مع بداية القرن الثاني عشر الميلادي ظهرت في أعالي جبال الأطلس حركة دينية إصلاحية توحيدية تزعمها المهدي بن تومرت الذي صب زعيما روحيا لما اسمو أنفسهم بالموحدين واسمهم الحقيقي (بني تومرت) فليسو للتوحيد بصلة فهم أهل هرطقة، وكانت بدايتهم سنة 514هـ الموافق 1121م.
وقد أمر بعد مرور أربع سنوات على حكمه ببناء مدينة تينمل وجعلها عاصمة له وقاعدة عسكرية لجيوشه. بعد وفاة المهدي بن تومرت، وتخليدا لذكراه، أمر خلفه عبد المومن بن علي الكومي في سنة 1153م ببناء مسجد تينمل، وتحول الموقع على إثر ذلك إلى مقبرة ملكية للخلفاء الموحدين.
والملاحظ ليس في هذا المسجد بالذات ولكن في كل مساجد المغرب العتيقة ان القبلة فيها إنحراف نحو25° للشمال ..
ولأدري ما أسباب ذلك مع وجود علم الفلك والاتجاهات لديهم منذ القدم ..
فمن لديه تفسير يبلغنا به ..
وبني المسجد بتصميم ذي شكل مستطيل على مساحة طولها 48,10 مترا وعرضها 43,60 مترا وهو محاط بسور مرتفع تعلوه شرفات. تتكون قاعة الصلاة من تسع أروقة موجهة نحو القبلة، كما يشكل التقاء البلاط المحوري والرواق الموازي لجدار القبلة شكلا هندسيا على نحو الحرف اللاتيني T. أما القباب الثلاث فتتوزع بشكل منتظم على طول رواق القبلة، إلا أنه لم يتبق منها إلا واحدة في الزاوية الجنوبية الغربية. ترتكز أروقة المسجد على دعامات مبنية من الآجر بواسطة أقواس متنوعة الأشكال، وتعلو المنبر والمحراب صومعة مستطيلة الشكل وليست مرتفعة ، وهو ما يعتبر استثناء في هندسة الجوامع بالمغرب.
وخلال العصر المريني والذي أتى بعد حكم بنو تومرت تعرضت المدينة للهدم والتخريب من طرف الجنود المرينيين، ولم يستثى من ذلك إلا المسجد الأعظم الذي أصبح يشكل معلمة مهمة يعتبرها السكان المحليون مزارا مقدسا، بالإضافة إلى بقايا سورها الأمني في الجهة الشرقية وأطلال متناثرة لـ قصبة أورير نتيضاف التي أفردت على قمة جبل.
ومدينة تينمل مدينة مغربية تاريخية، ارتبطت بالمصلح الديني المهدي بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية دولة (بنو تومرت).
والقرية الحالية يحملون الاسم القديم "تينمل". تبعد 100 كلم جنوب شرق مدينة مراكش، على الطريق المؤدية إلى تارودانت عبر ممر تيزي نتاست. وتنتشر أطلالها على الضفة اليسرى لـ واد نفيس وسط جبال الأطلس الكبير على علو يناهز 1230م.
زرتها بطريقي من مراكش الى تارودانت في شوال1442هـ.
ولعلي اسطّر شيئا من تاريخ المغرب وبعيون الرحال لنتعرّف أكثر على تلك المحطات الزمنية للمغرب…
تاريخ المغرب اسلاميا ترتيب واعداد الرحال وائل الدغفق:
سأتحدث هنا عن تاريخ موجز للمغرب أرض الفتوحات وذات حضارات متعاقبة من الفينقيين للرومان والعرب والبربر..
ولعل اكبر قوة حكمت المغرب وتركت اثارها لليوم كانت في زمن المرابطين ثم بني تومرت والذين اطلقو على مدنها اسماء متعلقة بالجهاد والفتوحات كالرباط والقصبات وبناء الأسوار للجيوش المتتابعة لفتح الثغور ونصرة اخوانهم في الأندلس.
كما بقيت العاصمة الحالية للمغرب باسمها ولازالت الرباط...
المغرب ارض تحوي تاريخا زاهرا وجمالا متنوعا من البربر والفينقيين والرومان وحتى اليوم في عهد سلاطين وملوك العلويين…
...
واختصارا لتاريخ المغرب الاسلامي نذكر لكم ذلك اختصارا بالتالي:
بداية فنحن نقصد بالمغرب الإسلامي هو الحيِّز الجغرافي الذي يشمل أساسًا تونس والجزائر والمغرب، والذي يطلق عليه حاليًّا ..
"المغرب العربي"
ولعل أهمِّ المحطات السياسية، التي مرَّ بها منذ الفتح الإسلامي.
حيث بدأ الفتح في خلافة الخليفة..
عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .
وبعد فتح مصر ، واقترن هذا الفتح باسم الصحابي ..
عُقبة بن نافع رضي الله تعالى عنه وهنا طريقة وسير عملية الفتح التي بدأن من القيروان من تونس الحالية..
حيث كان قائد الحملة الأولى، الى أن أسَّس مدينة القيروان، كعاصمة في تونس الحالية ، ووصلت جيوشه إلى شواطئ المحيط الأطلسي غربًا والمسماة حاليا المغرب، وتُوفي بشرق الجزائر الحالية، وقبره موجود بمدينة سيدي عقبة بالشرق.
وكانت هناك حملات أخرى، ومنذ خلافة عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - قادها على التوالي: عبدالله بن أبي سرح وزهير بن قيس البلوي، واكتمل الفتح على يد حسَّان بن النعمان؛ حيث تخلَّصت البلاد من الاحتلال البيزنطي، واحتضن السُّكان المحليون الإسلامَ والعربية.
وبعد استِتْبَاب الأمر للمسلمين، ومضي الأعوام، وأثناء الخلافة العبَّاسية، قامت بالمغرب عدَّة دول، نذكر منها:
الدولة الرستميَّة من 160هـ :
قامت للإباضيِّين، (وكانوا فرعًا من الخوارج)، دولة ليست ذات شأن كبير في تونس بالقيروان في العقود الأولى التي تلت الفتحَ.
وبعد سقوطها فرَّت بعضُ قياداتها إلى تيهرت (غرب الجزائر الحاليَّة)، وهناك أسَّس عبدالرحمن بن رستم الدولة الرستميَّة، الَّتي امتدَّت من 160هـ إلى 296هـ.
الدولة الإدريسيَّة من 172هـ :
موطنها الأول بالمغرب الأقصى، وهي تنتسب إلى الشيعة الزيدية.
في عهدها أسِّست مدينة "فاس"، وبني جامع القرويين الَّذي يُعَدُّ أول جامعة في العالم الإسلامي، وقد بنتْه فاطمة الفهرية بنت إدريس الأكبر من مالها الخاص، سقطت الدولة على يد الفاطميِّين، بعد أن ظلَّت قائمة من 172إلى 309 هـ.
الدولة الأغلبية من 184هـ :
قامت في تونس، واستقلَّت عن الخلافة العبَّاسيَّة، امتازت بنشر الثقافة العربيَّة، لكن بعض حكَّامها كانوا على جانب كبير من القَسْوة على الرعيَّة، سقطت هي الأخرى على يد الفاطميِّين، وقد دامت من 184 إلى 296 هـ.
ووصلت غزواتها لايطاليا وحكمت كريت وصقلية وسردينيا وأجزاء من الجنوب الايطالي ..
الدولة الفاطميَّة من 297هـ :
أسَّسها أبو عبدالله الداعي الشيعي الإسماعيلي، بعد أن مكثَ في المغرب الإسلامي عشر سنوات يبشِّر بالمهدي المنتظر، المتمثِّل في أبي عبدالله المهدي أوَّل قائد للدولة.
اتَّخذت من القيروان عاصمةً لها، وقضت - كما ذكرنا - على دول بني رُستم والأدارسة والأغالبة، ثم وجَّهت قواتِها نحو مصر، فغزاها "المعزُّ لدين الله"، وفي عهدها أسَّس "جوهر الصقلي" مدينة القاهرة، وتَمَّ تشييد الجامع الأزهر بها. وهي دولة رافضية.
وبقيت هذه الدولة قائمةً حتَّى أطاح بها صلاحُ الدين الأيوبي - رحمه الله - أي: من 297 إلى 567هـ.
دولة بني زيرى ومتداخلة. مع غيرها من 567هـ :
قامت إثر رحيل الخليفة الفاطمي عن المغرب، وتعيينه "بلكين بن زيرى" نائبًا عنه، فأسَّس هذا الأخير ثاني دولة مستقلَّة عن الخلافة العباسيَّة بالمغرب الأوسط (الجزائر الحاليّة).
الدولة الحمّادية المتداخلة مع غيرها من398هـ :
أقام بنو حمَّاد حضارةً متألِّقة، وجعلوا من "بجاية" حاضرة علميَّة يقصدها طلبة العلم من الأقاصي، ودامت الدولة الحمادية من 398 إلى حوالي 540هـ، وسقطت تحت ضربات الغُزاة النورمان من الشمال، والهلاليِّين من الشرق والجنوب، والمرابطين من الغرب.
دولة المرابطين من 487هـ :
بدأ تأسيسها انطلاقًا من موريتانيا الحاليَّة على يد عبدالله بن ياسين، ووطَّد أركانها القائد الكبير يوسف بن تاشفين، كانت دولة مجاهدةً قويَّةً حاربت الإسبان، ووحَّدت المغرب العربي، وكانت قلعة خلفية ساعدت الأندلس، وثبَّتت الوجود الإسلامي فيها.
دامت من 487 إلى 558هـ، وسقطت بسبب الفقهاء الَّذين تدخَّلوا بشكل كبير وسافر في السياسة من غير أن يَمتلكوا أدواتها؛ مِمَّا أتاح للمهدي بن تومرت أن يقوِّض أركانها بدهائه وحنكته.
دولة الموحِّدين أو بالاصح دولة بن تومرت من514هـ :
هي أوَّل دولة وحَّدت المغرب العربي على يد السُّكان الأصليِّين، وضمَّت إليه الأندلس، أسَّسها ابن تومرت سنة 513هـ، ووطَّد دعائمها خليفته عبدالمؤمن بن علي، امتازت هذه الدولة بنشر العلم على أوسع نطاق، ففي مدارسها تخرَّج ابنُ رشد الحفيد، وابن طفيل الفيلسوف المشهور، وغيرهما من العلماء.
انهارت سنة 609هـ بعد أن هزمتها جيوشُ الصليبيِّين في معركة "حصن العقاب" بالأندلس.
انقسام المغرب الإسلامي: بعد انهيار دولة الموحِّدين انقسم المغرب الإسلامي إلى ثلاث دول مستقلَّة عن بعضها:
الدولة الحفصية في تونس.
الدولة المرينية في المغرب الأقصى.
الدولة الزيانية في الجزائر.
ومن جهتها استقلَّت الأندلس بأمرائها.
الدولة الزيانية من 633هـ :
الجدير بالذكر أنَّ هذه الدولة أسَّسها إيغمراسن زيان في 633هـ، واتَّخذت مدينة "تلمسان" عاصمةً لها، ودامت ثلاثة قرون، كلُّها حروب مع الجيران والإسبان.
أقام بها ابنُ خلدون، وألَّف مقدِّمته، استنجدت بالأخَوَين: خير الدين، وبابا عروج؛ لمواجهة حملات الإسبان والبرتغاليِّين سنة 926هـ، وبذلك ألحقت الجزائر بالخلافة العُثمانية، وكانت نهايتها في 962هـ.
الدولة المرينيةمن 643هـ :
اسسها عبد الحق منذ عام 1195م حتى عام 1217م لكن فعليا قامت عام 1244م ٠
وانتهت بعبد الحق ايضا عام 1464م
دولة الوطاسيين من 873هـ :
اسسها ابوزكريا محمد الصالح المهدي عام 1472م حتى عام 1505م ..
ولعل أهم من حكم من الوطاسيين الاميرة الزهراء (والمشهورة بزهور) بنت منصور بن زيان الوطاسي أخت أبي الحجاج يوسف الوطاسي، التي لعبت دورا مهما في آخر الدولة المرينية وأول عهد الدولة الوطاسية.
وأبقت فاس تحت حكمها نحو عام كامل بين 875هـ -الى 876هـ الموافق1470م
ثم انتهت الدولة الوطاسية بالسلطان ابوالعباس أحمد عام 1550م.
دولة السعديين من 956هـ :
وسلالة السعديين (1554-1659م)، أتت من نزوح أجداد السعديين الأشراف المنتسبون إلى محمد النفس الزكية مطلع القرن الـ 14 م من الحجاز من مدينة ينبع ونزحو الى منطقة وادي نهر درعة (جنوب المغرب).
وقامت بداية بالسلطان ابوعبدالله القائم 1509م
ومنهم الذي لقب بالسلطان الذهبي السلطان احمد المنصور عام 1578م 986هـ
وسمي الذهبي لكثرة الذهب في عهدة…
وانتهت الدولة بالسلطان عبدالملك عام 1627م
دولة العلويين
قامت بالسلطان محمد الأول عام 1631م ثم السلطان محمد الخامس الذي تغير لقبه من سلطان لملك وتم نفيه لمدغشقر عام 1953م ..
ونصب الملك محمد بن عرفة من قبل الفرنسيين عام 1953م
ثم عاد الملك محمد الخامس للحكم 1955م
واليوم يحكمها الملك محمد السادس منذ عام 1999م
في كل هذه المراحل لم يكن المغرب الإسلامي يحتكم في جميع شؤونه إلاَّ لشريعة الإسلام، مع بعض الدويلات الاسماعيلية والاباضية والشيعية وأهل الكلام والهراطقة، مثله مثل باقي أقطار المسلمين، وبَقِيَ كذلك حتى ابتُلِي بالاحتلال الأجنبي.
ولكن بعد ان انزاحت الاسماعيلية والشيعة والخوارج تماما وبقيت جيوب للأباضية في الجزائر بالذات.
هذا مختصر بسيط تاريخي للمغرب الاسلامي...
#الرحال_وائل_الدغفق
#رحال_الخبر1442هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق