الاثنين، 4 أبريل 2022

تاريخ القهوة مشروب العالم - اعداد الرحال وائل الدغفق

تاريخ القهوة مشروب العالم

بسم الله الرحمن الرحيم 

تاريخ القهوة مشروب العالم

 يوليو 2021

اساس كلمة القهوة: 

دخلت كلمة "coffee" اللغة الإنجليزية في عام 1582 عن طريق التسمية الهولندية "koffie" والتي اقترضت من "kahve" التركية العثمانية والتي بدورها اقترضت من الاسم العربي "قهوة".


وهنا بدأت القصة: 

المخطط الفرنسي للموخا (اليمن) في القرن الثامن عشر، تقع الأحياء الصومالية واليهودية والأوروبية خارج القلعة.

كانت تشير الكلمة العربية أصلا إلى نوع من النبيذ الذي اشتق المعجمين العرب أصلها من الفعل قها، "عدم الجوع" في إشارة إلى سمعة الشراب في سد الشهية.

بدوي سوري من قرية خلايا نحل في حلب، سوريا، وهو يحتسي القهوة المرة (التقليدية)، 1930

 وفي بعض الأحيان تعزى كلمة قهوة إلى الكلمة العربية قوى ("القوة، الطاقة") أو إلى كافا مملكة القرون الوسطى في إثيوبيا حيث تم تصدير هذا النبات إلى الجزيرة العربية. وقد كانت هذه المصطلحات موضع خلاف. إلا إنه لا يستخدم اسم قهوة للحب أو النبات (منتجات المنطقة) والتي تعرف في اللغة العربية باسم بُن وفي (لغة) أورومو (بَن) تنطق بالفتح. تملك اللغات السامية جذر قه "اللون الداكن" الذي أصبح تسمية طبيعية للمشروبات. ووفقا لهذا التحليل كان من المرجح أن يتم اختيار شكل قهوة الأنثوي (خمر، "النبيذ")، وكان المقصود في الأصل (بمعنى الغامقة في اللون).

نساء فلسطينيات يطحنن القهوة، 1905 من مطحنة حجر تشبه النقيرة النجدية 


القهوة ومن معانيها الخمرة في العربية

ومن أدلة ما يأتي في معنى (القهوة) وفي معاجم اللغة القديمة بأسم(الخمرة) ، كما يوردها أبو نواس بقوله:

يا خاطبَ القهوةِ الصهباءِ يمهرها
بالرِّطل يأخذ منها مِـلْـئَـه ذهبا
يا قهوةً حرِّمتْ إلا على رجلٍ
أثرى، فأتلف فيها المالَ والنَّـشَـبا

ويقول:

أدرها وخذها قهوة بابلية
لها بين بُصرى والعراق كروم

وما أكثر ما استخدم هذه الكلمة في خمرياته:
"قهوة يحسبها الناظر إن صُبّت شعاعا؟ ...إلخ

ومن الشعر كذلك:

يقول حسين بن أحمد الكاتب:

قوما اسقياني قهوة رومية
من عهد قيصر دنُّها لم يمسسِ
صِرفًا تضيف إذا تسلط حكمها
موت العقول إلى حياة الأنفس

يقول الخالدي:

هتف الصبح بالدجى فاسقنيها
قهوة تترك الحليم سفيها
لستَ تدري لرقّّة وصفاء
هي في كأسها أم الكأس فيها

كما ان اشتقاق لفظ "القهوة" من الإقهاء لأنها تُقهي أي تكرّه عن الطعام، أو تُقعد عنه.
ورد في (لسان العرب) لابن منظور:

"سميت بذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام- أي تذهب شهوته، وفي "التهذيب" أي تشبعه.
تقهي وتقهم بمعنى واحد

لوحة حاملة القهوة  لجون فريدريك لويس عام(1857)التقطت في (الأحياء العثمانية بالقاهرة)

أصل كلمة "القهوة" عربيًا

تُعَدُّ كلمة "القهوة" من الكلمات ذات الجذور العميقة في اللغة العربية، ويُقال إنها مشتقة من الجذر اللغوي "قهى" أو "قهو"، الذي يدل على العيش الهانئ الرغيد أو على الشبع والامتلاء. وقد أُطلِقَت الكلمة لأول مرة في العصر الجاهلي والعصور الإسلامية على الخمر، مما يعكس دلالتها الأصلية المتعلقة بالمتعة والاكتفاء.

بداية شرب قهوة البن

أما عن بداية شرب قهوة البن، فتروى حوله قصص كثيرة، بعضها أقرب للأساطير. وأقرب الأقوال تقول إنها اكتُشِفَت وشُرِبَت في اليمن أو في الحبشة (إثيوبيا) بين القرنين السابع والعاشر الهجريين، أي بين القرنين الثالث عشر والسادس عشر الميلاديين. ومن اليمن، انتقلت قهوة البن إلى الحجاز في رحلات الحج والتجارة مع التجار الحضارم، وانتشرت من الحجاز إلى مصر والشام. وبعد قرن كامل، انتشرت في وسط الجزيرة العربية وشمالها وشرقها، واستقرت على هذا الاسم الذي انتقل إلى اللغات الأخرى، فكلمة "كوفي" الأوروبية يعود أصلها إلى كلمة "قهوة".

اهتمام المستشرقين بالقهوة

وقد أثارت قهوة البن اهتمام المستشرقين، فكتبوا عنها ووثقوها في رحلاتهم إلى جزيرة العرب، وأبدوا إعجابهم بها وبتقاليدها. كانت القهوة موضوعًا للعديد من الكتب والمقالات التي وصف فيها الرحالة والمستشرقون طريقة إعدادها وتقديمها والاحتفاء بها.

انتشار القهوة عالميًا

أول من نشر القهوة للعالم كانوا البرتغاليين حوالي عام 1500م. ثم في عام 1550م، هاجم العثمانيون وطردوا البرتغاليين واستحوذوا على القهوة لتصبح جزءًا من التراث التركي. بفضل التجار العرب السوريين والحضارم، كان للعرب اليد الطولى في التجارة، حيث سوقوها لمصر، وكان أول مقهى في إسطنبول لأثنين من الشام.

القهوة في الجزيرة العربية

في تلك الأثناء، منذ عام 1500م، كان أهل الجزيرة العربية يتناولون القهوة كرمز للضيافة والكرم العربي. كانت هناك تقاليد صارمة في تقديم القهوة، وتعدي البعض على تلك القيم والتقاليد كان يُعتبر أمراً خطيراً.

القهوة في التقاليد السعودية

سرعان ما انضمت القهوة إلى تقاليد الكرم والجود العربي، وهذا ما أشرع الأبواب لها في كل المجالس والبيوت السعودية، في المناسبات الكبيرة والصغيرة، وعلى أعلى المستويات الرسمية والسياسية. كما تغلغلت القهوة في المنازل، فاحتلت مجلسًا أو غرفةً خاصة بها أو ركنًا من غرفة، فيه كل معدات إعدادها وتقديمها، مع ما يتميز به المكان من طابع بصري جمالي لا تخطئه العين.

بهذه الطريقة، أصبحت القهوة رمزًا للضيافة والكرم والعيش الرغيد في الثقافة العربية، واستمرت تتربع على عرش المشروبات في المجتمعات العربية حتى يومنا هذا.

القهوة: وريثة لتقاليد صب الخمرة

تعتبر القهوة في تراث الجزيرة العربية مشروبًا ذا قيمة ثقافية واجتماعية عالية، ولكن ما قد يستغربه البعض هو أن تقاليد شرب القهوة واسمها ذاته يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتقاليد شرب الخمر في العصور القديمة. فمنذ العصور الجاهلية وحتى العصور الإسلامية، كان يُطلق على الخمر اسم "القهوة"، وهو ما يكشف عن الجذور المشتركة لكلا المشروبين في الثقافة العربية.

تقاليد تقديم القهوة لدى عرب الجزيرة

تعود جذور بعض تقاليد تقديم القهوة إلى تلك التقاليد القديمة المرتبطة بشرب الخمر. فعلى سبيل المثال، إذا ملأ المضيف فنجان القهوة للضيف حتى حده، قد يرفض الضيف تناولها، بل وقد يرميها على الأرض، وذلك لأن تقديم القهوة بهذه الكمية يعتبر تجاوزًا للقيم المتعارف عليها. قد يبدو هذا السلوك غير منطقي في ظاهر الأمر، خاصةً إذا ما أخذنا في الاعتبار ندرة القهوة في الماضي، لكن الحقيقية أن هذه العادة مستمدة من تقاليد شرب الخمر، حيث كان يُشرب الخمر بكمية بسيطة بسبب شدته، وكان يُقدم في قاع القدح.

وبنفس الطريقة، أصبحت القهوة تُقدم في قاع الفنجال نسبةً للأصل الذي كانت عليه الخمر. وهذا التقليد لا يتعلق بقلة القهوة، بل بجذورها الثقافية والرمزية العميقة.

أدوات إعداد القهوة والمكانة الاجتماعية

كانت أدوات إعداد القهوة، مثل الدلة والفناجين والمحماس والنجر، تُحفظ في جهة الرجال فقط، ولم يكن للنساء دور في إعدادها أو تقديمها. وليس هذا احتقارًا للمرأة، بل يعود إلى تقاليد قديمة تمنع المرأة من التعامل مع الخمر، وبالتالي ورثت القهوة نفس المعاملة. في المجتمع العربي القديم، كانت المرأة الحرة ترفض التعامل مع أي مشروب قد يؤدي إلى ذهاب عقلها، حرصًا على صون نفسها وحفاظًا على حيائها.

القهوة في مجالس البادية

لم تكن القهوة تُقدم للجميع في مجالس البادية، بل كانت تُخصص للأشخاص ذوي المكانة الاجتماعية العالية، مثل الشجعان والفرسان والكُرماء والحكماء. فعندما تُقدم القهوة لعشرة رجال، قد تُعطى فقط لاثنين في البداية، ثم يتم تجاوز بعض الأشخاص لتُعطى لشخص آخر، وهكذا. وكان يُعاد الدور على الأول فالأول إذا بقي شيء من القهوة.

شعر القهوة في التراث العربي الحديث

تنعكس هذه التقاليد في الشعر العربي، حيث يعبر الشعراء عن مكانة القهوة وأهميتها في المجتمع. يقول الشاعر ذعار بن مشاري بن ربيعان:

مع دلة صفرا على النار مركاه  

أقصر ابصبتها على كيف روحـــي  

فنجالها يشدي خضاب الخونداه  

الجادل اللي عند اهلها طموحـــــي  

يا مكيف الفنجال خصص هل الجاه  

راعي الجمايل قبل قن قموحـــــي  

صبه لمن هو تنثر الــــدم يمنــــاه  

يثي جواده عند راع اللدوحـــــــي  

والثاني للي مــــاتوانا مطــاياه  

يظوي ليا صكت عليه النبوحـــي  

وعده لمن عوص النجايب تنصـاه  

ريفن لهن ليا جا الزمان اللحوحي  

 الخاتمة

القهوة ليست مجرد مشروب، بل هي رمز للكرم والجود والضيافة في الثقافة العربية. ورغم ارتباطها بتقاليد شرب الخمر في العصور القديمة، إلا أنها استطاعت أن تحافظ على مكانتها وتقاليدها الخاصة، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية العربية والتراث الثقافي للمجتمع.

أول ذكر للقهوة

أول ذكر للقهوة لاحظه تاجر القهوة الأدبية فيليب سيلفستر دوفور هو إشارة إلى البانشام في أعمال القرن العاشر م الطبيب الفارسي محمد بن زكريا الرازي، والمعروف باسم رازيس في الغرب، ولكن معلومات أكثر تحديدا عن إعداد المشروبات من الحب المحمص القهوة يعود إلى عدة قرون لاحقة. وكان من أهم الكتاب في وقت مبكر على القهوة عبد القادر الجزري، الذي قام في عام 1587م بتجميع عمل تتبع التاريخ والخلافات القانونية في القهوة بعنوان "عمدة الصفوة في حل القهوة".

 وأفاد أن شيخ جمال الدين الضبحاني (1470 م) مفتي عدن كان أول من اعتمد استخدام القهوة (حوالي 1454م).

«ووجد أن من بين خصائصه أنه كان يبعد التعب والخمول، ويجلب إلى الجسم الحيوية والنشاط.»

   وهنا نقش هولندي لميناء المخا-موكا عام 1692

وصول القهوة لأوربا

قُدمت القهوة لأول مرة إلى أوروبا في جزيرة مالطا في القرن 16، من خلال سجن العبيد المسلمون الأتراك من قبل فرسان القديس يوحنا في عام 1565 سنة الحصار الكبير لمالطا، وكانوا يستخدمون المشروبات التقليدية. ذكر دومينيكو ماجري في عمله فيرتو ديل كافيه، "الأتراك، معظمهم صناع مهرة بالطهو." 

كما كتب الرحال الألماني غوستاف سومرفيلدت في عام 1663 "القدرة والجهد وبعض المال الذي يكسبونه السجناء الأتراك من إعداد القهوة، وكانت القهوة مشهورة شعبيا في المجتمع المالطي وفتحت العديد من المقاهي.

كما لوحظت القهوة أيضا في حلب من قبل عالم النبات الألماني ليونارد روولف، أول أوروبي ذكر ذلك، في عام 1573؛ وتتبع روولف عن كثب وصفا من المسافرين الأوروبيين الآخرين.

وجلبت التجارة النابضة بالحياة بين جمهورية البندقية والمسلمين في شمال أفريقيا ومصر مجموعة كبيرة ومتنوعة من السلع الأفريقية، بما في ذلك القهوة، إلى هذا الميناء الأوروبي الرائد.

كما قدم تجار البندقية القهوة كمشروب للأثرياء في البندقية، شحنها بشدة للمشروبات.

في عام 1591، أصبح عالم النبات في البندقية بروسبيرو ألبيني. أول من نشر وصفا لصنع القهوة في أوروبا. 

وافتتح أول مقهى أوروبي خارج الإمبراطورية العثمانية ومالطا في البندقية في عام 1645.


وهذا منشور يدوي للإعلان عن بيع القهوة كتب عام1652م ونشر في شارع سانت مايكل في لندن


ووفقا لرواية ليونارد روولف عام 1583م ، أصبحت القهوة متاحة في إنجلترا بالقرن 16، وذلك بفضل جهود شركة المشرق.

وافتتح أول مقهى في انكلترا في زقاق سانت مايكل في كورنهيل، لندن. وكان مالك باسكوا روزي خادم دانيال إدوارد تاجر السلع التركية. قام إدوارد بإستيراد القهوة.

كما تم جلب القهوة أيضًا من طرف شركة الهند الشرقية البريطانية وشركة الهند الشرقية الهولندية في القرن السابع عشر.

وتأسست اكسفورد لين كوفي هاوس الانجليزية عام 1654،و لاتزال موجودة حتى يومنا هذا. بحلول عام 1675، كان هناك أكثر من 3000 مقهى في جميع أنحاء العالم. 

كافيه زيمرمان ليبزيغ في لندن 

(نقش يوهان جورج شريبر، 1732)

وصول القهوة لفرنسا واعترافهم بفضل العرب بذلك وصف أنطوان غالان (1646-1715) في ترجمته المذكورة الجمعية الإسلامية بالقهوة والشاي والشوكولاتة: "نحن مدينون لهؤلاء الأطباء العرب العظيمين لإدخال القهوة إلى العالم الحديث من خلال كتاباتهم، وكذلك السكر والشاي، والشوكولاتة ". وأفاد غالان أنه أبلغه السيد دي لا كروا، مترجم الملك لويس الرابع عشر في فرنسا، بأن القهوة جلبها إلى باريس من قبل السيد ثيفينوت، الذي كان قد سافر عبر الشرق. عند عودته في عام 1657.

إناء القهوة (cafetière "campanienne") لعام1836م، من البورسلين من متحف متروبوليتان للفنون

في عام 1669، وصل سليمان أغا سفير السلطان محمد الرابع إلى باريس مع الوفد المرافق له جلب معه كمية كبيرة من حبوب البن. ليس فقط أنها لم تقدم للضيوف الفرنسية والأوروبية مع القهوة للشرب، لكنها تبرعت أيضا بعض البن إلى البلاط الملكي. بين يوليو 1669 و مايو عام 1670، تمكن السفير من إنشاء عرف شرب القهوة بين الباريسيين.

إناء القهوة فرنسي، فرانسوا توماس جيرمان، 1757م، فضي بمقبض خشب الأبنوس،


فاز الهولنديون عام 1616م على الأوروبيين بالحصول على أشجار وحبوب البن القابلة للزراعة. حيث حصل بيتر فان دن بروك التاجر الهولندي على بعض شجيرات القهوة رغم الحراسة المشددة من المخا باليمن ورغم الفارمان العثماني بمنع تصدير الحبوب الا ان تكون مسلوقه لضمان عدم زراعتها .

ففي عام 1616م تم تريبها الى أمستردام وأنتها بالحدائق النباتية، حيث بدأوا في الازدهار.وكان له أثر كبير على تاريخ البن.

وعام 1658م ومن الحبوب التي استخرجها فان دير بروك من موكا قبل أربعين عاما،أنتجت العديد من شجيرات كوفيا أرابيكا الصحية.واستخدمها الهولنديين لأول مرة لبدء زراعة البن في سري لانكا وبعد ذلك في جنوب الهند. وتخلوا عن هذه المزارع للتركيز على مزارعهم الجاوية من أجل تجنب خفض الأسعار عن طريق زيادة العرض. وفي غضون سنوات قليلة، أصبحت المستعمرات الهولندية (جاوة في آسيا، وسورينام في الأمريكتين) الموردين الرئيسيين للقهوة إلى أوروبا.

مزارع البن في القارة الأمريكية

وبدأ انتقال القهوة للقارة الامريكية منذ1720م

فقد جلب غابرييل دي كليو شتلات القهوة إلى جزر المارتينيك في منطقة البحر الكاريبي في عام 1720. وازدهرت لتصل بعد 50 عاما الى 18,680 من أشجار القهوة في المارتينيك مما مكن من انتشار زراعة البن في سانت دومينغ في (هايتيوالمكسيك وجزر الكاريبي الأخرى.

كما شهدت الأراضي الفرنسية في سان دومينغو القهوة المزروعة ابتداء من عام 1734، وبحلول عام 1788 زودت نصف قهوة العالم. 

الا إن الظروف المروعة التي عمل فيها العبيد في مزارع البن كانت عاملا في إندلاع الثورة الهايتية، ومنذ ذاك لم تتعافى هناك صناعة القهوة تماما.

دخول القهوة للبرازيل1727م 

أرسل ملك البرتغال حوالي 1727م فرانسيسكو دي ميلو بالهيتا إلى غيانا الفرنسية للحصول على بذور القهوة لتصبح جزءا من سوق القهوة. ووجد فرانسيسكو في البداية صعوبة في الحصول على هذه البذور، لكنه أسر زوجة الحاكم الفرنسي وأرسلت له ما يكفي من البذور وبذلك أطلق صفارة بداية صناعة البن في البرازيل. 

عودة القهوة لأفريقيا1893م

وفي عام 1893، تم إدخال القهوة من البرازيل إلى كينيا وتنزانيا (تنجانيقا)،والتي تقع قريبا من مكان نشأتها في إثيوبيا، قبل 600 سنة، وهكذا تنتهي رحلتها العابرة للقارات لمسقط رأسها أو قريب منه.

ولعله وبعد حادثة حفلة شاي بوسطن التي وقعت عام 1773م ، تحول عدد كبير من الأمريكيين إلى شرب القهوة خلال الثورة الأمريكية لأن شرب الشاي أصبح امرا غير وطني كونها انجليزية عدوة للاستقلال.

سيطرة برازيلية للقهوة ثم تنحيها للشرق الادنى

أصبحت البرازيل أكبر منتج للقهوة في العالم بحلول عام 1852م، وقد ظلت تحتل المركز منذ ذلك الحين. وقد هيمنت على الإنتاج العالمي، وتصدير المزيد من القهوة من بقية العالم مجتمعة، من عام 1850 إلى عام 1950. 

وشهدت الفترة منذ عام 1950 اتساع مجال اللعب بسبب ظهور العديد من المنتجين الرئيسيين الآخرين، أبرزهم كولومبيا، ساحل العاج، إثيوبيا، ومؤخرا، فيتنام، التي تجاوزت كولومبيا وأصبحت ثاني أكبر منتج في عام 1999، وبلغت حصة السوق 15٪ بحلول عام 2011.

القهوة المبيتة[المعتقة] 

ومن الهياط بالقهوة المتعارف عليها عندنا باسم المبيتة( المعتقة) والتي تستخدم بشمال المملكة ..

ماتستاهل كل هذا الهياط وما يسوّق من تعتيق القهوة وبيعها بأسعار مبالغ فيها مجرد تسويق وسحب أموال المحبين للجديد مع ان فكرتها قديمة… 

والمعتقة [المبيتة] وأعملها في مجلسي بطعم وذوق القهوة الشمالية إنما هي مبيتة ولها سنين في نفس المستوى.. 

وطريقتها بعد استعمال القهوة اول مرة مع حثلها انقل الدلة وحثلها المتبقي للدلة الجديدة كل أسبوع في مجلسي. 

وبسبب بقاء الحثل بماء قليل تختمر ثم أضيف اليها ماء جديد وتغلى لتأخذ كل مذاق البن والتعتيق لتزل من ماءها المختمر في دلة جديدة مع وضع بن القهوة الجديد وازالة الحثل القديم .

ويبقى أثر ماء القهوة المختمر ليعطي للقهوة الجديدة التخمير (التبييت) ..

وهي عادة شمالية في شمال الجزيرة العربية وورثتها من الوالدة رحمها الله ..

وتقدم وبكل بساطة بدلتها للضيافة وبلا تكلف وهياط كما في التسويق لبعض محال القهوة المعتقة والذي رفعها لسعر الفنجال بـ 100 دولار..

ارجاع الامر لأصوله وتراثنا اجمل.. 

بدلا من وضع ونسبة التخمير للغرب ، فالقهوة السعودية بتنوعها غطت على كل مبتدع فيها.. 

فمن الجنوب تشرب بدلة القشر قديما شقراء مع قشرها وبهار خاص فيها (نينخا وزنجبيل وهيل).. 

وبنجد والاحساء تشرب بدلة رسلان اغمق مع شقار وبهارها الزعفران والهيل.. 

وفي الشمال بالدلة الرسلانية والبغدادية تشرب غامقة مبيتة (معتقة) وعادية مع الهيل.. 

وفي شمال الشمال كبادية الشام تشرب بالركوة غامقة جدا وثقيلة كالقهوة التركية ..

هذه عاداتنا وتناولنا للقهوة بكل اشكالها..

القهوة انواع ونكهات وثقافات.. 

 وبين جنوب المملكة وشمالها تنوعت تلك الثقافة لتداول الدلة وبتعدد اعدادها والوانها من الشقراء للسمراء.. 

ولكل نوع طريقة وذوق لاعدادها.. 

واصحاب كل صنف قد اعتادوها بطرقها في أماكنهم التي تعارفوها منذ القدم.. 

وبعض الناس تنسب "تبييت القهوة" كعيب في صنعها.. 

 فهذا اتهام لعرب الشمال بذلك وهذا غير صحيح ايها الاخوة. 

التبييت او قل التعتيق له طرق ويكون للبن الاسمر وليس الاشقر.. 

وقد اعتادو عليه ولو جرِّبَتْ تلك القهوة السمراء الشمالية المبيته من أهلها لما طلب الا هي.. 

بسبب علو الذوق والحمسة التي تخرج كل كنوزها وبالتبييت يظهر نكهة لم تتذوقها.. 

وقد لاتعجب البعض وهذا يعود لأذواق الناس.. 

فلو كان الذوق واحدا مارأيت للقهوة تلك العشرات من النكهات وكل يغني على ليلاه. 

أهم شي انك لاتستعيب أحدا ..

مالم تتعود عليه أو تتذوقه قد يكون عند غيرك الأفضل ..

ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع… 

طرق حفظ البن من الفساد

هناك ​​عوامل تؤثر في نضارة القهوة وطعمها وبالتالي تقليل من نكهتها… 

ونقلا من موقع ذا روستاري (The Roasterie) لاستشارات القهوة.. 

 بيّن ان القهوة الخضراء غير المحمصة من الممكن ان تبقى طازجة وذات طعم طيب بشرط الابتعاد عن المؤثرات التالية :

اولا ضوء الشمس: 

لأنه يمكن أن يؤدي تعريض حبوب البن للحرارة والأشعة فوق البنفسجية إلى زوال نكهة حبوب القهوة بسرعة.

والأكسجين

وكما في معظم الأطعمة القابلة للتلف او التأكسد بفعل الاكسجين ، فآنه وبتعرضها له تتفكك الجزيئات العضوية داخل القهوة وتفقد نكهتها تمامًا عند التعرض للأكسجين مدة طويلة، وتُسمّى تلك العملية بالأكسدة.

واخيرا الرطوبة: 

وكأي بذور نباتية ذات مسام في تكوينها ، فإنها تمتص نكهة من حولها عند تعرضها لظروف رطبة بالذات ، مثلها مثل اوراق الشاي او البهارات عموما.

وناتي اخيرا للزمن : 

فبمرور الوقت تفقد القهوة نضارتها، وتصبح أقل جودة وأضعف مذاقًا في حال تعرضها لما ذكرناه من تعرضها للشمس او الهواء او الرطوبة .

لذلك إن حُفِظَت في علب تحجب الضوء وتمنع عنها الهواء والرطوبة فقد تطيل من عمرها لاكثر من 4 سنوات وأكثر.. 

ولكن ما إن تفتح تلك العبوات وتتعرض للأجواء والطقس الطبيعي فتنتهي من جودة مذاقها الطازج خلال أشهر قليلة.. 

أما الحبوب المحمّصة او المطحونة فمفعولها يقل عن ذلك بكثير حيث يوصون اهل المطاحن بحفظها بعلب محكمة الاغلاق وتوضع بالفريزر لتبقى بمثل جودة البن الطازج الأخضر.. 

قهوتنا الحديثة

أما قهوتنا الحديثة فهي من نقيع البن، ونشربها بكثرة بأنواعها المختلفة، حتى أن مكان صنعها وصنع الشاي...إلخ سمي في الدارجة على اسمها (قهوة) وفي الفصحى اسم مكان من الفعل (قها)= مقهى. وأخذت معظم لغات العالم الكلمة ولفظتها بلفظ قريب من اللفظ العربي.
ومع الأيام زال استخدام القهوة بمعنى الخمرة في اللغة المعاصرة.

اكتشفت القهوة في بلاد الحبشة، وهم هناك يسمونها إلى اليوم (بونا وهي بُــنّ في لغتنا)، وقد رأى شاربوها أن غلي قرون البُـنّ يقدم سائلاً يخدّر قليلاً (تُـقْهي عن الطعام أي تخفف الشهية له- كما ذكر لسان العرب). ونقل إن الرازي في القرن التاسع الميلادي ذكر القهوة في أحد كتبه.

درسنا ونحن أطفال بيتين جميلين عن القهوة- لم نعرف من هو الشاعر فيهما:

أنا المحبوبة السمرا
وأجلى بالفناجين
وعُود الهند لي عطر
وذكري شاع في الصين

ثم عرفت أن الشاعر هو مامية الرومي (ت. 1588 م)، وقد ذكر ذلك محمد إسعاف النشاشيبي في كتابه (البستان)، ص 5، وأضاف في شرحه أن "فنجان" أصلها بن+ كان أي وعاء للبُـنّ. وأما عود الهند فالمقصود هو الهال، وشيوع الذكر في الصين بسبب الفناجين الصينية التي كانت القهوة تتجلى فيها عند شرب القهوة.

بعد أن كتبت هذه المادة تبيّن لي أن المصدر الذي استقى منه النشاشيبي هو (الكشكول)- ج1، ص 111 للعاملي، فهو يذكر اسم الشاعر هناك، وأن البيت الأول فيه هو:

أنا المعشوقة السمرا
وأجلى بالفناجين

ثم عرفت أن لفظتي (أجلى) و (الصين) وردتا في كتاب "النور السافر في أخبار القرن العاشر" للعيدروس ، فهو يذكر البيتين التاليين (ج1، ص 182):

لله محكم قهوة تُجْلى لنا
في أبيض الصينيِّ طاب شرابها
فكأنما هي مقلة مكحولة
ودخانها من فوقها أهدابها

انظر عشرات القصائد في مدح قهوة البن، وكثيرًا ما نجد التعبير "قهوة البن" في شعر الشعراء الذين وصفوها.


http://books.islam-db.com/book/رسالة_في_الشاي_والقهوة_والدخان/1/27

... ثم كان هناك نقاش في بدايات شربها بين رجال الدين حول تحريمها، فألفت الكتب في ذلك، حتى قويت حجة الإباحة، وغلبت.

قال بعضهم يدافع عن إباحة شربها::

عرِّجْ على القهوة في حانها
فاللطف قد حفّ بندمانها
يقول من أبصر كانونه
أفٍّ على الخمر وأدنانها
فاشربْ ولا تسمع كلام الذي
بجهله يُفتي ببطلانها

لنشرب القهوة ونحن نقرأ ديوان خليل مطران، وها هو يصفها محبًّا:

أرأيت صوغ الدر في العُقيان
هذا حباب البنّ في الفنجان

وكذلك:

في كفّه فنجان تِبْر فاخر
قد فاح منه نشر بنّ عاطر
مترشّفًا فنجانه متمهلاً
كترشّف السكير كأس طِلا

(من ديوان الخليل)

من أجمل النصوص النثرية في القهوة من كتاب (ذاكرة للنسيان) لمحمود درويش:

"لا قهوة تشبه قهوة أخرى. لكل بيت قهوته، ولكل يد قهوتها، لأنه لا نفس تشبه نفسًا أخرى، وأنا أعرف القهوة من ‏بعيد تسير في خط مستقيم في البداية، ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات، ‏تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين ‏تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول".

" فالقهوة هي القراءةُ العلنية لكتاب النفس المفتوح .. والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار".

"القهوة لا تُشرب على عجل، القهوةٌ أخت الوقت تُحْتَسى على مهل، القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات".

محمود درويش: (ذاكرة للنسيان)، ص17- 21.

ولا ننس قصة نجيب محفوظ "القهوة الخالية"، وهي تروي لنا حكاية الشيخ الذي فقد أبناء جيله واحدًا تلو الآخر.

وبعد،

فقد أصدر عبد المنعم شميس كتابًا في سلسلة "اقرأ" وسمه بعنوان: (قهاوي الأدب والفن في القاهرة)، وهو كتاب لطيف فيه تقاليد شرب القهوة، وفيه حكايا عن الأدباء وفكاهاتهم، وأخبار هذه القهاوي ومواقعها وميزاتها. وأذكر أن مجلة (أخبار الأدب) أصدرت عددًا خاصًا مميزًا بتفاصيل لا غنى عنها للباحث المستقصي. وهو ضمن الأعداد (نحو المائتين) التي أهديتها لمكتبة البلدية في باقة الغربية، فالأعداد غير مفهرسة، وأنت مضطر للبحث في كل عدد عن موضوع معين- الأمر الذي يستلزم الوقت والهمّة والدافع.

دلال وآنية القهوة تاريخياً هنا نسردها 

بداية القهوة خولانية المنشأ.. 

وهي زرعت وعرفت في جبال خولان، فمن هي خولان! 

خولان قبيلة عربية ترجع نسباً لقبيلة خولان بن عامر…  القحطانية الأصل. 

وموقعها في الجبال الممتدة مابين صعدة اليمنية وعسير "الريث" السعودية حالياً. 


وفي أرضهم تلك عرفت وزرعت القهوة بداية ومنها عرفت للعالم عبر المستعمر البرتغالي بداية عام 1500م ، ثم العثماني عام1550م  والذي اكتسح تجارتها ونشرها عبر تجار حضرموت لمكة والمدينة والقاهرة.. 

لتصل للعاصمة العثمانية اسطنبول عبر تجار سوريين لينشأ أولئك السوريين الأثنين أول مقهى لصنع القهوة وبيعها بالعالم في أسطنبول. 

وكان ذلك عام1600م تقريبا. 

ثم تدرّجت القهوة بصناعة الدلال التي تصنع القهوة فيها.. 

وقد بدأت وكأول آناء لطبخ القهوة في اليمن والريث وهو دلّة عرفت بأسم "دلة القشر" من النحاس و "الجبنة" من الفخار.. 


ثم صنعت بشكل آخر في اسطنبول ومن قبل الصنّاع الارمن واليهود وكانت بشكل بين الدلال البغدادية والرسلانية..


ثم تبدأ دمشق صناعة دلال خاصّة بها فيتم تأسيس تلك الدلال لعائلة آل رسلان ويمتهنون تلك الصناعة بدلة "رسلان" المخصّرة الرشيقة الممشوقة القوام… 

 ويتوارث ابنائهما كائن وابراهيم وعلي الصناعة قريب من شكل الرسلانية وكذلك دلة حمص وكلاهما صنعا من النحاس الاصفر والماو الاحمر.. 


ثم تنتقل صناعتها الى بغداد تحت اسم "البغدادية" وبشكلها المتسع من اسفل مع خرزة في الغطاء يميّزها وصنعت من معدن الماو الاحمر. 

ثم نزلت الى حائل فاراد عبدالله العلي الرشيد التميّز بصناعة دلّة لحايل بأسم "دلة القصر".. 

وثم صنعت بمكة ونجران والاحساء وكانت الأخيرة هي الاجمل والأبهر من بين كل دلال العالم  خاصّة المسماة "الشطراوية" الأحسائية.. 


وصنعت اختها  المعروفة بدقّة "عليّان' ودقّة "قرين" القرينية ..


ثم انتقلت الصناعة للكويت وهي تقارب شكل الأحسائية الشطراوية . 

وثم صنعت عمان دلّتها المتميّزة ومنها قلدتها الاماراتية والبحرينية وصنعت بصنّاع عمانيين اصلا وهم من قلّد العمانية في تلك الاماكن.. 


وهكذا تسلسل الصناعة بتسلسل وصول القهوة لتلك الاماكن. 

من خولان لاسطنبول لدمشق وبغداد فحائل ومكة ونجران والأحساء وعمان.. 

هذا وبكل أختصار… 

#الرحال_وائل_الدغفق 

#رحال_الخبر 

#رود RK

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق