السبت، 21 مايو 2022

مكيفات الهواء [البارجيل الباقدير وملقفات الهواء]قديما قبل الكهرباء وائل الدغفق رحال الخبر..

مكيفات الزمن القديم
✍🏻 اعداد الرحال وائل الدغفق رحال الخبر. 

الصيف أقبل والتكييف ازف وفواتير الكهرباء ستطبع ارقاما دامية تحتاج منا وقفة للإستعداد بمنح منازلنا عزل يقينا لفحات جهنم التي حتما سنمنعها بإستنزاف جيوبنا من خلال تلك الفواتير التي لاترحم… 
فما العمل وكيف عمل اجدادنا للتكيّف قديما بلا كهرباء ولا مكيفات? 
لاشك أن هناك تقنيات قد ابتعد الكثير عنها وربما ألقي عليها نظرة ربما يستفاد منها أو تحوّر لتتوافق مع مانحن فيه بطريقة ما...!
 الباقدير لتلطيف الهواء قديما في الزبير والكويت
الباقدير أسم أعجمي فارسي لما يعرف بـ (ملقف الهواء) وملطفه حيث تأتي أهميته في أيام الصيف الجافة الحارة بمنطقة الخليج العربي. 
ولعل بدايتة أتت كجهاز تهوية طبيعي من بلاد فارس أو بالأصح من عرب فارس .
 وكذلك اصل التسمية (باقدير) هي فارسيه والتي تعني (ملقف الهواء).. 
وتجد الباقدير متواجدا هناك بداية من الأحواز شمالا وحتى بندر عباس جنوبا على طول ساحل بر فارس. 
حيث تجد بلدات فارس الخليجية أغلبها قد توجت أسطحها بالبواقدير وهي منطقة شيبكوه ومدنها العربية مثل لنجة وكوهج وبستك وغيرها العشرات..
ومنها انتقلت الى الامارات العربية والبحرين والشرقية والكويت والزبير. 
ومثال لبعض طرق التهوية في بيوت الزبير الطينيه نجد الشباك والذي يسمى (البنجره) والتي تطل على الطرمه (مثل البلكونة في الحوش وفيها أعمدة وسقف للظل للتبريد) وتقع الطرمة داخل الحوش الزبيري كما أن أسم الطرمة في نجد يستخدم للبناء البارز امام باب البيت الرئيسي ليرى من خلالة طارق الباب. 
ومن الطرق الذكية لتلطيف الجو مع وجود الباقدير وخاصة باشتداد الحرارة في مربعانية الصيف وجفاف الطقس أن يقومون بلف اغصان من نبات العرفج بالخيش ويغرقونه بالماء ثم يحشرونه في الباقدير من جهة السطح ليعمل الهواء بالدخول فيبرد نتيجة التبخير وكأنه مكيف صحراوي… 
وأما في البصرة شرق الزبير  فلهم تقنية أخرى لتبريد المنازل صيفا حيث يستعملون (نبته العاقول الشوكيه ) على شبابيكهم ويسلطون عليه قطرات من الماء من خلال ماسورة بعده ثقوب وإن كانت طريقة حديثة نوعا ما قبل مائة عام وماحولها.
ويسمى الباقدير بالامارات (البراجيل) وقد تقلب كلمة الباقدير وتنطق (البادقير)..
 هذا النوع من الباقدير في جزيرة دارين من النوع الجداري المتقن الصنع بحيث له طبقتين رقيقتين من فرش البحر محمولتين بخشب الجندل الذي يلف بحبل من الخيش ليمسك جيدا بالجص. 
ويرى بالصورة الثانية من الداخل كيف تدخل الانارة دليلا على اعداده للتهوية والتهوية بالجزر وسواحل الخليج تكثر فيها هذا النوع من البواقدير.
أما هذا ☝🏼 النوع من البراجيل في بر فارس فهي كثيرة الاستعمال ولها اربعة أوجه بحيث تتلقف الهواء من أي جهة كانت وهناك ببلدة الزبير مثله لكن بطراز مختلف قليلا لكن مع وجود تقنية تلقف الهواء من أربعة جهات كهذه الصورة 👇🏽
وهنا نوع من البراجيل التي استعملت في بر فارس وساحل الامارات ايضا لكن ليس من فروش البحر بل من السعف واعواد الشجر لضعف حالهم أو للمنازل الشعبية المؤقته أو لقليلي الدخل.

مكيّفات العصر العباسي

تمامًا كما المُكيّفات اليوم، فإن الملاقف أو البراجيل أو الباذهنجات كانت من أهم وأبرز أجهزة التبريد التي عرفها الناس قديمًا وقد جاء في حكايات مدينة حلب التي ذكرها "ابن الغزي" أنه جاءها زمان لم يكن بها دار إلا وبها باذهنج.. وتذكر الدراسات أن الملاقف استخدمت في جميع المستشفيات في العصر العباسي وهو نفس العصر الذي تطوّرت فيه هذه الصناعة بشكل لم يسبق من قبل، حتى أن باحثين مثل حمدية صالح دلي نشرت بحثًا بعنوان:  

"أجهزة التبريد في العصر العباسي ا لبادهنج إنموذجاً "

وقد نقلت فيه أشعار تُبرز مكانة "الباذهنج" عند الشعراء كقول أحدهم:

هجا الشعراء جهلاً باذهنجي 

                      لأن نسيمه أبدًا عليل   

فقال الباذهنج، وقد هجوه

                 إذا صح الهوى دعهم يقولوا

هندسة الباذهنج في قصر كتخدا بمصر 

هندسة الباذهنج الفريدة

ومن الأفكار المميزة التي يذكرها المهندس المتخصص بالعمارة الإسلامية "يحيى وزيري" ، أنه وفي حالة سكون الرياح نهارًا فإن درجة حرارة سطح الملقف المائل ترتفع بسبب تعرضها لأشعة الشمس فتتكون منطقة ضغط منخفض عند فتحة دخول الهواء، مما يؤدي إلى سحب الهواء من داخل المبنى إلى الخارج، ويحل محلّه هواء بارد رطب من الفناء المظلل والمزود غالبًا ببعض النباتات والنوافير المائية، أما في حالة سكون الرياح ليلًا فإن الهواء البارد ينزل عبر الملقف إلى داخل المبنى تحت تأثير كثافته المرتفعة، ويخرج الهواء الساخن في فتحات الشخشيخة العلوية، والشخشيخة هي عنصر جمالي وبيئي مميز يساهم في تلطيف الأجواء، وفي تزويده بإضاءة طبيعية في النهار.


التهوية في بيوت نجد
بالنسبة لمنطقة نجد وسط المملكة العربية السعودية لم يكن الباقدير معروفا لديهم، بسبب عدم أخذهم للتقنية الفارسية وعدم وجود تواصل بين نجد وغيرها كبلاد فارس.  لذلك كان اعتمادهم على تلطيف الهواء صيفا بتقنية ابتدعوها للتهوية وكما يقال الحاجة أم الاختراع، فأحدثو الشبابيك العلوية (الطيق ومفردها الطاقة) في اعلى الغرف أو المثلثات (الزرانيق) والتي تساعد على ازالة الهواء الساخن الذي عادة يرتفع فيزيائيا لخفته عن الهواء البارد وبهذا يكون دوران الهواء ليدخل باردا ويخرج ساخنا في قمم الغرف أو من تبريد البيت الطيني ليلا واحتفاظ الطين بالبرودة حتى المساء لتبدأ دورة أخرى وهكذا. 

ومازالت بعض أبنية نجد تتخذ بناء الزرانيق تلك الفتحات المثلثة مع الشبابيك العلوية لبعض من بيوتها وقصورها القديمة والتي دمرت كثيرا منها  أو أزيلت. 

وأصبحت تلك الشبابيك والفتحات المثلثة شكلا تراثيا عديم الفائدة في البناء الحديث واصبح ديكورا فقط ، نظرا لدخول الكهرباء ومراوح اجهزة الصحراوي التي ألغت كل التقنية التراثية القديمة .

مع تحيات أخوكم الرحال وائل الدغفق رحال الخبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق