الأربعاء، 6 مارس 2019

العلا غابة الصخور ومهد الحضارات-رحال الخبر1440هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات

رحلة لأرض الأساطير
✍🏼: يكتبها الرحال وائل الدغفق-رحال الخبر.

العلا غابة الصخور ومهد الحضارات

بسم الله
في يوم من أيام الشتاء البديعة وحين أذن الله لنا بالسير لإحدى أجمل مناطق بلادي الحبيبة العلا، كانت إنطلاقتنا اليها في بداية موسم اشتهرت العلا فيه بإسم *الطنطورة* الواقع جنوب مسحد العظام بالبلد القديم .
وهي مزولة تشير لدخول المربعانية للعلا…
فحينما يتعامد ظل الشمس على ذلك النصب الطيني، وعبر أشعة صباح يوم (22ديسمبر) 2018م الموافق للأول من برج الجدي يكون ايذانا بدخول المربعانية ويتكرر كل عام بنفس اليوم …

وكانت جولتنا قد بدأت من الخبر لنصل للعلا ولتتناغم مع مهرجان سمي بأسم تلك المزولة الشمسية التي سميت الطنطورة
ولعل أصلها أتى من جذر طنطر
وينطر ومنطور من الناطر وهو حارس البستان  لعلاقتها بتوزيع المياه والزراعة..
فقلبت الكلمة من ينطر ومنطر الى طنطر فطنطورة..
هذا أقرب معانيها والله أعلم.

تصور مواقع المعالم الرئيسية بالعلا القديمة…

(قلعة موسى بن نصير)
(البلدة القديمة وبها مسجد العظام والطنطورة)
(عين تدعل)
(وادي العلا)

هنا 👆🏼
الطنطورة ولوحة لايضاح مافيها من استعمالات وصورتي وهي خلفي ذات البناء الطيني على شكل هرم وتقع جنوب مسجد العظام أكبر مساجد العلا القديمة

وبدأت جولتنا البديعة والممتعة لأحد أجمل الأطراف في بلادنا الجميلة والغالية.
وتعتبر السياحة بالعلا سياحة تضاريسية بالدرجة الأولى مع مايلازمها من تاريخ عربي متجذر في كل زاوية من زواياها فمن حضارة قوم صالح والثموديين الى اللحيانيين الى الدادانيين إلى الأنباط وأخيرا الدولة الإسلامية…
وفي منطقة ذات زخم لاينتهي ولن ينتهي للكمية الضخمة من تاريخ كبير وتحمله من عبق الماضي السحيق .

العلا البلدة القديمة ومعالمها

زيارتنا لتلك البلدة العتيقة بمبانيها الطينية والتي بقت تحدثنا عن تاريخ مجيد بمكوناتها التاريخية المتمثلة *بمسجد العظام*  الذي خطه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم شاة ليكون هو المسجد الرئيسي للبلدة ، مع العين الذي توضأ فيها *عين تدعل* والمزولة الشمسية الشهيرة *الطنطورة* جنوب المسجد..
والقلعة الشامخة بوسط البلدة *قلعة موسى بن نصير* وقد كان إنشاءها قبل الاسلام بمئات السنين مع البلدة القديمة حولها كلها شيئ يصعب التعبير عنه وحتي بالصور وماتقرأونه وتشاهدونه لايعدو كونه شيئا يسيرا من الروعة والجمال مما سترونه بأعينكم…

صور من قلعة موسى بن نصير وتصوير جماعي للمجموعة من على سطح تلك القلعة

وسنواصل جولتنا لعدة نواحي من وادي الحجر وماتتميز به الأراضي حوله من تنوع تظاريسي متنوع ومثير للمتعة الاستكشافية…
والتنوع التضاريسي البديع فيها، كونها ذات ثلاث مكونات جيلوجية أرض رملية متحولة( رمال متحجرة) مع مايزيدها جمالا بالحقل البركاني المميز والمسمى بحرّة عويرض…
تمازجت بجمال ربّاني مع طقس حوّلها لما نراه اليوم من تكوينات غاية بالجمال والروعة…
وقد مرّ على هذه الأرض طقس متنوع ومنذ ملايين السنين ليجعلها جنة الباحثين عن التكوينات الجيلوجية البديعة.

مطل العلا الفريد
فمن الحرّة التي تقع غرب الوادي التاريخي الى الوادي نفسه ومايحوي من تنوع تاريخي وتضاريسي بديع، الى رمال ذهبية قد شكلت ارضا لينة وتموجات بديعة لتلك المناظر التي لاتملّ.
بدأنا من المطل لنريكم ذلك التنوع والمنظر المهيب لوادي العلا والاثالب بالوسط…
والحجر شمالا مع مايتصل من وادي القِرى جنوبا وجبال مجدر ووادي المعتدل شرقا والمطل غربا ..
تضاريس غاية في الجمال والروعة شمال العلا

لعل أكثر مايشد الرحّالة للعلا هو ماتكتنزه من جمال فريد لاتجده الا هنا يتمثل بالحجارة المتحولة الرملية التي شكلتها الرياح وقد جعلت من بعض الصخور آية للفن والجمال فأقواس وكهوف وتجاويف وموائد صحراوية كالفطر والغراميل وبعضها لها أشكال تتراءى للرائي وكأنها وجوه بشر أو حيوانات أو خيال أوسع من ذلك وزاد من جمالها تلك الرمال الذهبية اسفل منها لتشكل لوحة صورها الخالق عز وجل في أبهى صورة فسبحان من خلق وأبدع.
المداخيل وجمال بشكل آخر
لعل مناطق الجذب السياحي البري في العلا يتنوع لمساحات ضخمة ليصل لمائة كيلومتر شمالا فتنسى مع التشكيلات البديعة نفسك وأنت تقود في غابة تضاريسية لاتنتهي من الجمال ، فهنا في المداخيل قد تكونت مداخل عجيبة في صلب الجبال المتحولة لتشكل تجاويف لاتدخلها الشمس وتعيش أجواء خيالية وكأنك في كوكب آخر فمن شق المداخيل الشهير الى الأقواس كمقرط الدبوس وقوس المكتبة والموائد الصحراوية البديعة لينتهي اليوم ومازلت في جولة لاتمل ولاتنتهي..

غراميل الرولة عماليق المريخ
العجائب بالعلا لاتنتهي وأعجب من العجب تلك المنطقة التي تبعد نحو100 كلم شمال العلا بطريق تبوك ، حيث بركة الحاج الشامي *البريكة*  وقلعتها لسكة القطار الحجازي ومن بعدها شرق الخط المعبد تماما تجد تلك الأعمدة الحجرية بالآلاف لتشكل بوقوفها اشكال مخلوقات من المريخ أو قل من عالم آخر لتتخيلها بكل مالم تراه الا بافلام الخيال العلمي .
غابة من الأعمدة وأشكال لاتنتهي لتسميها بأسماء لاتعد ولاتحصى حسب خيالك الخصب لمثل هذه المنطقة التي ليس لها مثيل…

مقابر الأنباط في وادي الحجر
هنا في وسط وادي الحجر يقع معلم مميز يعتبر الإبن الأصغر للبتراء الأم وهو تبعا للبتراء تاريخيا فالأنباط عاصمتهم البتراء وأمتد تاريخهم وحكمهم الى العلا مرورا بالبدع في مغاير شعيب وقد بقيت مقابرهم وبعض معابد لهم في تلك البقعة بتشكيلاتها وزخارفها الجنائزية على أبواب المقابر من نسور وشموس وادراج واسود وشواهد للقبور كتبت بالخط النبطي تحذر وتلعن من يقترب أو يفسد كرامة الموتى..
طبعا تم تخريبها منذ مئات السنين وتم نبشها وكسر ابوابها فلم تعد إلا جدران وبوابات خاوية.
كما أنه واضح جليا أنها نحتت في الصخر بشكل هندسي فريد يحمل نتيجة للأنباط كونهم أهل حضارة وفن وعلم…
وقريب منها منطقة العذاب التي حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخولها وليست هي تلك المقابر النبطية بل بمنطقة مسورة يجري البحث الميداني للآثار فيها..

وهكذا تمت زيارة العلا البديعة بكل جمالها ورونقها الفريد وهي بتطور مطرد كونها أصبحت هيئة ملكية لتطوير العلا…
ونتوقع لها مزيدا من التطور والجذب السياحي عبر الطبيعة التي تملأ ثناياها وليست بحاجة لمهرجانات غنائية للجذب السياحي بقدر ماهي مخزون طبيعي عظيم لكل جميل…
فالعلا جاذبة بطبيعتها التاريخية والتضاريسية وكفى بها قوة وجمال..

ثم رجعنا لاستراحتنا الرائعة لنستريح وثم ننطلق الى جوانب متعددة لاتنتهي من التكوينات البديعة للعلا ..
فالعلا تحتاج لشهر كاملا حتي تنهي زيارة كل مكان وكل زاوية وكل صخرة فيها فهي بحق ارض الأساطير وارض تستحق كل إهتمام ومازالت فقيرة في التصميم والخدمات وتحتاج نهضة تستحق اسمها ومكانتها..

وهنا في منطقة المداخيل ومن عند قوس طبيعي حجري يسمى مقرط الدبوس وصادفنا هليكوبتر التي تنقل السياح بجولات يومية للمعالم حول العلا ومنها هذا القوس الفريد

وربما كان المرور على العلا وتناول بعض الأطعمة فقد يسر الله لنا زيارة استراحة الاستاذ حامد شويكان وأكرمنا غاية الإكرام في بسط السفرة لأنواع عديدة. من طعامهم الشعبي اللذيذ ..
وقد عرفت بعض من تلك الأطعمة الشهية التي تختص العلا فيها عن غيرها وبأسماء بعضها مقارب لأسماء الأكلات في المناطق المجاورة وبعصها فريد في العلا فقط.. وعملت سرد لاشهر الأكلات لمدينة العلا وربما فاتني شيئا لم أعرفه ولكن هذا جهد المقل فإليكم ماعرفته منها…
1- خبز المسلوب .
2- خبز مجرفة .
3- خبز أبو مي ( أبو ماء ) .
4- خبز طشاش .
5- تويتات .
6- سمبوس .
7- عوام .
8- شربة .
9- مثومة .
10- مصفط .
11- مرقوق ومطازيز .
12- هفيت .
13- خبز ابوبصل
14- الحيسة من السويق( الدخن)
15- الصيادية بالحوت الناشف
16- جريش.

الحيسة تصنع من السويق وهو الدخن وتؤكل مع التمر البرني الذي منشأه العلا

تتميز العلا بتنوع عجيب للمحاصيل الزراعية

فقد ‏تميّزت العلا بأنواع مختلفة ومميزة من الفواكه كالبرتقال والليمون والمنجا وأشجار الزيتون التي زرعت جنبا الى جنب مع النخيل وكلا يؤتى ثمره الطيب.
والخضار بأنواعة العديدة ولعل التمور هي المميزة بالعلا وأشهرها تمر البرني من وسط العلا وهو أصل لنخلة البرني الموجودة بالمدينة المنورة ومنها تم زراعته بالمدينة ، وأيضا حلوة العلا والمجدول الذي جلب من المغرب ونجح نجاح باهر وكذلك العنبرة والعجوة وغيرهم..

هذا مالدي اليوم…
ونصل الآن لنهاية تقرير زيارتي للعلا واعذروني للإطالة مع خالص الشكر للمتابعة..
أخوكم #الرحال_وائل_الدغفق
#رحال_الخبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق