتوصيلنا، اضطرنا لاستئجار سيارتين لإيصالنا للفندق بملغ 45 دولار لكل سيارة حيث المكان بعيداً فهو بالجهة الشرقية من الجزيرة والمطار بالجهة الغربية منها ومابين الجهتين 50 كيلومتر تقريباً
وركبنا بحمد الله وسرنا في طرقات مغسولة بمياه الإمطار بين أبنية ذات طراز هجين بين العربية والغربية والإفريقية فمنها ذات الشبابيك المقوسة والمعروفة في دول الخليج قديماً ومنها بطراز إفريقي بألواح الجندل والمكسوة بالقش وأخرى من الحجر على تصميم غربي ....تمازج متنوع هو ما نراه بالإضافة إلى ملابس الناس ونحن في طريقنا للفندق فمنهم من لبس البنطال واعتمر طاقية أهل عمان ومنهم من لبس الكندرة(الثوب) الامارتيه والعمانية الملونة بعضها ابيض وبعضها ازرق وبني واخضر ...ولكن ما شدنا أكثر رؤية المساجد الكثيرة وسماع الأذان يصدح في جنيات المكان ليعطي لنا شعوراً وحساً بانتمائه لنا وبانتمائنا له بكل وضوح وقوة، الله اكبر الله اكبر ولله الحمد.مشاهدات تشبع الناظرين يمنة ويسرة بين الطرقات الضيقة للجزيرة ونحن نشاهد الحياة اليومية لأهل الجزيرة ، ومن المعروف أن منطقة الخليج العربي تستورد أخشاب الجندل الشهيرة من هنا من جزيرة زنجبار قديماً، وهي الأخشاب القوية المعروفة لرفد السقف في البنايات القديمة وترص بشكل أفقي لمساندة السقف بعد أن يوضع فوقها الباسجيل وثم حصر البواري والمصنوعة من القصب الذي يصنع في أهوار العراق وإيران وفوق ذلك كله يأتي الحجر البحري وثم الطين لإتمام عملية بناء أسقف بيوت أهل الخليج قديماً ، وها نحن نرى تلكم الأخشاب الشهيرة في موطنها الأصلي وبكميات منها ومازالت تستعمل هنا بكل كفاءة ومهارة .
محل لبيع خشب الجندل
والجدير بالذكر حول الجندل هذا الخشب والمكون من جذع أشجار قوية تنبت هنا بجزيرة زنجبار فهو متين ومستقيم وما يميزه أنه ليس كجذوع الأشجار الأخرى التي تكبره بأحجام كبيرة ، فهو صغير القطر مما يسهل عملية البناء والحمل ، وصغر قطره لا يقلل من قوة تحمله فهو أشبه بالحديد من حيث الصلابة والتحمل .وكما لمنطقة الخليج من طرق قديمة للبناء فهنا أيضا فالجندل كما أسلفنا وحجر البحر (قطع مرجانية وكلسية متحجرة) هنا تستخرج من البحر لاستعمالها في بناء البيوت ، كما في الخليج أيضا وتسمى عندنا (قروف) .
وهنا سيارات التحميل وقد عبئت من أحجار البحر للبيع
الطريق كان مشبعاً بكل الحياة الزنجبارية الجميلة فتعرج الطرق وإحاطتها بكل أنواع الأشجار المختلفة من جوز الهند والمنجا وأشجار التوابل المشهورة بها الجزيرة كالقرنفل والهيل والكاكاو والفانيلا والزنجبيل والكركم إلى كم وفير من أشجار أخرى قد أبدت على المكان جمالاً متواصلاً ،والناس فيما بين ذالك وذاك يسعون في الطرقات ، منهم من حمل على رأسه كيس من القمح وأخر حمل حزمة من الحطب وهنالك من ركب الدراجة وقد حمل معه طفله وقفتين من السعف حمل بها زاده وخضار طازجة من الحقول المنتشرة بين الأشجار الكثيفة وقد زرعت بأنواع من الأرز والقمح والنباتات الحقلية طوال العام .وسيارات النقل العام التي جهزت محلياً من سيارة نقل وقد أضيف لها هيكل من الخشب لتحميل الأشخاص ، كون هذه الطريقة ارخص من سيارات الباصات الخاصة والتي تتنقل بين مناطق الجزيرة .
سارة النقل المحملة بالركاب والمصنوعة مقاعدها من الأخشاب
وكنا أثناء سيرنا وقت الظهيرة حيث خروج طلاب المدارس والتي تكحلت أعيننا برؤية ذلك المنظر الرائع لتلكم الفتيات الجميلات وهم بعمر الزهور ومما زاد من جمالهن اختمارهن بالحجاب الأبيض مما زاد من عظمة الاحترام والتوقير لهذا الشعب المسلم الأبي المحافظ على قيمه وعاداته بعد التعرض السابق لقسوة الاستعمار والقتل والتجهيل والتهجير .
منظر الفتيات وهنّ يعبرن الطريق بحجابهن الأبيض
جزيرة زنجبار تقع على جنوب خط الاستواء مما يعطيها جواً من الاستقرار الثابت بحيث يستمر عطاء الأرض متواصلاً بكل فصول السنة، وهذا ما يميزها من ناحية الاخضرار وتنوع الغطاء الخضري المستمر وكذلك احتوائها لأنواع نادرة من النباتات التي تميزت بها الجزيرة عن غيرها ، وبالإضافة لذلك فالجزيرة تتميز بجو معتدل وجميل خاصة في شهري يوليو وأغسطس حيث النسمات العليلة والجو الصحو تقريباً ، مما يجعلها في الدرجة الأولى للمقاصد السياحية لدول كثيرة وهذا ما شاهدناه من تواجد سياحي كثيف وخاصة من دول أوربية .إنها مسيرة حياة وقصة مستمرة هي ما رأيناه في طريقنا للفندق الذي كان لمدة ساعة ولكن بمشاهداتنا وكأنه سنة ننظر يمنة ويسره نتشبع برؤية حياة أولئك المسلمون في عيش جميل وراحة رغم ما تعرضوا له قبل أربعين سنة من قتل واضطهاد فما زال الإسلام باقياً ومازال إخواننا في الخليج وأهل الإسلام في دعم مستمر لهم من خلال ما رأينا من لوح تشير للدعم الحاصل إليهم وعلى رأسهم مؤسسة لجنة مسلمي إفريقيا جزاهم الله عنا وعن المسلمين خيرا.
ها نحن قد وصلنا للضفة الشرقية للجزيرة والى فندقنا الجميل بتصميمه الممزوج بين الطرازين الإفريقي والعماني فكان له قبول في العين والنفس وخاصة المكان الذي بني فيه على إطلالة مباشرة لشاطئ البحر المزدان بأشجار جوز الهند ورماله البيضاء والبحر الفيروزي النقي ولن أكون مخطئاً إن شبهته بعين أجمل فتاة فرموشها الخضراء بأشجار جوز الهند وجفونها البيضاء برمال الشاطئ النقية وبزرقة عينيها المتمثلة بمياه البحر الفيروزية ...إنها والله ساعة تفكر وتدبر لعظمة خلق الله ونحن حينها نقول اللهم الجنة لنا ولإخواننا ولقرائنا ولمن نحبه ويحبنا في لحظة تأمل لهذه المناظر التي تأسر الألباب بجمالها وصفائها وهدوئها .
لن يكفي ما ذكرت ولن تتسع الكتب لبث ما نحس به إليكم ولكن شيء نفيض به إليكم وللصور ابلغ معنى واكبر تأثير.دخلنا المنتجع الهاديء بالاضافة للمسات الانيقة والمستوحاه من البيئة المحلية مضاف اليها الفخامة لخدمة الضيوف .
صور من بهو الفندق
ومن الغباء من مديري الفندق هذه اللوحة التي كتب فيها اسم قاعة وصالة المقهى باسم ما شاء الله ظناً منهم انه اسم يناسب التراث لتصميم الفندق وقد وضحنا للإدارة خطأ الاسم وأنه متعلق بمشيئة الله ويسيء لنا كمسلمين هذه التسمية .
وصورة للغرف المجهزة بكل وسائل الراحة والاناقة
ووردة على السرير تقول لنا حللتم أهلا ونزلتم سهلا
وصورة من خارج الغرفة المنفصلة كلياً عن بقية الغرف مما يعطيها استقلالية وخصوصية كبيوت الجزيرة المطلة على البحر .
وبين الغرف إطلالة مباشرة على المحيط الهندي من خلال أشجار جوز الهند الكثيفة .
وشاطئ المنطقة بالإضافة إلى احتوائه كم من النخيل والرمال البيضاء الجميلة فهو أيضا لا يكتفي بالعطاء المتواصل لكم وفير من التنوع التضاريسي الفريد مما يعطيه نظرة وزهو من خلال تلكم الجروف الصخرية التي تشكلت بفعل الأمواج معطية للشاطئ منظراً خيالياً يشبع الأعين والأحاسيس والمشاعر التي ذهلت بهذا التمازج البيئي الغريب والممتع في تكوينات مستمرة لا تتعب الناظر إليها ولا يملّ لكثرة تنوع تشكيلها ، فيا سبحان الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى وله كل ثناء كما ينبغي لعظيم خلقه وعجيب صنعه ، فتدبر تلكم المناظر الخلاقة يبعث في النفس قيم عالية وتمعن في ملكوت رب الأرباب الذي نرجو جنته وما فيها من نعيم مقيم فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولم يخطر على قلب بشر اللهم الجنة والفردوس الأعلى وكل من يقرأ ويسمع وكل مسلم ومسلمة اللهم آمين .
ومزيداً من التكوينات الصخرية
وصور تنطق بكل الروعة والجمال قد ابخسها بتعبيري فإليكم خلق الله
على شاطئ الفندق في مساء يوم بديع وعلى الرمال البيضاء كانت لنا جولة لاستكشاف المنطقة مع ثلة من أهلها ولزيارة القرى المجاورة، وهاهو الأخ شافعي يتصدرنا لزيارة قريته المطلة على الشاطئ مباشرة.
وصلنا بعد مشي بضع مئات من الأمتار من الفندق ومنه إلى القرية وصادفنا احد الأهالي وهو يعمل على قاربه الخشبي المصنوع من جذع شجرة واحدة بالكامل ومنحوت نحتاً وهذه الطريقة في صنع القوارب المحلية متعارف عليها في شرق أفريقيا ومناطق المحيط الهندي عموماً ، بالإضافة للدعائم الملحقة بالقارب يمين ويسار كما في الصورة وهي تدعم القارب وتسنده بحيث يتلقى الأمواج ويبقى ثابتاً وسط البحر .
ولجنا إلى داخل القرية قرية الأخ شافعي وهو شخص ودود ومتحدث الانجليزية اتخذناه لاحقاً مرشداً لنا في جولة عبر الجزيرة بسعر طيب ، وكرماً منه دعانا لزيارة قريته الوادعة على ضفة البحر بدورها الشعبية المحلية التصميم والتنفيذ بحجارة البحر وخشب الجندل وسعف نخيل جوز الهند وجولة ممتعة تعرفنا على حياة هؤلاء المسلمين المحافظين على تراثهم ودينهم من خلال زيارة مسجدهم والصلاة فيه صلاة المغرب والتعرف على إمام القرية وهو رجل كبير السن وقد لبس الثوب والطاقية العمانية افتخاراً بالأصول الزنجبارية الإسلامية القديمة .بيوت القرية كما أسلفت مبنية من مواد محلية فالجدران من صخر البحر والسقف والأبواب والشبابيك من أخشاب الجزيرة المنوعة وكساء السقف من سعف نخيل جوز الهند المعزز بأغصان تربطه ببعض وترفعه إلى علو كبير لكي يمنع مياه الإمطار من الولوج للبيت فيكون ذلك الميل الكبير سبباً في جريانه الى خارج البيت كما في الصورة .
وبعض الأبنية استخدمت الحجر لبناء الجدران والبعض الأخر كان بطريقة أخرى لتدعيم الجدر بأغصان من الأخشاب وتكسيتها بالجص كما في الصورة أدناه للبيت يسار الصورة
أثناء سيرنا داخل القرية وجدنا المسجد فدخلناه وكانت الصلاة لم تحن بعد للتعرف على حياتهم وأخذ صورة قبل الصلاة ،
وضمن زيارتنا القصيرة كان لابد من حضور دوري القرية ومشاهدة كرة القدم وأطفال القرية في نشاط ولعب وأهداف افريقية جميلة بكرة القدم
وصورة مقربة للطفل وهو يهمّ بضرب الكورة لتكون في مرمى الفريق الخصم وانغماس حتى النشوة في اللعب غير آبه بكاميراتنا ولا بتصويرنا وكل هدفه اللعب لأجل الفوز ، ولكن بإمكانياتهم البسيطة
فالكرة التي يلعب بها هؤلاء الفتية ليست الكرة التي نعرفها إنما هي كرة من قطع بالية من القماش وشيء من مطاط عجلات السيارات القديمة ولفت بطرقة تسمح باللعب بها .
كانت اللعبة مشوقة وحماسية وقد جلسنا نشجع بل إن بعضنا حاول المشاركة في بعض الضربات مما حدا بأبي شاهر جزاه الله خير إضفاء نكهة على الصدقة بان تكون جائزة بدل من الصدقة وتم إعطائها للفرق المشاركة بالبطولة لقرية شافعي أخونا الزنجباري ولكن عند توزيع المال صارت فوضى وتم تدخل الداخلية متمثلة بنساء القرية وذلك بسبب أنهن أمهات الأطفال وهن أولى برعاية جوائز الفوز ولكن كرم الأخ أبو شاهر وضع حداً للنزاع في توزيع عادل للأطفال والأمهات بطريقة جعلت الابتسامة في محياهم جميعاَ ، وقد سار الركب الفائز منتشياً بالفوز وبما كسب من مال في طرقات القرية .
وهنا صورة لفترة توزيع جوائز البطولة للفرق المشاركة
حان ألان وقت صلاة المغرب وصدح المؤذن بالتكبير والنداء فتوجهنا إلى المسجد لأداء صلاة المغرب مع جماعة المصلين في المسجد المتواضع والمرتب والنظيف
وبعد الصلاة أخذنا الأخ شافعي لزيارة أحد البيوت للتعرف عن قرب عن حياتهم والوقوف على احتياجهم فكانت هذه اللقطات.
من داخل البيت الشعبي وفي وقت العشاء ومشاركة منّا لإخواننا المسلمين جلسنا بينهم وبين أطفالهم شاركناهم عشائهم بلقيمات بسيطو من صحن الرز الذي طبخ بطريقة الزنجباريين فقد كان شهياً وبنكهة الدارسين(القرفة) المميزة وبعض الصور وتوزيع الصدقات عليهم تقبلها الله.
ورجعنا مساء إلى فندقنا والى صالة المطعم لتناول وجبة العشاء.
وشيء من الفلكلور الزنجباري على المسبح ووقت العشاء بلبس افريقي يحكي تراث القبائل الأفريقية .
وبعد تناول وجبة دسمة من العشاء أخذنا جولة في منافع الفندق والتمتع بصالاته وتصاميمه الجميلة وصور تتحدث عن نفسها .
بعد قضاء سمرة طيبة وقد نال الإجهاد منّا كل منال توجهنا للغرف لنستعد ليوم حافل مع الاخ شافعي لقضاء يوم كامل في جنبات الجزيرة.
أصبحنا وأصبح الملك لله وهاهي أشعة الشمس المشرقة تطل علينا من بين السحاب ونخيل باسقات تصبّح بيوم بهيج ممتع بعد نومة هانئة ، والكاميرا تتحدث أيضا لتخبرنا عن وقائع ومناظر تحبس بذاكرة الزمن لكي تذكرنا بتلك اللحظات التي لا نتمنى سوى الجنة بديل لها .
وفي لقطة لأحد العصافير التي نسجت بغريزة أمدها بها رب الخلق وقد غزلت بيتها بسعف احد النخيل بطريقة بديعة فسبحان من أعطاها ورزقها.
وتم الانطلاق من الفندق بعد اخذ وجبة الفطور مباشرة في سيارة جمعتنا مع الأخ شافعي عبر طرق الجزيرة الجميلة بكل أنواع الأشجار واخضرار مستمر وبأمان مستمر أيضا متمثل بالشرطة المحلية التي أزعجتنا بكثرة الوقوف فهذه شرطة الأمن وتلك شرطة المرور وغيرها شرطة السياحة .
ولكن المسير في طرقات الجزيرة وجمالها ينسي كل تعب ونصب في انسياب مستمر لخط اخضر يانع يزيل كل همّ ويصفي تلوث المدن في صدورنا
ومازلنا في طرقات مليئة بالحياة لأهل الجزيرة الذين يسيحون في طلب الرزق فيصبحون خماصا ويمسون بطانا.
وأول نشاط نقوم به اليوم هو التوجه لأقصى نقطة في جنوب الجزيرة لقرية غازي مغازي Kizimkazi وركوب احد القوارب المحلية في جولة بحرية نركب الأمواج العاتية لرؤية الدلافين والسباحة معها في مكان نادر أن يتكرر لمثله .
وها نحن المجموعة بعددنا 13 ركبنا هذا القارب مكتظين ومتشوقين لرؤية الدلافين الزنجبارية وهي ترحب بنا بطريقتها
ورويداً رويداً ابتعدنا عن الساحل ونحن نمخر عباب البحر بهذا القارب الخشبي الثقيل والبطيء فأصحاب القارب بسيطي الحال ولم يكن لهم مقدور واستطاعة في شراء محرك قوي فقلة ذات اليد عندهم استطاعت تركيب محرك بقوة 15 حصان فقط والقارب يحتاج اقل شيء إلى 200 حصان ولكن الحمد لله الأمر بسيط ولا يحتاج سرعة فالنزهة هي الهدف.
ومن داخل البحر شاهدنا منظراً غريباً لأحد الصيادين وهو يلبس نظارة بحرية ومعه رمح وإذ به احد الصيادين على الطريقة الزنجبارية يصيد ما يكتبه له الله من صيد بهذه الطريقة البسيطة بحيث يغوص إلى الصخور المرجاني ويرى السمك فيختار منها الكبير ويضربه بالرمح ليصعد الى السطح فيتلقاه مساعدة بقارب خشبي صغير يجمع حصيلة الصيد وبيعها .
وتركنا ذلك الصياد برمحه ونظارته لنمخر تلكم الأمواج العاتية بقاربنا البسيط وسط ارتفاع الموج وهيجان البحر ولي بحراً إنما نحن في محيط كبير وقد بدأ الخوف يسري من انقلاب القارب ، فالأمواج لم تكن بسيطة أبدا والصورة تحكي صولة الأسد ، قاربنا يتهادى على جبال الموج وكأنة قطعة من ورق يلعب بها التيار كما يشتهي .
وهانحن وصلنا بعد تعب ونصب وصعود ونزول بين موجة وأخرى نتهاوى بين الموجة والأخرى وفي ظل رحمة الله التي حمتنا من كل مكروه وصلنا لموقع الدلافين ورأيت الدلافين وهي تلعب بين الغطاسين وقد غطس فريقنا من المجموعة الثانية بين الدلافين وسبح بينها فكانت لحظات ممتعة وفريدة .
وقفلنا راجعين بعد قضاء وقت جميل مشوب بالخطر من شدة الموج وارتفاع القارب ونزوله إلى الساحل مرة أخرى نحمد الله على سلامتنا وقد أعد! لنا وجبة الغذاء وهي من ضمن البرنامج المكمل للزيارة الدلافين ووجبة من السمك والبطاطس وطبق الرز اللذيذ .
انطلقنا للبرنامج الثاني وهو زيارة مدينة الصخور (Stone City) الأثرية والأقدم في الجزيرة حيث مقر الحكم سابقاً والسوق القديم والحالي للسمك والخضار والبهارات كما يوجد فيها بعض الأبنية المتعلقة بتاريخ الجزيرة.
ويتراءى لنا من خلال مسيرنا بعض الأبنية القديمة التي تحكي قصة المنطقة وتاريخها الموغل بالقدم
ومن التاريخ الذي يحكي شيئاً من ماضي المكان هو سوق العبيد والذي كان كما هو في مناطق من أفريقيا فهو هنا أيضا وقد بدأ فيه أصلا البرتغاليين المستعمرين وتم توارث الصنعة بالحكام العرب الذين استمروا باستجلاب العبيد من وسط أفريقيا وتجهيزهم هنا لترحيلهم عبر البواخر إلى مناطق الجزيرة العربية والشام ومصر.
واللوحة في الصورة تشير إلى مكان سوق العبيد المزارعين .
وأول ما رأينا الكنيسةالأنجليكانية التي بنيت عام (1873) وقد بنيتعلىموقعِسوقِالعبيدِ وبجانبها دارالتشريع (الشورى)،ونحننَعْبرُمتحفَزنجبار وهو مبنى مبي منذ عام 1925معلىطريقِنا،نَعْبرُ،المحكمةالعاليةلزنجبار، ,وهناالمندوبيةالساميّةالبريطانيةالأولى.
كان معنا أحد المرشدين ليتجول بنا في مناحي المنطقة القديمة وابتدأنا في السوق المركزي للسمك والخضار والبهارات فكانت هذه الجولة تصطحبنا الكاميرا بالصور المعبرة عن حال المكان .
ومن خلال الزيارة تطل علينا بنايات المنطقة التي تعبر عن طراز وانتماء المكان لحقبة من الزمن كانت تتبع حينها الحكم العماني .
وإطلالة المآذن بين طرقات المدينة القديمة تشرح الصدر وتفرح القلب وتسر الناظرين إليها.
وليس اكبر من منظر يشرح الصدور كمنظر احد مدارس تحفيظ القران بوسط المدينة القديمة وفي احد قاعات الدراسة لمدرسة ملحقة بالمسجد وصورة جميلة ومفعمة بالحياة لهؤلاء الأطفال من صبيان ولباسهم العماني الأصيل وفتيات قد اعتمرن الحجاب بكل عفوية وانتماء لما يؤمنون به من إسلام وإيمان اسأل الله لهم الثبات والأجر والمثوبة لهم ولوالديهم ولمعلميهم ولمن أعانهم على ذلك .
وصورة جميلة لأحد الصفوف الملحقة بالجامع وقد اكتظت بالدارسين لكتاب الله.
ونتابع تحركنا لمنطقة التاريخ والحديث هنا حول أصالة المكان وتاريخ يتحدث به كل شيء فالأبواب الخشبية المنحوتة بطراز عربي متقن تحكي هي أيضا صورة زمن مضى بكل ما يحمله من قيم ومعاني لا تنسى وان دارت الأيام وحل الجديد مكان القديم فيظل الأصل في نفوس الناس وطبائعهم الغنية بكل العادات المتوارثة من أبائهم وأجدادهم .
كل جزء هنا يتحدث فيما يخصه ويعنيه فكما الأبواب فهنا البيوت والشبابيك والسكك والأزقة والحواري كلها تعطينا طابع واحد وقصة واحدة تصيح بها في صوت واحد أيضا وهو صوت أذان المساجد بقولها الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله .
وهاهو بائع الفول السوداني يقطع علينا تأملنا بعربته التي يجرها بيديه وقد حملها بالفول السوداني الأخضر ومازالت رطوبة الثمار يانعة وهو قد صنفها بلف ورق المجلات لتكون مقسمة على حسب طلب الزبائن وقدرتهم على الشراء فمنها بـمائة شلن ومنها بخمس مائة والأخرى بألف .
اشترينا منه ما نتذوق به طعم الفول الطازج ونتسلى به ونحن في استمرار بين توقف هنا وهناك لبعض المحال التجارية التي فتحت للسياح الذي يتجولون في المنطقة وشراء بعض الحاجيات والقطع الأثرية وبعض منتجات المنطقة .
لازلنا نحث الخطى ونحن نستلهم تراثاً ونحفظ بأعيننا صور المكان وعبق التاريخ الزاخر بكل زاوية لمباني تنطق قصصاً وحوادث لأمة سكنت وحكمت وظل تأثيرها رغم الاستعمار ورغم التغريب شامخة تحكي بصمت صولة الأسد.
ولا أدل من تلك الحكايات الصامتة من حكاية المبنى العجيب وهو اسمه المسمى به (بيت العجيب) كما في اللوحة المعلقة في واجهته الرئيسية .
[
وهذا البيت العجيب أو قصر الحكم لأل البوسعيد حكام مسقط وزنجبار في أوائل القرن العشرين وحتى دخول المستعمر بقواته الغازية بجنود الأفارقة الغوغاء وتحكمهم بالجزيرة عام 1964م هو مظهر من مظاهر الحكم والقوة والحضارة التي نقلها البوسعيديون الى هنا فكان صرحاً ومبنى حضارياً لا يشبهه مثيل في أفريقيا الشرقية فكان بلا فخر أول مبنى تصله الكهرباء وفيه مصعد كهربائي ، فهو إذا مبنى العجيب بذلك الزمان حيث لا مثيل له .
وإطلالة من أمام المبنى العجيب على البحر مباشرة
وفخامة القصر تحكي عظمة الحكم آنذاك بكل تفاصيل البناء من فخامة وزخرفة وأبواب عالية من خشب الورد والتيك الهندي القاسي وبرغم مرور السنوات الكثيرة إلا انه باق يروي لنا حكايته .
بيت العجيب هو حالياً متحف وطني يقصّ للزائرين قصته مع ذلك الزمن وتفاصيل لا يسعنا سردها ولكن يستحق الزيارة لما فيه من آثار ومعلومات ومواد تعليمية وتثقيفية تخص الجزيرة وحكامها.
ونحن نَنهي جولتَنا ببنايةِ الحصنِ القديمةِ التي يعود تاريخها إلى مابين عامي (1698 – 1701
وننتهي من منطقة مدينة الحجارة وقصر بيت العجيب إلى الميناء الرئيس لزنجبار حيث البواخر التي تأخذ المسافرين لدار السلام يومياً على فترتين بمبلغ 30 دولار للدرجة الأولى و20 للثانية .
وسنزور في جولتنا التالية حول المنطقة حمّاماتَ (كديش) الفارسية التصميم والتي بُنِيتْ مِن قِبل السلطان الأول لزنجبارالسّلطان سعيدَ أبن سعيد في عام 1850 وخرابِ قصرِ المرحبي والذي أعيد بنائه مِن قِبل السلطان الثالث لزنجبار وهو السّلطان سعيدَ برغش بن سعيد في عام1880 والذي بُنِى خصوصاً لإسكان العائلة الحاكمة وحرمه الخاصين .وللأسف فلم أكن احمل الكاميرا لالتقاط الصور ، وأكملنا المسير في طرق الجزيرة ونحن نخرج من منطقة مدينة الحجارة إلى الشمال منها ورؤية البيوت العربية الطراز بشرفاتها الخشبية (المشربيات أو الشناشيل) وهي صورة من البناء التقليدي لمنطقة عمان والبحرين كما في الصورتين أسفل .
[
اتجهنا شمالاً لمنطقة شاطئ ننجوي (Nungwi) وهو شاطئ شمالي بعيد عن رطوبة الوسط والأتربة من الطرق والإزعاج ، وبالطريق إليه كانت الكاميرا تعمل على إيضاح جانب آخر من الجزيرة ومن أكثرها المساجد الكثيرة ولله الحمد في جنبات الطريق وهي ما نراه في الصورة أسفل وعلى تكرار مريح وجميل لمنظرها وسط الجزيرة .
[
ومازلنا في مسيرنا ونحن نتابع بكاميراتنا مناحي الحياة اليومية للناس
ومن المشاهدات الجسور المبنية على مجاري الجداول المائية منها من الاسمنت والآخر من الحديد من أثار الاستعمار الحربي البريطاني.
وتتكرر المساجد الكثيرة التي تبهج رؤيتها الناظر إليها ويسر بسرور تواجد مرتاديها المسلمون .
وبين المساجد القرى والسواحل التي يستمد منها الأهالي رزقهم مما يعطيهم البحر من خيرات كبيرة ونعم مستديمة بفضل الله ومنته.
وهنا حيث البرنامج الآخر من برامج التجول في الجزيرة والى منطقة الشواطئِالرمليةِالبيضاءِالجميلةِلننجوي (( Nungwi،المكانالأكثرروعةً والهادي من إزعاج المدينة الصاخبة حيث الهواء الشمالي العليل ووسط المقاهي المطلة على الساحل مباشرة والتي تقدم الشراب والمرطبات الباردة بإطلالة رائعة .
ومنها إلى منطقة غير بعيدة بالقارب لإجراء البرنامج الأخير وهو رياضة الغطس السطحي بالسنوركل (نظارة وخرطوم التنفس وزعانف)
المنطقة جميلة جداً وهادئة غاية كل مبتغي للاسترخاء والاستجمام في مكان لا يكدر صفوه تلوث صوتي ولا تلوث هوائي في مكان ولا أجمل منه.
وهانحن في ختام رحلتنا وفي ختام الاستطلاع لهذه الجزيرة الحالمة بكل ما فيها من تراث وحياة وتاريخ وطبيعة خلابة ارتحلنا معكم وبالصور التي تحكي مساراً آخر من أدب الترحال لعلي قد أصبت في بعضها ونقل صورة عن المكان والزمان بقدر من البساطة والأريحية في الأسلوب البسيط السهل وكلي رجاء في ما عندكم من دعوة صادقة بالتوفيق ليتسنى لي الاستمرار في مدكم بما استطيع من صور بديعية ورواية تحليلية لمناطق زرتها أورد إليكم ما تسطره يداي وما تنقله كاميراتي إليكم بما يسمى أدب الرحلات .
وباشراقة صباح يوم جديد يستجد اللقاء ولكن بتوديع المجموعة الاولى واستقبال الأخرى وتكملة البرنامج معهم بالجزيرة وثم الانطلاق الى تنزانيا الأم والى منطقة الشمال (اروشا) وان شاء الله سأقدم لكم موضوعاً يستحق المشاهدة والقراءة وكم من الصور الغريبة والبديعة لمناطق المحميات وارض الماساي .
بعد توديعي للمجموعة الأولى على أساس سفرهم اليوم إلى الديار عائدين بالسلامة موفورين الصحة والغنيمة بكل ما حملته عيونهم وفكرهم حول هذه المنطقة الزاخرة بكل معاني الطيبة والخير والإسلام.
وهنا اركب البحر بزورق بسيط اعبر به من فندقنا إلى رأس مشافي وهو المكان الذي به فندق الأخوة الكويتيون من المجموعة الثانية وهاهي صورة تجمعنا بهم .
ووصولي من البحر عبر الزورق ليكون مدخلي الى الفندق من الساحل ليستقبلني الاخ والحبيب ابو داود سليمان العقيلي وليرحب بي ويعرفني بالمجموعة من ابو مهنا والرندي والقصار والخليفي والعثمان والشراح.
بعد تكرار البرنامج مع اختلاف في بعض النقاط التي ذكرتها في تفصيلي لرحلة زنجبار حان في اليوم التالي رحلتنا الى اروشا ومنطقة كلمنجارو وبمثل ما انطلقنا بداية الرحلة كما هي ألان نمر على جبل كلمنجارو وقمته وإطلالة ترحيب كما ودعناه بالأمس .
والى هنا نكون قد انتهينا من قصة رحلة ورحلة زنجبار تلك الجزيرة التي قضينا في أمتع اللحظات محملين بنا نستطيع من قصص نروي بها لأولادنا ولأحبابنا مشاهداتنا حول المكان والزمان وبكل منّا حقيبة في رأسه زاخرة بكل مارأه وبكل ما شاهده من معاني سامية ومناظر بديعة تتحدث عن قصة رحلة لبلد نحبه ويحبنا عزيز علينا بأهله المسلمين الموحدين وبمساجده وقيمه وتاريخه الكبير .
اللهم أحفظ أهلنا في زنجبار واحمهم من شر الأشرار وأيدهم بنصرك وتمكينك وثبتهم بقولك الثابت لا اله إلا أنت سبحانك .
أخوكم وائل بن عبد العزيز الدغفق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق