بسم الله الرحمن الرحيم
القهوة
نقل وترتيب صاحب متحف الشاي والقهوة الرحال وائل الدغفق..
واعتبر شرارة البحث والاستقصاء في مقالي هذا هو:
الدكتور يوسف بن عبدالرحمن الشارخ من أهل الرس فهو من صاغها بصيغة حركت اناملي للغوص في بحر القهوة واختصرا لكم باسطر بسيطة..
اساس كلمة القهوة:
دخلت كلمة "coffee" اللغة الإنجليزية في عام 1582 عن طريق التسمية الهولندية "koffie" [3] والتي اقترضت من "kahve" التركية العثمانية والتي بدورها اقترضت من الاسم العربي "قهوة".
المخطط الفرنسي للموخا (اليمن) في القرن الثامن عشر، تقع الأحياء الصومالية واليهودية والأوروبية خارج القلعة.كانت تشير الكلمة العربية أصلا إلى نوع من النبيذ الذي اشتق المعجمين العرب أصلها من الفعل قها، "عدم الجوع" في إشارة إلى سمعة الشراب في سد الشهية.
بدوي سوري من قرية خلايا نحل في حلب، سوريا، وهو يحتسي القهوة المرة (التقليدية)، 1930 وفي بعض الأحيان تعزى كلمة قهوة إلى الكلمة العربية قوى ("القوة، الطاقة") أو إلى كافا مملكة القرون الوسطى في إثيوبيا حيث تم تصدير هذا النبات إلى الجزيرة العربية. وقد كانت هذه المصطلحات موضع خلاف. إلا إنه لا يستخدم اسم قهوة للحب أو النبات (منتجات المنطقة) والتي تعرف في اللغة العربية باسم بُن وفي (لغة) أورومو (بَن) تنطق بالفتح. تملك اللغات السامية جذر قه "اللون الداكن" الذي أصبح تسمية طبيعية للمشروبات. ووفقا لهذا التحليل كان من المرجح أن يتم اختيار شكل قهوة الأنثوي (خمر، "النبيذ")، وكان المقصود في الأصل (بمعنى الغامقة في اللون).
القهوة ومن معانيها الخمرة في العربية:
ومن أدلة ما يأتي في معنى (القهوة) وفي معاجم اللغة القديمة بأسم(الخمرة) ، كما يوردها أبو نواس بقوله:
يا خاطبَ القهوةِ الصهباءِ يمهرهابالرِّطل يأخذ منها مِـلْـئَـه ذهبايا قهوةً حرِّمتْ إلا على رجلٍأثرى، فأتلف فيها المالَ والنَّـشَـبا
ويقول:
أدرها وخذها قهوة بابليةلها بين بُصرى والعراق كروم
وما أكثر ما استخدم هذه الكلمة في خمرياته:
"قهوة يحسبها الناظر إن صُبّت شعاعا؟ ...إلخ
ومن الشعر كذلك:
يقول حسين بن أحمد الكاتب:
قوما اسقياني قهوة روميةمن عهد قيصر دنُّها لم يمسسِصِرفًا تضيف إذا تسلط حكمهاموت العقول إلى حياة الأنفس
يقول الخالدي:
هتف الصبح بالدجى فاسقنيهاقهوة تترك الحليم سفيهالستَ تدري لرقّّة وصفاءهي في كأسها أم الكأس فيها
كما ان اشتقاق لفظ "القهوة" من الإقهاء لأنها تُقهي أي تكرّه عن الطعام، أو تُقعد عنه.
ورد في (لسان العرب) لابن منظور:
"سميت بذلك لأنها تقهي شاربها عن الطعام- أي تذهب شهوته، وفي "التهذيب" أي تشبعه.
تقهي وتقهم بمعنى واحد.
أول ذكر للقهوة
أول ذكر للقهوة لاحظه تاجر القهوة الأدبية فيليب سيلفستر دوفور هو إشارة إلى البانشام في أعمال القرن العاشر م الطبيب الفارسي محمد بن زكريا الرازي، والمعروف باسم رازيس في الغرب، ولكن معلومات أكثر تحديدا عن إعداد المشروبات من الحب المحمص القهوة يعود إلى عدة قرون لاحقة. وكان من أهم الكتاب في وقت مبكر على القهوة عبد القادر الجزري، الذي قام في عام 1587 بتجميع عمل تتبع التاريخ والخلافات القانونية في القهوة بعنوان "عمدة الصفوة في حل القهوة".
وأفاد أن شيخ جمال الدين الضبحاني (1470 ه) مفتي عدن كان أول من اعتمد استخدام القهوة (حوالي 1454).
وصول القهوة لأوربا
قُدمت القهوة لأول مرة إلى أوروبا في جزيرة مالطا في القرن 16، من خلال سجن العبيد المسلمون الأتراك من قبل فرسان القديس يوحنا في عام 1565 سنة الحصار الكبير لمالطا، وكانوا يستخدمون المشروبات التقليدية. ذكر دومينيكو ماجري في عمله فيرتو ديل كافيه، "الأتراك، معظمهم صناع مهرة بالطهو."
كما كتب الرحال الألماني غوستاف سومرفيلدت في عام 1663 "القدرة والجهد وبعض المال الذي يكسبونه السجناء الأتراك من إعداد القهوة، وكانت القهوة مشهورة شعبيا في المجتمع المالطي وفتحت العديد من المقاهي.
كما لوحظت القهوة أيضا في حلب من قبل عالم النبات الألماني ليونارد روولف، أول أوروبي ذكر ذلك، في عام 1573؛ وتتبع روولف عن كثب وصفا من المسافرين الأوروبيين الآخرين.
وجلبت التجارة النابضة بالحياة بين جمهورية البندقية والمسلمين في شمال أفريقيا ومصر مجموعة كبيرة ومتنوعة من السلع الأفريقية، بما في ذلك القهوة، إلى هذا الميناء الأوروبي الرائد.
كما قدم تجار البندقية القهوة كمشروب للأثرياء في البندقية، شحنها بشدة للمشروبات.
في عام 1591، أصبح عالم النبات في البندقية بروسبيرو ألبيني. أول من نشر وصفا لصنع القهوة في أوروبا.
وافتتح أول مقهى أوروبي خارج الإمبراطورية العثمانية ومالطا في البندقية في عام 1645.
وهذا منشور يدوي للإعلان عن بيع القهوة كتب عام1652م ونشر في شارع سانت مايكل في لندنووفقا لرواية ليونارد روولف عام 1583م ، أصبحت القهوة متاحة في إنجلترا بالقرن 16، وذلك بفضل جهود شركة المشرق.
وافتتح أول مقهى في انكلترا في زقاق سانت مايكل في كورنهيل، لندن. وكان مالك باسكوا روزي خادم دانيال إدوارد تاجر السلع التركية. قام إدوارد بإستيراد القهوة.
كما تم جلب القهوة أيضًا من طرف شركة الهند الشرقية البريطانية وشركة الهند الشرقية الهولندية في القرن السابع عشر.
وتأسست اكسفورد لين كوفي هاوس الانجليزية عام 1654،و لاتزال موجودة حتى يومنا هذا. بحلول عام 1675، كان هناك أكثر من 3000 مقهى في جميع أنحاء العالم.
(نقش يوهان جورج شريبر، 1732)
وصول القهوة لفرنسا واعترافهم بفضل العرب بذلك وصف أنطوان غالان (1646-1715) في ترجمته المذكورة الجمعية الإسلامية بالقهوة والشاي والشوكولاتة: "نحن مدينون لهؤلاء الأطباء العرب العظيمين لإدخال القهوة إلى العالم الحديث من خلال كتاباتهم، وكذلك السكر والشاي، والشوكولاتة ". وأفاد غالان أنه أبلغه السيد دي لا كروا، مترجم الملك لويس الرابع عشر في فرنسا، بأن القهوة جلبها إلى باريس من قبل السيد ثيفينوت، الذي كان قد سافر عبر الشرق. عند عودته في عام 1657.
إناء القهوة (cafetière "campanienne") لعام1836م، من البورسلين من متحف متروبوليتان للفنونفي عام 1669، وصل سليمان أغا سفير السلطان محمد الرابع إلى باريس مع الوفد المرافق له جلب معه كمية كبيرة من حبوب البن. ليس فقط أنها لم تقدم للضيوف الفرنسية والأوروبية مع القهوة للشرب، لكنها تبرعت أيضا بعض البن إلى البلاط الملكي. بين يوليو 1669 و مايو عام 1670، تمكن السفير من إنشاء عرف شرب القهوة بين الباريسيين.
فاز الهولنديون عام 1616م على الأوروبيين بالحصول على أشجار وحبوب البن القابلة للزراعة. حيث حصل بيتر فان دن بروك التاجر الهولندي على بعض شجيرات القهوة رغم الحراسة المشددة من المخا باليمن ورغم الفارمان العثماني بمنع تصدير الحبوب الا ان تكون مسلوقه لضمان عدم زراعتها .
ففي عام 1616م تم تريبها الى أمستردام وأنتها بالحدائق النباتية، حيث بدأوا في الازدهار.وكان له أثر كبير على تاريخ البن.
وعام 1658م ومن الحبوب التي استخرجها فان دير بروك من موكا قبل أربعين عاما،أنتجت العديد من شجيرات كوفيا أرابيكا الصحية.واستخدمها الهولنديين لأول مرة لبدء زراعة البن في سري لانكا وبعد ذلك في جنوب الهند. وتخلوا عن هذه المزارع للتركيز على مزارعهم الجاوية من أجل تجنب خفض الأسعار عن طريق زيادة العرض. وفي غضون سنوات قليلة، أصبحت المستعمرات الهولندية (جاوة في آسيا، وسورينام في الأمريكتين) الموردين الرئيسيين للقهوة إلى أوروبا.مزارع البن في القارة الأمريكية
وبدأ انتقال القهوة للقارة الامريكية منذ1720م
فقد جلب غابرييل دي كليو شتلات القهوة إلى جزر المارتينيك في منطقة البحر الكاريبي في عام 1720. وازدهرت لتصل بعد 50 عاما الى 18,680 من أشجار القهوة في المارتينيك مما مكن من انتشار زراعة البن في سانت دومينغ في (هايتي) والمكسيك وجزر الكاريبي الأخرى.
كما شهدت الأراضي الفرنسية في سان دومينغو القهوة المزروعة ابتداء من عام 1734، وبحلول عام 1788 زودت نصف قهوة العالم.
الا إن الظروف المروعة التي عمل فيها العبيد في مزارع البن كانت عاملا في إندلاع الثورة الهايتية، ومنذ ذاك لم تتعافى هناك صناعة القهوة تماما.
دخول القهوة للبرازيل1727م
أرسل ملك البرتغال حوالي 1727م فرانسيسكو دي ميلو بالهيتا إلى غيانا الفرنسية للحصول على بذور القهوة لتصبح جزءا من سوق القهوة. ووجد فرانسيسكو في البداية صعوبة في الحصول على هذه البذور، لكنه أسر زوجة الحاكم الفرنسي وأرسلت له ما يكفي من البذور وبذلك أطلق صفارة بداية صناعة البن في البرازيل.
عودة القهوة لأفريقيا1893م
وفي عام 1893، تم إدخال القهوة من البرازيل إلى كينيا وتنزانيا (تنجانيقا)،والتي تقع قريبا من مكان نشأتها في إثيوبيا، قبل 600 سنة، وهكذا تنتهي رحلتها العابرة للقارات لمسقط رأسها أو قريب منه.
ولعله وبعد حادثة حفلة شاي بوسطن التي وقعت عام 1773م ، تحول عدد كبير من الأمريكيين إلى شرب القهوة خلال الثورة الأمريكية لأن شرب الشاي أصبح امرا غير وطني كونها انجليزية عدوة للاستقلال.
سيطرة برازيلية للقهوة ثم تنحيها للشرق الادنى
أصبحت البرازيل أكبر منتج للقهوة في العالم بحلول عام 1852م، وقد ظلت تحتل المركز منذ ذلك الحين. وقد هيمنت على الإنتاج العالمي، وتصدير المزيد من القهوة من بقية العالم مجتمعة، من عام 1850 إلى عام 1950.
وشهدت الفترة منذ عام 1950 اتساع مجال اللعب بسبب ظهور العديد من المنتجين الرئيسيين الآخرين، أبرزهم كولومبيا، ساحل العاج، إثيوبيا، ومؤخرا، فيتنام، التي تجاوزت كولومبيا وأصبحت ثاني أكبر منتج في عام 1999، وبلغت حصة السوق 15٪ بحلول عام 2011.
قهوتنا الحديثة
أما قهوتنا الحديثة فهي من نقيع البن، ونشربها بكثرة بأنواعها المختلفة، حتى أن مكان صنعها وصنع الشاي...إلخ سمي في الدارجة على اسمها (قهوة) وفي الفصحى اسم مكان من الفعل (قها)= مقهى. وأخذت معظم لغات العالم الكلمة ولفظتها بلفظ قريب من اللفظ العربي.
ومع الأيام زال استخدام القهوة بمعنى الخمرة في اللغة المعاصرة.
اكتشفت القهوة في بلاد الحبشة، وهم هناك يسمونها إلى اليوم (بونا وهي بُــنّ في لغتنا)، وقد رأى شاربوها أن غلي قرون البُـنّ يقدم سائلاً يخدّر قليلاً (تُـقْهي عن الطعام أي تخفف الشهية له- كما ذكر لسان العرب). ونقل إن الرازي في القرن التاسع الميلادي ذكر القهوة في أحد كتبه.
درسنا ونحن أطفال بيتين جميلين عن القهوة- لم نعرف من هو الشاعر فيهما:
أنا المحبوبة السمراوأجلى بالفناجينوعُود الهند لي عطروذكري شاع في الصين
ثم عرفت أن الشاعر هو مامية الرومي (ت. 1588 م)، وقد ذكر ذلك محمد إسعاف النشاشيبي في كتابه (البستان)، ص 5، وأضاف في شرحه أن "فنجان" أصلها بن+ كان أي وعاء للبُـنّ. وأما عود الهند فالمقصود هو الهال، وشيوع الذكر في الصين بسبب الفناجين الصينية التي كانت القهوة تتجلى فيها عند شرب القهوة.
بعد أن كتبت هذه المادة تبيّن لي أن المصدر الذي استقى منه النشاشيبي هو (الكشكول)- ج1، ص 111 للعاملي، فهو يذكر اسم الشاعر هناك، وأن البيت الأول فيه هو:
أنا المعشوقة السمراوأجلى بالفناجين
ثم عرفت أن لفظتي (أجلى) و (الصين) وردتا في كتاب "النور السافر في أخبار القرن العاشر" للعيدروس ، فهو يذكر البيتين التاليين (ج1، ص 182):
لله محكم قهوة تُجْلى لنافي أبيض الصينيِّ طاب شرابهافكأنما هي مقلة مكحولةودخانها من فوقها أهدابها
انظر عشرات القصائد في مدح قهوة البن، وكثيرًا ما نجد التعبير "قهوة البن" في شعر الشعراء الذين وصفوها.
http://books.islam-db.com/book/رسالة_في_الشاي_والقهوة_والدخان/1/27
... ثم كان هناك نقاش في بدايات شربها بين رجال الدين حول تحريمها، فألفت الكتب في ذلك، حتى قويت حجة الإباحة، وغلبت.
قال بعضهم يدافع عن إباحة شربها::
عرِّجْ على القهوة في حانهافاللطف قد حفّ بندمانهايقول من أبصر كانونهأفٍّ على الخمر وأدنانهافاشربْ ولا تسمع كلام الذيبجهله يُفتي ببطلانها
لنشرب القهوة ونحن نقرأ ديوان خليل مطران، وها هو يصفها محبًّا:
أرأيت صوغ الدر في العُقيانهذا حباب البنّ في الفنجان
وكذلك:
في كفّه فنجان تِبْر فاخرقد فاح منه نشر بنّ عاطرمترشّفًا فنجانه متمهلاًكترشّف السكير كأس طِلا
(من ديوان الخليل)
من أجمل النصوص النثرية في القهوة من كتاب (ذاكرة للنسيان) لمحمود درويش:
"لا قهوة تشبه قهوة أخرى. لكل بيت قهوته، ولكل يد قهوتها، لأنه لا نفس تشبه نفسًا أخرى، وأنا أعرف القهوة من بعيد تسير في خط مستقيم في البداية، ثم تتعرج وتتلوى وتتأود وتتلوى وتتأوه وتلتف على سفوح ومنحدرات، تتشبث بسنديانة أو بلوطة وتتغلب لتهبط الوادي وتلتفت إلى ما وراء وتتفتت حنينا إلى صعود الجبل وتصعد حين تتشتت في خيوط الناي الراحل إلى بيتها الأول".
" فالقهوة هي القراءةُ العلنية لكتاب النفس المفتوح .. والساحرة الكاشفة لما يحمله النهار من أسرار".
"القهوة لا تُشرب على عجل، القهوةٌ أخت الوقت تُحْتَسى على مهل، القهوة صوت المذاق، صوت الرائحة، القهوة تأمّل وتغلغل في النفس وفي الذكريات".
محمود درويش: (ذاكرة للنسيان)، ص17- 21.
ولا ننس قصة نجيب محفوظ "القهوة الخالية"، وهي تروي لنا حكاية الشيخ الذي فقد أبناء جيله واحدًا تلو الآخر.
وبعد،
فقد أصدر عبد المنعم شميس كتابًا في سلسلة "اقرأ" وسمه بعنوان: (قهاوي الأدب والفن في القاهرة)، وهو كتاب لطيف فيه تقاليد شرب القهوة، وفيه حكايا عن الأدباء وفكاهاتهم، وأخبار هذه القهاوي ومواقعها وميزاتها. وأذكر أن مجلة (أخبار الأدب) أصدرت عددًا خاصًا مميزًا بتفاصيل لا غنى عنها للباحث المستقصي. وهو ضمن الأعداد (نحو المائتين) التي أهديتها لمكتبة البلدية في باقة الغربية، فالأعداد غير مفهرسة، وأنت مضطر للبحث في كل عدد عن موضوع معين- الأمر الذي يستلزم الوقت والهمّة والدافع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق