في يوم صيفي جميل كنا في صدد اعداد خطه للسفر الى أحد المناطق المميزة وبعد إجتماعنا مع الشباب لترتيب التنقل والسفر الى دوله من دول الاتحاد السوفيتي السابق والتي تحاك حولها الاساطير الجميلة من جمال المنطقه بجبالها وشعبها المسلم الذي يعيش في تلك الجبال الوعره شمال افغانستان وجنوب قرقيزيا وشرق اوزبكستان ووادي فرغانة وغرب الصين ومنطقة الايغور المسلمة التي عاصمتها كاشغر .
جلينا نخطط ونرتب لها للوصول اليها فكان لابد من اخذ الفيزا اولا من الرياض وكان ذلك بسهوله في ذلك الوقت ثم اشترينا هذاكر لدبي فقط فلم تكن هناك طيران مباشر ولا مكاتب لشراء التذاكر الا من دبي وعبر مكتب وسيط تم الاتصال به عبر الجوال وعلى أن نسلمه المال نقدا ويسلمنا التذاكر في أحد أماكن دبي .
وصلنا الى دبي وبعد الاتصال باحد مندوبي شركات النقل الجوي لطيران طاجيك اير في دبي اخذنا التذاكر وسلمنا المبلغ, ومنها للمطار مباشرة فركبنا الطائرة القديمة المتهالكة وكانت إشارة سلبية للرحلة لكننا لم نعر لها اهتماما وخلال اربع ساعات وصلنا لمطار دوشانبه العاصمة كان الوصول عاديا, الا انه حين الوصول استغربنا من الحشد العسكري في المطار من طائرات حربيه متنوعه وكاننا في ثكنه عسكريه , جاءنا (لوري) شاحنه عسكريه و كانت مهمتها اخذ العفش واسقاطه وكأنه قمامة في حوض الشاحنة وكنا نشاهده من نافذة الطائرة , نزلنا جميعا وكان مشي على الاقدام حتى وصلنا الى مبنى مغلق اضطررنا الى الوقوف خارجا من بسبب ان موظفي المطار كان يتعاملون مع كل طائره لحالها وبتم اغلاق القاعة لركاب الطائرة قبلنا ثم ياتي دورنا وجلسنا نحو ساعه او ساعه ونصف وقيل ان موظفي المطار لم يبدأو عملهم بعد .
وكنا نحن الركاب الخمسه الغريبين في الجمع ذاك وهناك شخص ملامحه جيده وملتحي دفعه الفضول ليسأل أحد أعضاء المجموعة في كنه سبب زيارتنا وكأنه يريد المساعدة كونه يتحدث العربية وكان بداية يستغرب اشكالنا و كوننا عرب في هذا المكان وتوجه ليتحدث مع احد الاعضاء في وجهتنا وسبب زيارتنا لهذا البلد الذي لا يحوي حسب منطوقه الى مقومات سياحيه مع وجود مشاكل لم نعلم عنها .
فقال من انتم و ما سبب زيارتكم فذكر له الاخ اننا سنذهب في رحله صيد لاحد الجبال في مناطق الشرق لحبال بيمان وهي مذكورة لنا بالخير , هنا توقف وتعجب مع استغراب واضح في معالم وجهة , وكرر قوله : هل انتم متاكدين من ذلك !!
وهل تعرفون هذا الجبل والاخبار الأخيرة حوله!!
قال صديقنا: لا ابدا هو كذلك وصف لنا وان به صيد من الوعول والغزلان وما الى ذلك.
فكرر سؤاله بقوله: الم تسمعون الاخبار فذكرنا له لم نسمع شيئا…
فقد كنّا وقتها في المطارات ولم نسمع عن أي خبر حول طاجيكستان عموما , حينها علمنا حدوث مواجهه بين المجاهدين الطاجيك والعرب ومقتل 150 جندي طاجيكي و هناك ايضا زياره رئيس روسيا بوتن لعاصمة طاجكستان دوشانبة وحدوث انفجار في احد الفنادق في محيط منطقة سكناه…
فاستغرب وجودنا وكانه يقول انتبهوا فانتم تحت الانظار لان هناك حادثتان من الحوادث الكبيرة التي اشغلت الشارع العام وكوننا عربا فستتجه الأنظار لنا أكثر .
وحينها كنت مشغول في تجهيز الفيز للجوازات حتى ادخل الى البلد ولم تكن هناك أي مشاكل حين دخولنا للمطار ومعنا عفشنا وعزبة الطبخ الكبيرة .
خرجنا من صالة المطار و كان في استقبالنا احد الاخوه من اهل طاجكستان وكان موصى من قبل احد الاخوه المترجمين الذين سبق لي التعامل معه واسمه عمر فاستقبلنا الرجل الذي واضح من لبسه انه من رجال الاعمال وكان في غاية اللطف والاحترام وادخلنا عفشنا في سيارته نوع فورشنر تويوتا لنتجه نحو جهة من المدينه الى أن وصلنا الى منطقه ذات شقق نريد استاجارها كوننا نريد الطبخ ولا نريد الفنادق وقد أحضرنا عزبه الطبخ, وكان الوقت عصرا فخرجنا لنبحث عن مطعم لنتناول الطعام فلاوقت للطبخ الان .
وبعد خروجنا الى الشارع العام وجدنا مطعم يقال له (شاي خانه) (جايخانه) وهو محل ضخم كبير مزخرف زخارف جميله اسلاميه بديعة مع أعمدة ضخمة وهو ذو دورين وعدة قاعات وكأنه صالة للأفراح وهكذا كانت مطاعم دول الاتحاد السوفيتي السابق بشكل كبير وضخم وتتسع لآلاف من الناس .
ويقدم فيها الطعام الطاجيكي بانواعه وطبعا هناك الاستغراب من قبل الاخوة لأنواع الطعام الدسم فأغلبه يحوي الشحم والسمن بشكل كبير جدا .
وهذه المكونات تجعل منه طبخا لذيذا لإحتواءه على الكثير من اللحم والدسم , أخذنا طلبنا وكانت وجبة دسمة للغاية فاخذنا ابريق لشرب الشاي الاخضر فهو اكثر انتشارا من الاسود وخفيف جدا فعندهم يشرب كئنه ماء ويقدم عند اي وجبة وكأنه ابريق ماء لكنه خفيفيا وليس ثقيلا.
ومن هناك خرجنا باتجاه الشقه مره اخرى , ونزلت لاحد الاسواق المغلقة وكانت اسواق شعبيه تباع فيها الخضار والدجاج والبيض واللحوم مع وجود قسم لبيع الخبز بانواعه وكان اغلب الباعه في هذا السوق من النساء اشترينا ما أردناه ورجعنا الى الشقه مره اخرى بانتظار المترجم عمر ان ياتي حيث وصل عصرا واول ما وصل عصرا قال حاولو أن لاتجمعون بشكل جناعي كلنا نحن الخمسة بسبب الاوضاع التي سمعها في طاجيكستان وهو يعرف النظام هنا وبعد الانفجارات وكان يخاف علينا من النظام أن يشك فينا.
بعد تمشية بسيطة توجهنا الى الشقه وكان منامنا فيها بانتظار يوم الغد الجمعه لنصلي الجمعه وثم ننطلق الى بعض الاماكن القريبه.
خرجنا صباح اليوم التالي يوم الى احد المساجد وكان المسجد ذو طابقين وقد أمتلأ بالمصلين ,صلينا صلاة الجمعة ونظرات كل من حولنا علينا فالكل يستغرب وجودنا باشكال العربيه في هذا المكان وكان امرا اعتياديا خرجنا من المسجد وخرج كل شخص باتجاه السياره مع وجود شخصين من مجموعتنا وكانوا كثيرين الالتفات وكانهم يقولون ها نحن هنا , وكما ئي العادة في هذهرالدول كثافة وجود المباحث والمخبرين فكانو يشاهدون الخارج والداخل وفي تلك اللحظه مرّ هؤلاء الاثنان من أمامهم فطبيعي جدا أن يتم استجوابهم ويسالونهم وبسبب عدم وجود وسيله للتفاهم اظطرو لأخذهم بسياره من سيارات الشرطه للتحقيق معهم في المركز.
عندها وصلت اليهم وتم النقاش حول سبب وجودنا في هذا المكان بعد طلب الجوازات واماكن اقامتنا, طبعا المحادثه لم تكن واضحه مما اضطرنا للذهاب الى قسم الشرطه لوجود ضابط يتحدث اللغه الانجليزيه والحمدلله كان معنا المرافق صاحب عمر وبلغهم باننا مجيئنا ليس الا لغرض السياحة والفيزا كانت رسميه من الرياض وسبب زيارتنا سياحي مع امكانية اقامة علاقات تجاريه في هذا البلد , وبعد جلوس ساعه او ساعه ونص في هذا القسم من الشرطه خرجنا مع كمية من الاحباط من هذه الاستقبال السيء في هذا البلد…
ولإزالة كمية السلبية التي جمعناها اردنا ان نرفه عن انفسنا قليلا فذهبنا لمنطقة مطله على نهر مميز وسط البلد وايضا تمشينا في مناطق ترفيه بدائيه الى حد ما و انتقلنا منها مساء الى الشقه للراحة كون يوم الغد سيكون يوما حافلا في زيارات خارجيه.
خرجنا من الغد الى منطقه الجنوب الى شار توز ذات الاحدى عشر عينا ويعتقد فيها اعتقاد الشفاء وغيرها , والمرافق الذي معنا وهو عمر اراد زيارة مناطق لأهله وقد سبق لنا إخباره بأالا تكون في مناطق حساسة بعدا عن المشاكل لكنه للأسف لم يفقه ذلك الخطر , فذهب بنا لزيارة احد اقاربه وكان لديهم حفل زواج ولم يكن يعلم او يعرف المرشد عمر خطوره وجودنا في مناطق حساسة كمناطق حدوديه وخطيره فكانت طريقنا المختصرة حسب رأيه والوصول الى منطقه اقاربه تمر بمنطقة حدوديه ذات طريق ترابي والخطير فيها انها موازية لحدود افغانستان المتوترة وذات الكثافة الأمنية فيها وتخطينا مراكز حدوديه وكثيرا ما يسالون ويفتشون عن الاشخاص والمهرببن ومن النقطه الاولى للنقطه الثانيه ليتم توجيهنا الى النقطه الثالثه ومنها لنتبع سياره عسكرية التي اخذتنا لمركز شرطه رئيسي بالمنطقه وتم انزالنا مع اخذ جوالاتنا وحجزنا بغرفة وكأننا في طريق القبض علينا…
ثم اخذنا جميعا لمكتب مدير القسم وكان عسكري رفيع المستوى وهناك كانت المواجهات معه وليقابلنا شخصيا وبسبب عدم رضا ترجمة المرشد خوفا من ان يقلب الكلام فطلبت منه بحزم ترجمة ما سأقوله ويترجمها حرفيا للضابط…
وحذرت عمر من أن يقول شيئا لم أقوله…
ثم تحدثت وعمر يترجم بعد أن ظن الضابط أننا شبهة لمجاهدين وارهابيين اتينا للتخريب فذكرت له وعرّفت الضابط بنا وذكرت له أننا في ضيافه طاجكستان بعد أخذ فيزا رسميه من قبل سفيركم في الرياض وهو قد رحب بوجودنا الى طاجيكستان وعلى هذا الاساس جئنا فنحن لسنا من ما تظنونه سواء من المجاهدين او غير ذلك فنحن نخب من أهل المملكة ومواطنون نعيش بسلام وآمن ونريد أن نتعايش في بلدكم بنفس نواينا تلك كوني انا مدير مدرسه ومعي من المشرفين التربويين والمعلمين وبعض التجار فلسنا من اهل الجهاد او اهل الفوضى والارهاب وكنت أتحدث بقوه وصرامه وجدية بسبب أنه إن لم يحمل هذا ابضابط فكرة حسنة فسيكون مآلنا لاسمح الله الى مزيد من الاجراءات التي ستتسبب في قطع رحلتنا ان لم نتهم في نية مجيئنا لهذا البلد…
وحقيقة كنا متوجهين الى نقطه لا رجعه فيها اما ان نذهب ونتوكل في طريقنا السمح للتجول والسياحة واما أن يتم القبض علينا وتوجيه التهم الغير صحيحة لنا…
والحمدلله حين رأى الضابط حقيقة وجهتنا ومنطوقنا مع تأكيد زميل المرشد عمر الطاجيكي وبعد ادراجه اسم المكان الذي سننوي المبيت فيه وهو بيت أحد القضاه في مدينة كولاب التي امامنا فقد اقتنع الضابط بمجريات التحقيق والحمدلله وخرجنا سالمين بعد أخذ جوالاتنا متوجهين الى منزل احد القضاه فعلا للمبيت فيه , وكان تصرفا حكيماً من قبل زميل عمر الطاجيكي حيث اراد ان يبرهن للحكومه انا باستضافه وجهاء البلد من قضاه وعسكريين في البلد , وتوجهنا فعلا لمنزل القاضي وابنه طيار حربي فاصبحنا اكثر امانا في وجودنا في هذا امكان…
وبعد الافطار عندهم وكان زميل المزشد عمر قد ابلغ القاضي اننا في رحلة البحث عن عمل متبادل بيننا وبينهم وهو ماكان من القاضي ان يسعد بالترف ڤلينا محاولة منه لتيسير امور رحلتنا اكثر ولنسعد بجولتنا بعد اعطائنا بعض التحذيرات حول البلد عموما.
ودعناهم بعد كرمهم الجميل ومررنا بأقارب عمر والذين كانو اقل قدرة من بيت ذلك القاضي لكنهم أكثر كرما وبوضوح في استقبالنا وبشاشتهم وجميل لقياهم
.
لم نمكث كثيرا حتى توجهنا للعاصمة دوشانبة وبسبب الأوضاع المتأزمة فقد كانت نقاط التفتيش كثيرة وكل نقطة نمسك على قلوبنا حتى نتجاوزها عدا تلك القريبة من العاصمة فقد جمع جوازاتنا احد الضباط وكانت نظراته لنا وللجوازات وكأنه ظفرا بالكنز وكان فرحا من تقاسيم وجهه بذلك…
ثم بدأ زميل عمر الطاجيكي باتصالاته ليبرهن أننا ضيوف مقبولين للدولة وبعد أن اخذ جوازاتنا السعوديه وكانه ظفر بكنز يترقى على اساسه كونه وجد ارهابيين!!
والحمدلله أن ساق لنا اخينا الطاجيكي زميل عمر والجيد جزاه الله خير فقد نفعنا بعد ان اتصالات حتى خرجنا من هذه المشكله الي شقتنا والحمد لله .
وصلنا اذا شقتنا وتفاجأنا بأن هناك تفتيش وتحقيق يومي في الشقه وكان ياتي شخصين من المباحث يريدون ان يتاكدو اننا ما زلنا في الشقه بعد أن يتناولو القهوة والتمر يوميا.
ورغم المشقه التي حصلت لنا ورغم المشاكل التي تواصلت الا اننا كنا نتحرك وبأريحية لنتجول ونتعرف على هذا البلد رغم الخلفيه والمتابعه لصيقه والمباحث الذين يتابعوننا في كل صغيره وكبيره خوفا من ان نكون مجاهدينا أو لنا اتصالات خفية وغير ذلك…
ولاشك أن هناك تقرير جميل قد سبق لي أن كتبته عن هذه الدوله وبوجه ايجابي غير هذا الوجه السلبي…
فقد جعلت كل السلبيات السيئة هنا مع كل الايجابيات بالتقوير الآخر وعنوانه ( طاجكستان بعيون رحال الخبر) ولك أخي القارئ أن تقرر وتجمع بين الاثنين كيف كانت جولتنا الجميله والممتعه والتي حمانا الله عز وجل من ان نقع فريسه في ظروف سياسيه سيئة ونتجاوزها ونتمتع رغم الالم الذي مر بنا في رحلتنا الى طاجكسان في 2009 معكم أخوكم
#الرحال_وائل_الدغفق
#رحال_الخبر1441هـ
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق