ويعد المسجد الجديد الواقع بساحة الشهداء بالجزائر العاصمة، وكان يعرف بجامع “الحواتين”، معلما تاريخيا غاية في الأهمية، باعتباره من الشواهد الباقية على امتداد العمارة الإسلامية إلى الجزائر وكان يعرف سابقا بجامع “الحواتين” نسبة إلى المكان المتواجد فيه المعروف عند عامة الناس بـ” لا بيشري ” أو ” السماكة ” حيث يصطاد ويباع السمك طازجا. وقد أثبتت الكتابة الموجودة على يسار المحراب تاريخ بناء هذا الصرح الشامخ والذي يعود إلى سنة 1070هجري الموافق لـ 1660 ميلادي.
قصر الرياس الجزائر
واستمر بناؤه سنوات طويلة حيث كانت السلطات توسعه كل مرة وتطوره لزيادة مساحته وقدرته على مواجهة الهجمات الأوروبية.
يعرف قصر رياس البحر أيضا باسم "الحصن 23"، وهي تسمية أطلقتها عليه السلطات الاستعمارية الفرنسية، ولقيمته التاريخية صنفته منظمة اليونيسكو عام1990 تراثا عالميا محميا.
وفي عام1994م حولته السلطات المحلية لمركز للفنون والثقافة .
والقصر مجاور لمسجد كتشاوة التاريخي.
كما يتميز أسلوب القصر ومخططه بأسلوب بناء المغرب العربي بفناءه المركزي، كما يتميز بواجهة يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر ميلادي من الطراز الموريسكي والقوطي الجديد.
قبل عام 1830، كان هذا القصر مملوكًا لأبناء حسين داي وفاطمة (ابنة سيدي حسن باشا): عمر باي وليلى نفيسة.
بعد عام 1830، أصبح قصر الحكام الفرنسيين في الجزائر تحت اسم قصر الشتاء ثم قصر بروس من 1939 إلى 1950.
ومزيد من التفصيل حول هذا الصرح والذي هو من آثار الامبراطورية الموريتانية الملكية التي وصلت هنا في أوج حكمها ويسمى هنا هذا المعلم والقبر أو الضريح الملكي بقبر رومية وهو بناء ضخم دائري ..
الضريح الملكي الموريتاني
ويقع الضريح الموريتاني أو “قبر الرومية” كما يطلق عليه السكان المحليون بسبب وجود صليب على ابوابه الاربع وهو ليس صليب لان الضريح بني قبل مائة عام من المسيحية.
وبني على ربوة ارتفاعها 261 متر، وقد بناه الملك “يوبا الثاني” ملك الإمبراطورية الموريتانية تخليداً لذكرى زوجته وهي ابنة“كليوباترا سيليني” التي كان يهيم بها عشقاً، وحزن حزناً شديداً على وفاتها.
وظل هذا الضريح شاهداً على قصة الحب ، ومن عجائبه أن لون الضريح يتغير حسب الفصول وحسب ساعات النهار، فأحياناً نجده يأخذ اللون الرمادي وأحياناً أخرى يميل إلى الأصفر، ويتغير لونه للأزرق إذا احاطه الضباب، وقد تمكنت من دخول انفاق الضريح ومنذ 1994م بسبب الاوضاع المتقلبة وكان دخولي صدفة بسبب انشغال المرشدين بزيارة والي تيبازة للمكان..
واتجهت الى الغرفة الجنائزية لزوجة الملك من خلال أحد البوابات الرئيسية لابواب الضريح الأربعة الوهمية.
والنفق كان تحت الهرم بشكل دائري لمحيط بنائه حتى وصلت لأحد المداخل التي استطاع الفرنسيين من الدخول له عنوة ليكتشفو بعد ذلك من إكتشاف البوابة الرئيسية.
وعندها توجهو للغرفة الجنائزية التي مغلقة بغرفة لها بوابتين من الحجر تنتهي للغرفة ذات الثلاثة أمتار في اربعة وبها رواشن تستعمل اما للسراج او لغير ذلك.
وثم خرجت من نفس المدخل لأكمل جولتي.
وهناك نقوش فرنسية للعمال والآثاريين داخل وخارج الضريح الهرمي كتبت عام1887م وقت اكتشافه من قبلهم.
ويقال أنه تعرض للهدم اما من قبل العثمانيين وقت زيارتهم أو من الزلازل..
وتمت اعادة واجهاته عام 1887م من قبل الباحثين الآثاريين الفرنسيين بعد سرقة جميع محتويات الغرفة الجنائزية ويوجد بعض منها في متحف الجزائر العاصمة.
بعد جولتي للجزائر استطيع اختصارها بهذه الأسطر
وهي لمحة بسيطة وسريعة عن الجزائر والتي تتميز باتساع رقعتها ووجود المدن الرئيسيه فيها والتي كانت محور زيارتي لها بداية من 22فبراير 2022م ومن الجزائر العاصمه ثم ثاني اكبر المدن وهران والعاصمة لحكام الجزائر تلمسان ثم ثالث المدن حجما وأجملهم قسنطينه ثم عنابه وعاصمة الصحراء غردايه والوسطى بسكرة والجلفة واقصى الجنوب ادرار وتمنراست وجانيت حتى 4مارس2022م ..
وتتميز الجزائر بسهولة الوصول الى كل هذه المدن عبر شبكه من الطرق السياره السريعه باتجاهين ومفتوح المسار تقريبا بسرعة قصوى تصل 120 كيلو بالساعة.
واستخدام السيارات والايجار متاح للتجول فيها بمطلق الحريه حتى تستطيع الوصول الى كل تلك المناطق.
صحيح ان المسافات متباعده تصل الى الاف الكيلومترات ولكن التجول فيها متعه باستكشاف التنوع التضاريسي والتنوع الاجتماعي فيها ، فكل مدينة لها طابع وتقاليد متنوعة بالمكان والطعام والحياة الاجتماعية ..
ومما تتميز به مدن الشمال مثل الجزائر العاصمه ووهران وقسنطينه انها كلها مناطق خضراء بسبب كتلة الجبال والتي تصد السحب المحملة بالامطار من جهة البحر الأبيض المتوسط لتسقط على تخومها.
ويقابلها جنوبا مناطق صحراويه مثل بسكره وغردايه وجلفه وغيرها وهي صحراويه صماء من الحجر تختلف عن الصحراويه الرمليه كمناطق تمنراست وجانيت وادرار .
لذلك تختلف التضاريس ما بين الشمال للجنوب بثلاث تضاريس متنوعة ..
الاولى: الشمالية جبلية ساحلية خصراء وتمتلئ بالزراعة وبها العرب والامازيغ ..
الثانية: المنطقة الحجرية الصحراوية مع بعض الغابات وهي بسكرة وغرداية والجلفة وابوسعادة يسكنها العرب والامازيغ ..
الثالثة : صحراوية رملية قاحلة..
كادرار وتمنراست وجانيت مع بعض الجبال الرسوبية ذات النقوش القديمة ويسكنها الطوارق ..
فللتاريخ فيها مكان مابين حضارات بربرية ورومانية واسلامية وعثمانية وفرنسية..
كما لتنوعها التضاريسي الجاذب بكل التغيّرات مابين الجبال والأودية والسواحل والسهول والصحاري والحقول الخضراء وهو تنوع جاذب مميز يجعل من تجولك فيها متعة للنظر والتفكر في ملكوت الرحمن…
أما الحياة الأجتماعية فتكتظ ارض الجزائر بتعداد كبير يصل نحو 45 مليون نفس مسلمة مابين امازيغ وعرب يتعايشون بأمن وراحة ، رغم شظف العيش لكثير منهم…
فالراتب المتوسط للجزائريين يعادل800 ريال سعودي، لكن مما يقلل تلك الحاجة رخص المعيشة للأكل والسكن ، فغالب مايأكلونه يزرعونه وهذا مما يخفف عليهم بعض العوز.
أما التطور للمدن فهو بسيط للغاية واغلب بنائها عشوائي عدا تلك المباني التاريخية ومباني الحجومة وبعض الاحياء الفرنسية التصميم والمدن التاريخية القديمة كغرداية ..
اما ماعداها من البناء المتعدد فيوجد الكثير من الاحياء الفقيرة بناء وتجهيزا او مهدّدة بالهدم وهي لكثير من المعدمين ولا ينصح بالدخول اليها وتقع في المدن الرئيسية..
وقليل من مدنها اتاها التطور بخلاف جارتها المغرب ..
وكثيرا مايطلقون على أن سبب تأخر الجزائر يعود لتلك السنوات العشر التي صاحبتها ثورات وارهاب وتم تسميتها بـ
"العشر السوداء"
وهي السنوات التي تلت عام التسعين 1990م…
حيث عاشت الجزائر فيها أيام سوداء من ظلم وقلة أمن كأيام الاستعمار الفرنسي ، وقد قاربت أن ينصلح حالها بفوز أحد تيارات الجزائر الكبرى لكن تدخل فرنسا بعدم عودة الاسلام هو ماجعلها تعيش تلك السنوات المظلمة ..
والشعب يتحمد الله أنها انتهت بعد تقلبات الحال وفوضى أمنية وقتل بالهوية…
اما اليوم فهم يعيشون أفضل ايامهم.
وقد وجدت أثر تلك السنوات السوداء في كثرة النقاط الأمنية ومراكز السيطرة للدرك الوطني وبشكل مزعج للمسافر لكن دامها تعطيني الأمان فلا اشكال لدي.
ولعل الانطباع الاول لزائر الجزائر ان يجعلها من ضمن الدول البوليسية وذلك بسبب كثرة العسكر فيها ونقاطهم في كل تقاطع، ومع تنوعهم بشكل يثير الدهشة…
فمن اقسامهم التي رأيت..
الدرك الوطني - والامن الوطني - والجيش الشعبي- والحرس الوطني- والشرطة العسكرية - والشرطة المدنية - والحماية المدنية- والشرطة الصحية (لباسهم ابيض)- والشرطة البيئية- وغيرها مما يظهر لي في طرقاتهم..
ولاغرابة ان عرفنا أن الحكم عسكري اصلا بالجزائر..
ولاشك أن السائح عادة يفسد يومه كثرة التدقيق والتفتيش والتوقفات والتي لايستمر طريقه عادة الا بتوقفات مرهقة مزعجة ..
لكن مما يخفف تلك الصورة النمطية للتعسكر والسيطرة…
ان طبيعة الشعب الجزائري متدين بالفطرة ومحافظ بكل اطيافه، ويتمثل ذلك بمحافظتهم على الصلاة والحجاب للنساء بل يصل في بعض الأماكن أن لايظهر من نسائهم الا عين واحدة ومن خلال جلبابها الأبيض الذي يغطبها من رأسها لأخمص قدميها..
كما الرجال هنا تعاملهم خشن لمن لايعرفهم، ومسامح جدا لمن يحترم ثقافتهم ويتعامل معهم باحترام ليقابل باحترام متبادل..
واياك أن تستعرض عليهم فستجد فيهم شراسة لاترحم.
ومع كل ذلك تستحق الجزائر الزيارة للتجول فيها لكن صعوبه الفيزا هي التي ترد الكثير منّنا .
تحياتي ..
يسألني البعض أن الوقت لايكفي لاستكشافاتي؟
نعم يسألني الكثير بمثل هذا السؤال واكرر إجابته دوما ولكن اليوم سأسهب قليلا بالرد…
فالبعض يقول لي عن تنقلاتي وسفري في وقت قصير بالنسبة اليه وان الوقت لايكفي لرؤية كل شئ..
ولعلي أجيب في أن المرتحل لايرتحل ليشاهد كل شيئ وليس هدفة كل نقطة ومكان..
وهذا على الأقل للرحال الخبير المتمرس والذي يعرف كيف يضع قدمه بالمكان المناسب وبالوقت المناسب ليكسب قدر ما يستطيع من معلومات …
هذا اذا عرفنا أن المدن عادة تكون متشابهة وفي كل العالم وتحوي اشياء مكررة مثل المجمعات( مولات) والأسواق عدا الشعبية منها. وكذلك المقاهي والمطاعم عدا تلك التي تقدم الوجبات المحلية..
لذلك يتبقى وجهات بسيطة تستطيع الوصول اليها كالمناطق الريفية والتضاريس المتنوعة والاماكن التاريخية لتسنقي منها مادتك للنشر…
ومع هدف مهم وهو التعرف على حياة الشعوب مأكلا ومشربا وتعايش من خلال تلك الجولات بالريف وبكل مكان نسير خلاله..
فما ياخذه البعض في تجواله لدولة ما ، شهراً كاملا فبخبرة الترحال المتواضعه قد يأخذها باسبوع وذلك بتوفيق الله ثم التخطيط الجيد للوقت ومعرفة المواسم والطرق الموصلة لها..
فالسفر فن واحتراف وليس تذاكر وهجولة ومقاهي ومولات..
والمكسب هو النتيجة لمايدونه الرحال في سفره وينقلها للعالم بنظرته عبر مدونته أو يوتيوبه أو سنابه..
فكل يخدم نتيجة مايتحصّل عليه ليحفطه لينشره ومن لاينشر ليمكن أن نسميه رحال وبسبب بسيط لامادة لديه لتعرض ولادليل لنا لما رآه فكيف نعرفه الا من خلال مادته التي يعرضها ليفيد بها الكل…
ولا أنسى أن الرحالة ليسو متشابهون البتّة لا في العرض ولا ﻻي الطريقة لتناول أي مكان بالعالم..
فكل له نظرة واعتبار لما يراه ويشاهده ويفسره فينقله بما فهمه وعرفه..
لذلك لاتنافس بين الرحالة ابدا فكلٌ مدرسة في مجاله..
ولايخفى أن الاستطلاع يجب أن يشمل بلد الرحال نفسه ليكون ثاسع الاطلاع عليم بالمقارنات لكي ينقل مارآه من خلال قيمته الادبية والتراثية لبلدة أولا ثم للعالم…
ولنتجول في أسلوب بعض من الرحالة الذين اتابعهم…
كأن نتابع يوتيوب لابراهيم سرحان باخراجه الكبير والبحث عن الغريب فهو يختلف عن مدونة خالد صديق بجولاته في اسيا وبديع مايكتب عن حياة اجتماعية فريدة…
ولما نستمع لاستطلاع الرحال ابراهيم المطيري في اهتماماته التاريخية فهو بلاشك يختلف عن سناب عاتق الشريف في عرضه لبلدان متنوعة بطريقة مشوقة ..
واما اذا استمعت لسناب عبدالعزيز السلامة بجميل وصفه فهو ينقلك الى اللحظة بالمكان والزمان ، لكن تجد أن عبدالكريم الشطي قد نقلك لعالم آخر بفنه في السفر واكتشاف العجيب خاصّة مايخص امريكا الجنوبية..
وكلنا بانتظار احياء رحلات حمد العسكر فهو مبدع في الوصف بمدونته نهاية رحلة وان شاء الله يرجع لنا بعمل جميل..
وابوالعصافير ربيع الشمراني بجميل محياه وابتسامته التي تحيي المتابع ، وكذلك سلطان المرواني البديع بعرضه التاريخي واسلوبه المميز، والرحال محمد الميموني بسنابه وكشخته التي لايتنازل عنها فله بصمة في العرض لاتخفى على متابع..
وابوعمر العتيبي صاحب المقولة “لاتقتل المتعة يامسلم" ببديع ماينقل عبر السناب, وابراهيم الذهلي المنافس الأكبر لي في عدد دول العالم التي نقلنا اليها والحمدلله أنني مازلت اتقدم خاصّة في رحلتي هذه.. ومعتصم السالمي الذي اقتحم جدار الترحال وهو اتي بقوة ..
وهناك مرتحلون كثر بدأو المسار وارى فيهم مستقبل الرحال العربي المميز وهم عدد لايحصى ولكي لا انسى أحدا فلن اذكر اسماء..
أما ماذكرته من اسماء بداية فهم من تابعتهم وعرفتهم عن قرب لذلك كتبت وليعذرني من نسيته ولم ينساه التاريخ..
اخوكم #الرحال_وائل_الدغفق
ومن هنا نستودعكم الله في استطلاع الآخر لمدينة وهران وتلمسان برحلتي اليها ..
#الرحال_وائل_الدغفق شعبان 1443هـ
#رحال_الخبر مارس2022م
#رودRK